القصة الكاملة لتطويق الحوثي القطاع الخاص

  • الساحل الغربي/ هشام الشبيلي | independentarabia
  • 12:48 2023/09/02

تستخدم ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران الحرب الدائرة في اليمن كلافتة دعائية تمنع عبرها الناس والموظفين من مطالبة الجماعة بأي حقوق أساسية مثل الرواتب وخدمات الكهرباء والمياه والصحة والتعليم وغيرها منذ ثمانية أعوام.
 
وأخيراً تصاعدت المظاهر الاحتجاجية في وجه زعماء الجماعة على خلفية عدم صرف مرتبات موظفي الدولة وبرزت أصوات موالية وأخرى نقابية تتساءل عن مصير الإيرادات الضخمة التي تجنيها صنعاء من بعض الموارد الناتجة من ميناء الحديدة والضرائب الجمركية المرتفعة وإيرادات قطاع الاتصالات اليمنية التي تخضع لسيطرة الحوثي بما في ذلك المناطق التابعة للحكومة الشرعية.
 
 
البرلماني الموالي للحوثي في صنعاء بسام الشاطر قال خلال مداخلة مسجلة له في برلمان صنعاء إن سلطة الحوثيين تفرض رسوماً وجبايات هائلة خارجة عن القانون والدستور، وأكد أن "الجبايات التي تنتزعها جماعته في موانئ الحديدة ارتفعت بنسبة 140 في المئة عما كانت عليه قبل فبراير (شباط) الماضي وفق آلية جديدة أنشأتها الجماعة".
 
مقارنات بين عدن والحديدة
 
وأشار إلى أن التجار يدفعون إتاوات بأضعاف ما كانت عليه في موانئ عدن، مؤكداً أنه بالاستناد إلى الفواتير فإن من كان يدفع ضرائب وجمارك وقيمة مضافة بمبلغ 22 مليون ريال (40 ألف دولار) في موانئ عدن والمنافذ الحوثية المحاذية للمناطق الشرعية، صار يدفع في موانئ الحديدة 54 مليون ريال أي قرابة 100 ألف دولار بسعر صرف العملات في مناطقهم.
 
 
ولفت إلى أن مقترحاً حوثياً قد يفرض جرعة ضريبية جديدة تصل إلى 11.5 في المئة على القطاع التجاري و16.5 في المئة على القطاع الصناعي كضرائب جديدة فوق ما هو مقرر من قبل.
 
 
وفي الجلسة ذاتها تساءل البرلماني الموالي للحوثيين عزام صلاح عن مصير الإيرادات والجبايات التي لا نهاية لها في مناطق حكام صنعاء وماذا تقدم هناك إلى المواطن، وعن إيرادات تراخيص الجيل الرابع التي مُنحت لأربع شركات اتصالات بمبلغ قدره مليار و200 مليون دولار، وفق مساءلة له نقلها التلفزيون الرسمي للحوثيين.
 
مليارات تبخرت
 
الحكومة اليمنية من جهتها أشارت في تصريحات سابقة إلى أن إجمالي إيرادات خزانة الحوثي خلال 2022 - 2023 من قطاعات الضرائب والجمارك والزكاة والأوقاف والنفط والغاز بلغت 4.6 تريليون ريال، أي ما يقارب 8.7 مليار دولار، "وهي ثلاثة أضعاف إيرادات الدولة عام 2014 التي بلغت تريليون و739 مليار ريال، أي ما يقارب 3.2  مليار دولار، شكل بند المرتبات والأجور في الجمهورية منها 927 مليار ريال يمني أي نحو 1.7مليار دولار.
 
 
وقالت الحكومة اليمنية إن "تريليوناً و600 مليار ريال يمني حجم إيرادات المشتقات النفطية الواردة عبر ميناء الحديدة وحدها منذ إعلان الهدنة الأممية في أبريل (نيسان) 2022" أي ما يقارب 3.2 مليار دولار بسعر صرف الدولار في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين. في إشارة إلى أن الايردات الفعلية أعلى بكثير في تقدير الحكومة مما تدعي الجماعة.
 
وذكر وزير الإعلام أن "الإيرادات التي تجنيها ميليشيات الحوثي من المشتقات النفطية الواردة عبر ميناء الحديدة تكفي لتمويل مرتبات موظفي الدولة والمتقاعدين، بانتظام، في المناطق الخاضعة بالقوة لسيطرتها".
 
رفع جديد بنسبة 100 في المئة
 
وعلى رغم المبالغ تلك إلا أن الجماعة اتخذت إجراءات جديدة لجني أموال وإيرادات إضافية من خلال فرض رسوم كاملة وضرائب وجمارك على المستوردين والتجار الذين يستوردون بضائعهم من المنافذ البرية أو البحرية الواقعة تحت سلطة الحكومة الشرعية مرة أخرى بنسبة 100 في المئة حينما تصل البضائع إلى أول منطقة في الأراضي التي تسيطر عليها.
 
