أحزان "فرح".. طفلة قرية الصياحي بالضباب: "قذيفة حوثية بترت رجلي"

  • تعز، الساحل الغربي، حسين الفضلي:
  • 03:55 2022/03/19

"عندما شعرتُ أنني بدون قدم كرهت كل شيء، كرهتُ اللعب والمدرسة وحتى الخروج"
 
بعد أن أصيب والدها وكُسرت قدمه، اضطرت الطفلة فرح العزب، في العاشر من عمرها، للخروج من منزلها مع رفيقاتها لجلب الماء، لكن شبح الموت كان يترصدها لتسقط بجانبها قذيفة حوثية تسببت في بتر ساقها الأيمن مخلفة لها ويلات من المعاناة في حائط الزمن.
 
فرح واحدة من بين كثيرين من أبناء قرية الصياحي بالضباب، غربي تعز، حيث لقي العشرات من أبناء هذه القرية مصيرهم ما بين الموت أو الإصابة جراء القذائف الحوثية المتتالية التي تستهدفها بين الحين والآخر، والتي تسببت في بتر ساق فرح في شهر أبريل من عام 2017م.
 
مأساة الإصابة
 
تستذكر فرح العزب مأساتها لـ"الساحل الغربي": "خرجت لجلب الماء، جاءت قذيفة حوثية وقطعت رجلي". أثناء طريقها لجلب الماء مع رفيقاتها انهالت عليهن قذيفتان؛ الأولى سببت لهن الخوف والذعر لكنها لم تصبهن. بينما الثانية في الوقت نفسه اصطادت فرح لتجد نفسها بالمستشفى.
 
خرجت لجلب الماء لكن قذائف المليشيات سرقت طفولتها وقدمها
خرجت لجلب الماء لكن قذائف المليشيات سرقت طفولتها وقدمها
 
نقل الجيران فرح إلى المدينة، لكن أربعة مستشفيات رفضت استقبال الحالة، كونها حرجة وخطيرة، حسب تصنيف الأطباء، لينتهي بها المطاف في مستشفى الصفوة ترقد إلى جوار أبيها الذي كُسرت قدمه أثناء إسعافه لجيرانه المصابين سلفاً بسبب قذائف المليشيات.
 
قرر لفرح في المستشفى بتر قدمها، لكن والدها كان رافضاً بقوة، إلى أن اضطر للموافقة على البتر بعد أن تأكد أن ساق فرح منتهية تماماً، لتصحو فرح بعدها برجل مبتورة، وهو الألم الذي رافقها أكثر من ألم القذيفة نفسها، حسب ما وصفت.
 
 
وتضيف لـ"الساحل الغربي"، "عندما شعرتُ أنني بدون قدم كرهت كل شيء، كرهتُ اللعب والمدرسة وحتى الخروج". لم تكن فرح قادرة على استيعاب أن تصبح بساق مبتورة، استمرت بالبكاء لوقت طويل بحسرة شديدة ما زالت ترافقها إلى الآن، إلا أن والدها كان لها سنداً حقيقياً أخرجها مما هي فيه ولو قليلا. 
 
فقدانها السند
 
طوال الفترة العلاجية لفرح ظل والدها يعمل على تشجيعها وعودتها للحياة بشكل طبيعي تدريجياً، حيث ساعدها على تركيب قدم صناعية في عدن، ومن ثم مساعدتها بالخروج من حالتها الصعبة التي كانت تعيشها، ومن ثم بعوتها إلى الدراسة.
 
 
تقول فرح: "كنت أكره العيش بعد فقد طرفي، لكن أبي ساعدني بكل شيء للعودة إلى المدرسة والخروج من البيت، وشجعني على كل شيء".
 
وبعد عودة فرح إلى المدرسة واستمرارها في الذهاب والإياب ولو أنه كان يكلفها كثيراً من الوقت والجهد نظراً لبعد المسافة بين منزلها والمدرسة، إلا أنها تفاجأت في إحدى الصباحات الدراسية باستدعائها من المدرسة إلى البيت بحجة أن هناك صحفيين، وعند عوتها وجدت والدها قد رحل إلى الأبد.
عانى والد فرح بعد بتر قدمها كثيراً، حيث أصابته أمراض عدة من بينها السكر والضغط والقلب والتي ترجعها فرح إلى حسرته وهمومه تجاهها، فتقول وهي تغالب دموعها "عندما توفي أبي لم أتحمل ذلك، فقد كان يعني لي كل شيء، كان لي الأب والأم التي توفت أول طفولتي".
 
التشبث بالحلم
 
عادت فرح بعد وفاة والدها مجدداً للحياة متمسكة بوصيته في إكمال تعليمها لتحقيق طموحها في أن تكون إعلامية، ففي كل صباح دراسي تغدو فرح باكراً إلى المدرسة لإكمال تعليمها المدرسي رغم ما يكلفها من جهد ووقت.
 
وتتابع فرح لـ"الساحل الغربي": رغم إعاقتي بفقد قدمي إلا أنني أواصل التعليم من أجل والدي ومن أجل أكون إعلامية أنقل معاناة الناس واليمن بأكمله"، فتتشبث بالحلم من أجل طرق آذان العالم جراء المعاناة القائمة في البلاد والتي تتسبب بها مليشيا الحوثي في الحرب التي تخوضها ضد الحكومة الشرعية منذ مارس/ آذار 2015م.
 
وتعد محافظة تعز من أكثر المحافظات اليمنية المتأثرة بعنف الحرب التي تفرضها المليشيات الحوثية، حيث تتعرض بشكل شبه يومي للقصف العشوائي من قبل المليشيات الذي خلف منذ بداية الحرب آلاف الضحايا من المدنيين الأبرياء بين قتلى وجرحى فقدوا أجزاء من أجسادهم، وهناك آلاف الضحايا من أمثال فرح ينتظرون بصيص أمل لإنهاء الحرب التي تقودها المليشيات قبل أن تُنهي قذائفها ما تبقى من حياتهم.

ذات صلة