من الساحل الشرقي (3): في الأعياد أبواب المهريين كقلوبهم مفتوحة

  • المهرة، الساحل الغربي، عبدالملك النمري :
  • 10:10 2022/05/05

قد يتشابه العيد من حيث استقبال السكان له واحتفاءهم به في محافظات اليمن، إلا أن له في بوابتها الشرقية، محافظة المهرة، وقع مختلف في قلوب الصغار والكبار على السواء.
 
سمعت مرارا عن فرادة تجربة قضاء لحظات العيد بين أوساط السكان المهريين، وفي ظل رتابة وسأم الأعياد حيث قضيتها على الأقل؛ وضعتُ عيشَ التجربةِ تلك ضمن الأهميات، وقد رأيت في وجودي بحضرموت المتاخمة فرصة مواتية فيممت وجهي شطر الغيظة غير عابىء بساعات السفر الـ24، تقل أو تزيد.
 
في المهرة تقفز الشمس إلى السماء أبكر من أي مكان في اليمن، وفي الواقع ليست عجِلة في النهوض فحسب بل تشرق ساخنة أيضًا، لهذا فأداء صلاة العيد في منبسط مكشوف، كما يحدث عادة في المحافظات الأخرى، فكرةٌ مستبعدة هنا.
 
 
الزي الذكوري الطاغي، في العيد أو في غيره، بالمهرة هو "الشميز والمعوز"، ويفضل الغالبية أن تكون ألوانها في أكثر درجاتها تفتحًا، الأمر الذي يرسم على مساحة المصلى لوحة مزدهرة بالألوان المختلفة.
 
في خطبته الموجزة، خصص الإمام الجزء النهائي من حديثه- وقد كان الجزء الأطول بالمناسبة- لحض المصلين على الفرحة ولا شيء غير الفرحة بالعيد، من شدة حماسته بدا وكأنه يريد أن يقول" هذه فرصة أخيرة للفرح وعليكم انتهازها جيداً، خِراف الرب اللطفاء"، لكن ما لفت انتباهي هو دعوته الحثيثة إلى التزوار ليس بين الأرحام فقط بل والجيران، "والله الله بالأطفال كل الأطفال". هكذا ختم حديثه.
 
 
ما من مبالغة في القول إن أبواب المنازل المهرية في العيد، كما قلوب سكانها، مفتوحة على مصراعيها أمام الجميع، 
 
تجري العادة هنا، منذ الأزل، بأن ينفضّ الجميع بعد انقضاء صلاة العيد في زيارة الجميع إلى بيوتهم.
 
على دفعات يتنقلون، واسمحوا لي بأن أقول، كسرب فراشات، بين المنازل، المنازل التي لن تحتاج لتدخلها سوى إلى دفع بابها الموارب؛ فيعانقك البخور، وفي المجلس المتألق تنتظرك طاولة أنيقة عليها "مكسرات، حلوى، عصائر، قهوة وكل ما يُتناول ويُشرب"، إضافة إلى زجاجات عطر مختلفة.
لعل المدهش أن الطاولات تلك على اختلاف ألوانها، أشكالها، تظل عامرة أمام القادمين على مدار ثلاثة أيام، أمّا الألذ على الإطلاق، بالنسبة لي، أنها لا تخلوا من شرائح الأناناس، أشهى فواكه الله عندي بعد العنبروت ونهديها الصغيرين، أعني نهدي صديقتي.
 
 
ويشعر المهريون بالزهو نظير عادتهم وتقليدهم التي والذي يجدون أنهما يزيدان من تماسك المتجمع، ويعمدان السكان، كل السكان، بدِين التآخي.
 
مع ذلك عبر الشباب عن امتعاضهم لا لأن عادات وتقاليد كهذه انمحت في المدينة، إنما ولأنها في طريقها إلى التلاشي في القرى والبوادي أيضًا.
 
يقولون بأن أعداد الجوّالون الذين شاركتهم أنا طقسهم هذا العيد في منطقة "الفيدمي" أقل مقارنة بالعيد الفائت وأقل بكثير بالذي قبله، وهو من وجهة نظرهم خطر يستدعي أن تقرع لأجله النواقيس.
 
ومن تجربتي أستطيع التأكيد بأن غيمة العطور المختلطة ليست فقط ما يسبقك لدى انتهائك من "رحلة المعايدة" هذه، في الحقيقة يتقدمك كرشك المُتخم كذلك، غير أن الأهم من هذا وذاك، هو ما يتولد فيك من شعور مختلف حيال وجودك هنا، شعور بأنك بت تملك عائلة كبيرة.

ذات صلة