قصة متحوث في تعز كُلِّف بـ"المهام القذرة" وكُوفئ بالسجن حتى الجنون
- تعز، الساحل الغربي، عبدالصمد القاضي:
- 07:34 2021/04/08
بعد عام من السجن في عنابر معتقل الصالح أخرجت مليشيا الحوثي الشاب العشريني طه محمد الكمالي في حالة نفسية سيئة، إذ فقد صوابه وأصبح مجنوناً متأثراً بالتعذيب الجسدي والنفسي الذي مورس ضده في سجون مليشيات الحوثي.
هذا هو نفسه الذي كان أحد أفراد المليشيات والمدافعين عن رمزية السلالة، وأحد الأشخاص الذين كلفوا بتنفيذ المهام القذرة للمليشيات غربي تعز.
ففي مطلع العام 2014 انضم الكمالي إلى السلك المليشاوي عبر تنظيمها المتسلسل في مديرية السلام ليكون أحد أبرز المجندين في قائمة التجنيد الأولى، استخدمته المليشيات أداة لإذلال أبناء المنطقة ورصد المعارضين لها، في يناير 2015 تسلم مهمة الإشراف على نقطة السمن والصابون بمفرق شرعب، ومارس فيها عمليات اختطاف طالت عدداً من المواطنين اقتيدوا إلى معتقل الصالح، وكان غالبيتهم من شباب المديرية.
ومع اشتداد الحرب كلفته المليشيات بتجنيد الأطفال وتوزيعهم إلى مجاميع لجبهات القتال، استدرجت من خلاله إخوانه وأطفالهم وأولاد عمه، وقبل اعتقاله بفترة وجيزة قتل أربعة من أبناء عمه وأخوه ذو 20 عاماً، ولم يشفع له ذلك ليساق مكبلاً إلى معتقل الصالح ولم يخرج منه إلا بعد أن أصبح مجنوناً تماماً.
عبدالباسط أمين الكمالي، أحد أقاربه، يروي لـ(الساحل الغربي) كيف انساق وأسرته خلف المشروع الحوثي وعاد وحيداً، قائلا، استغلت مليشيات الحوثي، جهله ومعرفته بالقيادي في المليشيات "عمر الشاعر" واستدرجته إلى دواوين الاجتماعات بعزل المديرية التى تشكل نوايا المليشيات (كعزل مجدب والغيل ومخلاف والشريف) وصنعت منه شخصية اعتبارية خلفاً لوالده الذي كان أحد أعضاء المجلس المحلي للمديرية.
يضيف، تم منحه عدداً من الأسلحة الشخصية، فكانت تلك أول خطوة نحو التحشيد العسكري للحوثيين، وخضع لتدريبات عسكرية، ليمارس بعدها عمليات اعتقال في نقطة مفرق شرعب التى عين مشرفا عليها.
وعندما اشدت وتيرة الحرب في تعز منتصف 2015 استدعي للمشاركة في جبهات مختلفة مع قيادة مجموعة من الأطفال المجندين تحت قيادته معظمهم هربوا من أسرهم والتحقوا في صفوف المليشيات بينهم إخوانه وأبناء عمه.
تعرضوا للحجز بعد عملية تصفية المتحوث مقبل عبده علي الكمالي ليفرج عنهم بشرط التوجه إلى الجبهات وتحت إشراف قيادات حوثية مباشرة، استخدمتهم وقود حرب بالجبهات ليقتل أحد إخوانه وأربعة من أولاد عمه ويهرب الآخرون من المعارك مع استمرار نشاطهم العسكري بريف تعز شرعب السلام.
في عام 2018 كلفته مليشيات الحوثي بتعذيب أحد المختطفين في معتقل الصالح، فعذبه حتى فارق الحياة بين يديه، فكانت صدمته النفسية الأولى، لتحتجزه مليشيات الحوثي عاما كاملا مع ممارسات التعذيب النفسي والجسدي على خلفيه وفاة المختطف.
يقول طه إنه تعرض لعمليات تعذيب مختلفة وقاسية كالصعق بالكهرباء أو حرمانه من مياه الشرب والجلد والكي، ليس لشيء سوى أنه اتبع أوامرهم الحرفية بتعذيب المختطف الذي فارق الحياة، وتضاعفت حالته النفسية والاجتماعية وهو يتنقل بين عنابر الاحتجاز بمركز تعز الثقافي ومعتقلات الصالح وسجن أمن المطار.
أفرجت عنه المليشيات وهو بحالة يرثى لها يهذي منفردا ويضحك تارة ويبكي أخرى، استدعت المليشيات والده للحضور، إلى المديرية ثم مارست القيادات الحوثية ضغوطات كبيرة للاستقرار فيها بشكل مستمر، وساقت اصغر أولاده أمجد إلى جبهات القتال، لكنه قتل في ظروف غامضة وهناك معلومات تقول إن وحدة مسلحة تابعة للحوثيين قامت باغتياله.
حاول والده معالجته، متنقلاً بين أطباء علم النفس دون فائدة، فمراحل الصدمات النفسية أعظم من أن تداويها اختصاصات الأطباء، قرر تزويجه عسى أن يخفف عنه، لكنه يعيش خلف أسوار الحياة الزوجية في عالم خيالي يفصله عن الواقع.
لم يجد طريقة أخرى سوى تكبيله بقيود حديدية في زاوية المنزل، حتى يضمن بقاءه لأنه يخشى أن تتخطفه رصاص المليشيات الحوثية ويلحق بمن قتل قبله من أفراد أسرته.
أما والده فيعيش حالة نفسية متدهورة، فكلما التفت حوله، وجد صورة لأحد من أطفاله معلقة على حيطان المنزل.