هل الكذب عند الجماعة الحوثية المارقة عبارة عن جينات وراثية؟

08:45 2020/11/20

"المؤمن" في معتقد الحوثيين، وحسب اصطلاحهم قد يكون كذاباً من الطراز الرفيع، أما حين يتحرى الكذب في أحاديثه ويبدع في تسويق الأكاذيب وابتكار الأخبار الزائفة..
 
لا يتحرى الحوثيون الصدق وانتهاج الحقيقة عند صياغة خطابهم السياسي والديني -على حد سواء- بل نجدهم على العكس من ذلك تماماً يندفعون بِعَدِّهم وعتادهم باتجاه تزييف الحقائق وقلبها رأساً على عقب، أو التلاعب بها واختلاق الأكاذيب والإشاعات، ومن ثم التدافع المحموم لإحلالها مكان الحقائق في أذهان المخاطَبين، عن طريق رفع الصوت والتكرار وتدبيج الشعارات الفضفاضة، واللجوء إلى استثمار التقنيات المتعددة في سبيل ترسيخ الأكاذيب وتسويقها.. أي أنهم ينتجون الأكاذيب ولا يكتفون بالتحايل على العقل والقفز على قدراته في إنتاجها لإحقاق الباطل وإبطال الحق.
 
 
وأي غرابة يجدها العاقل في انتهاج الحوثيين ذلك إذا كانت كل الأدبيات والمصادر التي يتكئ عليها الحوثي هي في مجموعها أدبيات تقوم على مبدأ تقديس الخرافة والاعتداد بها بينما تلغي في -الآن ذاته- دور العقل وتسعى جاهدة إلى تعطيله واتخاذ موقف عدائي منه، الأمر الذي يدفع بالحوثيين إلى صناعة الأكاذيب وابتكار الإشاعات بقصد التشويش على العقل وإرباكه كخطوة أولى تمهد للنيل منه والزج به في غياهب السجون المظلمة، أي أنهم بوعي وقصدية يتعمدون جعل الكذب ديناً يضمن لهم استمرارية البقاء والتسلط على رقاب اليمانيين. 
 
 
فـ"المؤمن" في معتقد الحوثيين، وحسب اصطلاحهم قد يكون كذاباً من الطراز الرفيع، أما حين يتحرى الكذب في أحاديثه ويبدع في تسويق الأكاذيب وابتكار الأخبار الزائفة فمعنى ذلك أنه مؤهل بجدارة للحصول على منصب قيادي أو مهمة إشرافية كأن يكون مشرفاً ثقافياً أو عاهراً اجتماعياً بامتياز، المهم عند صناع القرار الحوثي أن لا يكون المؤمن جباناً، لأنه حينئذ لا يُرجى نفعه فمن الصعب أن يتحول إلى ظهر يركب أو مطية عمياء تحمل مشاريع الموت المجاني وتبشر بلا أدنى بصيرة أو هدى أو كتاب منير.
 
 
ومن هنا يتبين لنا أن الخطاب الحوثي في أدبياته المختلفة وملازمه المتعددة. لا يصدر عن مصادر دينية موثوقة ومعتبرة، فجميع المذاهب على اختلاف مشاربها تمقت الكذب وتنال من شخصية الكاذب، اللهم باستثناء الاثنى عشرية التي تبيح القتل والأكاذيب، وتتعمد تأجيج الفتن وإراقة الدماء وتطوير أساليب الكذب في سبيل تدعيم الخرافات والأباطيل والمرويات المكذوبة وتسريع الأحداث بقصد استعجال خروج المخلص، والحوثيون إنما ينطلقون في خطاباتهم هذه من المبدأ الميكافيللي "الغاية تبرر الوسيلة"، فنجدهم لأجل ذلك ينتهجون الكذب ويكذبون كما يتنفسون ويجعلون من الأكاذيب ديناً لهم، وبالكذب يستحوذون على عقول المغرر بهم، وفي سبيل تثبيت السلطة المغتصَبة يحاولون طمس الجمهورية والقفز على ثوابت الثورة بتزوير الحقائق وسلوكيات السلب والنهب وتطويع القبيلة بخطاب زائف ينتزعون به أبناء القبائل للزج بهم في أتون حروب عبثية تنفيذاً لأجندة خارجية لا تتوافق مع استقلالية القرار السيادي للجمهورية اليمنية ولا يخدم حتى مصالحها في الحاضر ولا في المستقبل، فيطيب لهم المقام كونهم يكذبون ويعيشون على الكذب القائم على الخداع وتقديم المعلومات الزائفة في صورة تبدو وكأنها حقائق.
 
 
بالكذب يحشدون الآلاف من المغرر بهم، وبالكذب يسوقون أفكارهم الظلامية التي تتنافى مع روح العصر ومقتضيات الواقع، وبالكذب كذلك يدفعون الضحايا إلى الصفوف القتالية الأولى لمواجهة مصير مجهول وللقتال دافعاً عن قضايا لا تمثل اليمن ولا تمثلهم وإنما لإرساء دعائم الكذب وتجسيدها للآخرين في صورة انتصارات وهمية تأكل في طريقها الرطب واليابس مهلكة بجهالة متعمدة الحرث والنسل.. وبالكذب يتوعدون أمريكا وإسرائيل بالموت والدمار في ظاهر شعاراتهم، بينما تكشف الأعماق تحالفات سرية وتطمينات بالتطبيع وتوزيع الثروة وتوفير الفرص لابتزاز المملكة ودول الخليج العربي، وترتيبات تكشف عن استعداد تام للتطبيع مع العدو الصهيوني مقابل الإعانة على إسقاط مأرب، والتحكم بمفاصل جمهورية اليمن الشمالي، وتسريع الأحداث المواتية لتحقيق الانفصال لما يعرف بالجنوب العربي.
 
 
ومع أن كل أنواع الكذب مضرة وكل الكاذبين قبيحون، فإن أكثرها ضرراً هو الكذب السياسي، وأقبح الكاذبين هو السياسي الفاسد الذي دمغ وسط جبينه ليخدع البسطاء من الناس بأنها من أثر السجود!! 
 
ولعل التاريخ القريب والبعيد لم يشهد عهداً للكذب والأكاذيب كالذي نشهده في عصرنا الحاضر للحوثيين، وهنا ألا يحق لنا أن نتساءل هل الكذب عند هذه الجماعة المارقة عبارة عن جينات وراثية يتوارثها عناصر الجماعة الحوثية؟ أم أن الأرجح من ذلك أن الكذب دين وشريعة عند هؤلاء؟!