الساحل الغربي "يكشف" في فبراير والحكومة "تكتشف" في يونيو.. ميناء الحديدة والقطاع الخاص في حرب الاقتصاد الحوثية
- تعز، الساحل الغربي، أمين الوائلي:
- 12:15 2023/06/12
في فبراير الماضي نشر الساحل الغربي تفاصيل ووثائق إجبار مليشيات الحوثي، التجار على توقيع تعهدات بوقف الاستيراد عبر المنافذ الخاضعة لسيطرة الحكومة، وقصر الاستيراد عبر ميناء الحديدة ومطار صنعاء الخاضع لسيطرتها، وفرض شركة ملاحة ونقل تابعة لها كناقل حصري للمستوردين، ضمن مخطط "حرب اقتصادية" يزامن في حلقاته ضرب وتعطيل منشآت وموانئ تصدير الوقود، وتهشيم القطاعين الخاص والمصرفي وتصفية أدوات ومحركات الاقتصاد الوطني اليمني. وفي يونيو انتبهت الحكومة اليمنية على واقع مروع ووجدت نفسها محاصرة بنيران "حرب اقتصادية حوثية" بوصف رئيس الحكومة ووزراء.
خطوات وتحركات مبكرة ومتلاحقة أقدمت عليها مليشيات الحوثي ضمن خطة منهجية واضحة المعالم راحت تتراكم وتراكم فصولها بتسارع لتسعير وتصعيد حرب الاقتصاد وزيادة خنق الحكومة الشرعية، تزامنا مع استهداف موانئ ومنشآت الوقود وتعطيل عمليات التصدير، رافقها استهداف عنيف ومدوٍ للقطاع الخاص والتجار والمستوردين والبنوك والقطاع المصرفي، وحصر الاستيراد عبر ميناء الحديدة ومنع البضائع القادمة عبر ميناء عدن من الوصول وعبور المنافذ إلى مناطق الشمال أو مناطق سيطرة المليشيات، وصولا إلى ما باتت الحكومة اليوم تشكو من أضراره المدمرة وتندد متأخرة جدا بإجراءات مبكرة كان واضحاً بأنها تؤدي إلى مخنق حتمي وبأنها تسعير لحرب أخطر وأسوأ بينما استسلمت الشرعية لوهم الهدنة.
عبرت الحكومة، الأحد، بطريقة نازفة وصوت مبحوح عن ردة فعل متأخرة على فصول وحلقات حرب اقتصادية متلاحقة راكمتها المليشيات عبر أشهر طويلة، وحذر رئيس الوزراء لسفراء الدول العربية والأجنبية لدى اليمن من "انهيار اقتصادي وإنساني"، داعيا المجتمع الدولي إلى أخذ مبادرات وتقديم مساعدات عاجلة لجهود الحكومة والرئاسي في مواجهة حصار وحرب المليشيات على الإيرادات والتصدير والموانئ والتجار والبنوك وتنقلات الأفراد والبضائع وتقويض القطاع الخاص، وشدد على ضرورة توجيه الدول "رسائل واضحة" للمليشيات الحوثية، وأيضا دعم جهود "ردع حرب الاقتصاد الحوثية".
تزامنا أدلى وزير الإعلام والثقافة والسياحة بتصريحات مشابهة، وقال أن تعميم مليشيا الحوثي الإرهابية التابعة لايران، بمنع حركة البضائع والناقلات بين المنافذ في المناطق المحررة والمناطق الخاضعة بالقوة لسيطرتها بهدف إجبار التجار على الاستيراد عبر ميناء الحديدة، تصعيد جديد وخطير يفاقم الاوضاع الانسانية المتردية، وينذر بكارثة اقتصادية قادمة.
لكن الكارثة واقعة وحاصلة بالفعل، إذا تجاوزنا الخطاب الرسمي المتطبع على العجز وانعدام الحيلة. فطالما حدث هذا وراح يحدث تباعا، وتعامت الحكومة عن رؤية ما يحدث وبقيت مستسلمة لمنادمة المبعوثين والسفراء ومراهنة على بيضة معجزة ديك المجتمع الدولي، عندما كانت تمنع مليشيا الحوثي مئات الشاحنات التجارية في المنافذ الجمركية الحوثية المستحدثة في كل من تعز والبيضاء وصنعاء من إدخال شحنات البضائع التابعة لهم إلا بموجب تعهد يقدمونه لها، بعدم الاستيراد مرة أخرى من المناطق المحررة والتوجه إلى موانئ الحديدة. ويلزم قرار حوثي جميع التجار في مناطق سيطرتها بالتعامل حصراً عبر موانئ الحديدة، عبر شركة ملاحية حوثية اتفق معها الحوثي على تخصيص سفينتين فقط لشحن البضائع عبر الحديدة.
وعبر أشهر طويلة تراكمت الأحداث والوقائع والأخبار تملأ الفضاء تجاه عمليات استهداف ممنهج للقطاع الخاص والبيوت التجارية، ولا تحصى المرات التي تصدرت هذه المضامين هناوين التقارير والأخبار، وصولا إلى الإطاحة برأس ورئاسة القطاع الخاص والغرف التجارية وفرض قيادة سلالية لتنفيذ ما يملى وأملي سلفا وتهشيم التجار الرافضين والذين قاوموا وحتى إصدار البيان الأخير والشهير قبل اقتحام مقر الغرفة والانقلاب على قيادتها المنتخبة بصنعاء وتنصيب قيادة حوثية. ولا يعني شيئا الآن أو كشفا أن يقول رئيس الحكومة ووزيره للإعلام إن هذه "خطوات خطيرة"، أو أنها "تندرج ضمن الحرب الاقتصادية... ومساعي المليشيا تجريف القطاع الخاص والقضاء على البيوت التجارية لصالح شركات تجارية ومستثمرين تابعين لها."
ومثلما فعل رئيس الوزراء في لقاءه مع السفراء، الأحد، "طالب الإرياني المجتمع الدولي والامم المتحدة والمبعوثين الأممي والأمريكي بادانة واضحة لهذه الممارسات الاجرامية" (..)، وهي ذاتها علة الدولة والحكومة والقيادة التي أدمنت التنديد والتغريد واستدعاء أو استجداء الوهم والمراهنة على بيضة ديك المجتمع الدولي الذي كان وما يزال فاعلا رئيسا في تسوية كل هذا الخراب وحماية المليشيات والانقلاب والتمكين لهما.