وتؤكد وثيقة اطلعت عليها "اندبندنت عربية" موجهة من وزارة المالية إلى مصلحة الجمارك، وجوب تحصيل الرسوم الضريبية والعوائد الأخرى على كل السلع المستوردة عبر المنافذ البرية كما في ميناء الحديدة بنسبة 100 في المئة ابتداء من الثامن من أغسطس (آب) 2023، وهي الخطوة التي دفعت غالبية التجار إلى تحويل وجهتم في الاستيراد إلى ميناء الحديدة، فيما تكتظ المنافذ البرية التي استحدثتها الجماعة بمئات الشاحنات المحملة بالبضائع الآتية من مناطق الشرعية، رفضاً لقرار الحوثي المعلن برفع الضرائب عليها.
 
 
 
الحكومة الشرعية اعتبرت ذلك بمثابة خطوة تصعيدية جديدة تندرج ضمن ما وصفته بالحرب الاقتصادية المعلنة التي تشنها الجماعة على الحكومة والشعب اليمني.
 
التطورات في هذا الصدد دفعت الحكومة اليمنية قبل أيام إلى الحديث عبر مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة، عن "إعادة النظر في التسهيلات المتصلة بإعادة تشغيل ميناء الحديدة من قبل الحوثي واتخاذ الإجراءات والتدابير التي تحفظ مصالح ومقدرات الشعب اليمني".
 
ويرى أستاذ العلوم المالية والمصرفية في جامعة حضرموت محمد الكسادي أن "القرار الحوثي أثر في التجارة البينية بين المناطق الخاضعة لسلطة الشرعية والمناطق الخاضعة لسيطرته وقلل حجم التبادل التجاري وسيضعف بسبب الرسوم التي تفرضها الجماعة في المنافذ، وبالتالي أدت الإجراءات إلى تحويل السفن وجهتها نحو ميناء الحديدة، ولذلك فإن عدد السفن الراسية في ميناء الحديدة وميناء الصليف الآن بلغ أكثر بثلاثة أضعاف السفن الموجودة في ميناء عدن والمكلا، وأصبح التجار بين فكي كماشة تحت سلطة الحوثيين، إن ذهبوا إلى الاستيراد من مناطق الشرعية فهم بحاجة لضرائب وجمارك ورسوم مرة ثانية بنسبة 100 في المئة وإذا استوردوا عبر ميناء الحديدة فعليهم دفع رسوم مرتفعة بنسبة 140 في المئة والضحية في النهاية المواطن الذي يقع على عاتقه دفع كل تلك الضرائب".
 
 
وذكر أن "الميليشيات لديها إيرادات ضخمة بإمكانها أن تصرف منها لكل موظف ثلاثة رواتب في مناطق سيطرتها بشكل منتظم، إلا أنها تريد الإبقاء على الوضع كما هو لاستغلال المواطن اليمني وابتزاز المجتمع الدولي".
 
الحوثي: سلمونا الإيرادات نصرف للجميع
 
ويرفض الحوثي تلك التهم مؤكداً أنه على استعداد لصرف الرواتب لجميع اليمنيين فقط عندما تسلم إليه إيرادات الدولة كاملة، ويعتبر الرواتب ملفاً إنسانياً يجب أن يحسم بعيداً من المساومات السياسية، على حد تعبيره.
 
وفي تغريدة على "إكس"، قال محمد علي الحوثي "عندما تسلم جميع الإيرادات إلى البنك المركزي في صنعاء فنحن مستعدون لصرف المرتبات للجميع على عكس ما يقولونه إن الإيرادات لا تكفي لعدن وما حولها بما فيها واردات النفط".
 
من جهته ذكر الكاتب اليمني سلمان شمسان أن "القطاع الخاص مثلما يوضح بيان اتحاد الغرف التجارية يواجه حرب تصفية، وبالتالي فإن الجبايات الجديدة ستكون أحد أوجه هذه الحرب التي يراد من خلالها السيطرة على القطاع بالقوة".
 
وقال في حديثه إلى "اندبندنت عربية" إن استمرار فتح موانئ الحديدة بهذه الطريقة سيؤدي إلى أزمة حادة اقتصادية وإنسانية وسيشكل عبئاً على المواطن وعلى القطاع الخاص، غير أن الأمل معقود على تحرك التجار المناهض للضرائب الأخيرة.
 
واعتبر أن القطاع الخاص في اليمن بدأ تحركه الفعلي بعدما كان يقتصر على البيانات والتصريحات، وهو مؤشر في نظره إلى "مدى بلوغ الحرب التي يشنها الحوثي مرحلة خطرة جداً لها نتائجها الكارثية على الاقتصاد اليمني والسلام".
 
 

ذات صلة