حديث مصور - كلما غربت الشمس تضيء المهرة
- المهرة، الساحل الغربي، عبدالملك النمري :
- 04:33 2022/09/23
في المهرة تبدأ مراسم الغروب، غروب الشمس، في ساعة أبكر منها في باقي المحافظات.
لا تتخطى العقارب الساعة الخامسة مساء في البوابة الشرقية للبلاد إلا ويشرع النهار بالشحوب،
يلوح الشفق على مصراعيها/ سمائها المفتوحة كقلوب أهلها وتنعكس لمعته البرتقالية على البحر المتهادي،
تبدو تلك لقطة جمالية ساحرة، وهذا صحيح؛ لكن ماهو أكثر سحرا الشروق الذي يضوع من أعمدة إنارة شوارع المحافظة من المسيلة غربا وحتى الشرق صرفيت.
يطبق الليل على كامل البلاد ويفشل في المهرة، يحاول المساء إسدال استاره القاتمة على سواحل وصحاري البلدة الطيبة هذه فيحبطه جنود النور، ستكون محظوظا إذا ما حل عليك الظلام وأنت على كورنيش الغيضة، هناك وفي باقي شوارع المحافظة، ستحظى برؤية أعمدة الإنارة وهي تُوقد من تلقاء نفسها معيدةً إلى المكان روحه، راسمة سلَّما متوهجا يصل الأرض بالسماء وبزمن الدولة.
لطالما كانت المهرة مصدر الضوء والوحي، وما مشروع إنارة شوارعها بالطاقة البديلة (الشمسية) المحقق بتوجيه وعناية المحافظ محمد علي ياسر إلا لمعة هادية يمكن لسلطات المحافظات المحررة الأخرى اتِّباعها للخروج من المتاهة المظلمة.
تنام المدن، كل المدن اليمنية باكراً منذ سنوات الحرب الثمان وانعكاسها على خدمة الكهرباء، تذوب الشمس في البحر؛ فيخلي السكان الشوارع للظلام الموحش والكلاب الظالة، والمنازل هي الأخرى في انطفاء إلا من لمحات أو كهرباء تجارية باهظة، العتمة معضلة الجميع ودوامتهم، بيد أنها لا تمثل إشكالا في المهرة.
خلال تنقلي في كامل الأجزاء الحرة في البلاد لم ألمس حضورا كاملا للدولة خارج المهرة، فيما عدا الجغرافيا المزدهرة هذه تتهالك الدولة وتبتعد، لا خدمات، لا استقرار، لا شيء حرفيا، السلطات هناك بلا طموح ولا نوايا، والعكس صحيح في المهرة، المحافظة المحظوظة ليس بابتعاد أيادي الحرب عنها فحسب بل وباقتراب أيادي ابناءها المخلصين منها.
لا يسعني في مقال رصد ما تعيشه المحافظة من طفرة مشاريع تنموية، من بينها جميعا أجدني قريباً ومنجذبا إلى الوهج الذي أوقدته الطاقة البديلة في شوارع مديرية الغيضة، ومداخل مديريات المسيلة، وسيحوت، وقشن، وحصوين، وحوف، وأنفاق فرتك بصمة الرئيس الأسبق صالح.
إقرأ أيضاً:
- من الساحل الشرقي (7)- محمية حوف "غابة الضباب" تتأنق.. لكن النفايات تلطخ سندسها الأخضر!
- بالفيديو- أثر صالح (1): الضوء بداية أنفاق فرتك.. المشروع الاستراتيجي الذي ربط المهرة باليمن واليمن بدول الخليج
- من الساحل الشرقي (3): في الأعياد أبواب المهريين كقلوبهم مفتوحة
مشروع حيوي تنموي واقتصادي هام، أوصى به الكثير من المختصين على مدى سنوات مضت لأسباب أهمها تخفيف الأحمال الزائدة على الكهرباء وحل مشكلة عجز التوليد والانطفاءات، وتوفير الوقود، وترشيد الاستهلاك.
ولعل من المفيد إيراد المعلومات الخبرية المتعلقة بالمشروع:
المشروع انطلق في العام 2021 بتوجيهات محافظ المحافظة محمد علي ياسر وتمويل فرع شركة النفط اليمنية، بكلفة حوالي 2 مليون و286ألف دولار.
كانت العاصمة الغيضة نقطة الانطلاق، وخصص لها "252" عمود إنارة، و"573" كشافة تغطي مايزيد عن "31" كيلو متر من المسافة، وزعت على الشوارع الرئيسية وبعض الشوارع الداخلية، إضافةً إلى مدينتي ضبوت ونشطون، والأنفاق التي تم بدء العمل في تركيب الإنارات للنفق الأول ومن ثم سينتقل العمل في الأنفاق الثلاثة الأخرى تواليًا.
وبمسافات وأعداد متفاوتة من الكشافات وأعمدة الإنارة توزعت على المداخل الرئيسية لمديريات المسيلة وسيحوت وقشن وحصوين، وعلى ما يقارب من "10 كيلومتر" من المساحة، تم إنجاز وتركيب عدد "361" وحدة إنارة، و"259" ذراع مصباحي وعمود إنارة، بينما سيدشن العمل في إنارة مدخل مديرية حوف في المرحلة الثالثة من المشروع.