جميلة قاسم سرق لغم حوثي رجليها "تريد أن تمشي خطوتين باليوم": "أعيش مسجونة بالحياة"!
- تعز، الساحل الغربي، حسين الفضلي:
- 09:11 2021/07/21
تعيش "جميلة قاسم" بدون رجلين منذ أن سرق اللغم رجليها في منتصف عام 2016م وشوه أجزاء من جسمها عندما كانت ترعى الأغنام في الحبيل جوار سور جامعة تعز.
تفاصيل الحادثة
تسترجع جميلة قاسم ل"الساحل الغربي" تفاصيل قصتها كواحدة من عشرات الضحايا اللاتي سرقت الألغام أجزاء من أجسامهن، وتقول بصوت يخنقه البكاء: "كنت مروح (في طريق العودة) إلى البيت بالغنم وفجأة لقيت نفسي على الأرض وبدون أرجل ولا أقدر على الحركة".
نُقلت "جميلة" إلى مستشفى الثورة، وخضعت لإجراء العمليات اللازمة هناك، وبقيت شبه مغمى عليها أسبوعين ولم تدرك حقيقة الألم وفقدها للرجلين إلا بعد هذه المدة الزمنية داخل المستشفى.
تتابع "جميلة" سرد قصة المعاناة التي تجرعتها وهي تغالب دموعها: "عندما علمت أني بدون أرجل تماماً، كان وجع أكثر من وجع الجسم، ولم اقدر اتخيل كيف سأعيش بدون أرجل".
أوقفت الدموع حديث "جميلة" لبرهة من الزمن عندما كانت تستذكر مرحلة معرفتها بفقدان المشي، واهتمامها بأبنائها الأربعة، بل وكيفية رعي الأغنام ومساعدة زوجها في تدبير شؤون البيت وفي كل هذه التفاصيل التي لا تزال تؤرق قلبها لليوم. حد تعبيرها.
"أريد أن أمشي، تعبت من الجلوس، أريد حتى خطوتين باليوم. هكذا بدون أرجل أعيش مسجونة في الحياة".
سنحت الفرصة لجميلة بالسفر بمعية زوجها إلى جانب عشرات الجرحى إلى تركيا من أجل تركيب الأقدام الصناعية واستكمال العلاج ومن أجل الحصول على جلسات الدعم النفسي، لكن عند وصولها تركيا ظلت رهينة المعاناة والنسيان مجدداً.
تقول جميلة إنها تعيش سجينة على الحياة وتريد أن تمشي مجددا
تضيف "جميلة" للساحل الغربي: "عند وصولنا إلى تركيا نسانا الجميع وبقينا أربعة أشهر ننتظر العلاج والأطراف الصناعية لكنهم كانوا يقولون لنا إن الفلوس لم تصل ويواعدونا من يوم إلى آخر".
تمكنت "جميلة" من الحصول على الأطراف الصناعية بعد ثمانية أشهر من تركها في درب المعاناة ونسيانها في قدر اللا معلوم لتعود إلى عدن ومن ثم إلى تعز.
بدوره يقول زوجها إبراهيم هزاع: "يئسنا من الانتظار والإهمال، لكن تحصلنا على الأطراف الصناعية وسفروا بنا إلى عدن واستلفنا حق الطريق من عدن إلى تعز. لكن الأطراف لم يكونوا مناسبين لها ولم تستطع حتى أن تمشي قليل بهم".
معاناة
"جميلة" واحدة من عشرات الجرحى اللاتي فقدن أجزاء من أجسامهن جراء الألغام، تحلم جميلة بالمشي والحركة ولو بالشيء القليل، وهذا لم تحصل عليه إلى اليوم.
تتابع "جميلة" حديثها ل"الساحل الغربي" وهي تمسح دموعها: "أريد أن أمشي، تعبت من الجلوس، أريد حتى خطوتين باليوم. هكذا بدون أرجل أعيش مسجونة في الحياة".
يزيد من معاناتهن تلك غياب البرامج والمناهج المختصة في علاج مثل تلك الحالات، فلا توجد خدمة الاستشفاء لهن في حالات الطوارئ، والتكفل بعمليات بتر الأعضاء والاهتمام بهن بعد خضوعهن للعملية الجراحية، وغياب تلك البرامج يزيد من حالتهن سوءاً.. لكن جميلة حصلت على كشك صغير من فاعل خير به القليل من المواد الغذائية، لتمضي به بقية حياتها بعيداً عن التفكير في مصيرها والتندم عليه بالبكاء والعويل طوال الوقت.
تضاعفت معاناة "جميلة" بعد إصابتها بمرضي السكر والضغط والتي تحتاج لعلاج مستمر لهما، وبقت أسيرة عالم المأساة الذي غلق عليها الأبواب.
إحصائيات
الكثير من سكان محافظة تعز فقدوا حياتهم في الألغام التي تزرعها جماعة الحوثي، وآخرون فقدوا أجزاء من أجسادهم، حتى أصبحت قراهم الملغمة هاجسا مفزعا يؤرق حياتهم ولا سيما تلك التي لا تزال قريبة من خطوط النار.
وفي مطلع مارس للعام الجاري قالت اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان، في بيانها الصحفي: إن اللجنة حققت في وقائع انفجار الألغام، وأنها تسببت بمقتل 40 امرأة، وإصابة 69 أخريات بإصابات خطرة سببت لمعظمهن إعاقات دائمة وتشوهات مختلفة، منهن “35” ضحية في تعز.
من جهة أخرى ذكر المرصد اليمني للألغام أنه “منذ العام 2015 وحتى مطلع شهر مارس للعام 2021 تسببت الألغام بمقتل وإصابة 3263 مدنياً”.