قصة مصورة - مدرسة الفقيد "أكرم الصيادي" في قعطبة.. صمود ونجاح ومناشدة
- الضالع، الساحل الغربي، تقرير/ علي عميران:
- 03:49 2022/12/16
في ظل واقع تعليمي صعب، ووسط كوم من الظروف القاهرة، ما زال هناك بريق أمل يشع، متجاوزاً ظلام اليأس، يحفر بين صخور التغييب، بحثاً عن المستقبل المنشود.. ففي مديرية قعطبة بمحافظة الضالع، هناك مدرسة الفقيد أكرم الصيادي الأساسية في منطقة سهدة، تضم طلاباً من الفئات المهمشة والنازحين والفقراء وغيرهم، اتخذوا من الخيام فصولاً دراسية، ومعلمات متطوعات بدون راتب يقمن بتعليمهم.
وبالرغم من أن الصفوف مكتظة بالطلاب صغار السن ممن يفترشون الأرض في بيئة تعليمية غير مناسبة، التي ينبغي أن تعين الطالب على التلقي وحفظ المعلومة، لكنك ترى طلاب هذه المدرسة شعلة في التعليم والتلقي، أفضل بكثير من طلبة الصفوف الإعدادية في المدارس الأخرى، إذ حققوا نجاحات كبيرة في مختلف المسابقات، والأنشطة في مختلف المجالات، فهم يجيدون الأنشطة اللا صفية، حيث يتميزون بروعة الإنشاد والتمثيل والقدرة على كتابة الشعر والقصة والرسم والخطوط المبهرة بما في ذلك طلاب الصفوف الأولى خصوصاً فئة المهمشين، ورغم كل ذلك لم تلق هذه المدرسة الاهتمام الكافي من قبل الجهات المعنية والمنظمات الدولية العاملة بالمحافظة.
نبذة عن المدرسة
مدرسة الفقيد أكرم الصيادي للتعليم الأساسي بمنطقة سهدة في مديرية قعطبة يطلق عليها اسم "مدرسة المهمشين"، كانت فكرة، فأصبحت حقيقة، لتصبح المدرسة النموذجية المتصدرة بالتعليم ومخرجاته، فهي مدرسة أسست في مبنى خاص، والآن فصول دراسية من الخيام تضم أكثر من 290 طالبة و310 طلاب، يقوم بتعليمهم 18 معلمة متطوعة دون رواتب شهرية، وهبن أنفسهن لخدمة التعليم دون كلل أو ملل.
نجاح مستمر.. وتعليم جيد
احتلت مدرسة الفقيد أكرم، الصدارة في التعليم وجودته، للجهود التي تبذلها معلمات المدرسة، إذ يعتبر التعليم فيها ذا جودة عالية، وقد جعلت الإدارة جودة التعليم هدفاً لها، شجع من خلاله إقبال العديد من الطلاب الدارسين في المدارس الحكومية والأهلية للدراسة فيها، وقد جعلت مادة الانجليزي أساسية لطلابها، وهذا ما أثار إعجابنا عند تجولنا في الصفوف والتلاميذ يمتحنون مادة الانجليزي.
وحققت المدرسة نجاحات كبيرة في مختلف الأنشطة والمسابقات العلمية المدرسية بالمديرية، وتعتبر أول مدرسة انبثق منها النور عن طريق القراءة والكتابة لطلاب الصفوف الأولى عن طريق تطبيق نهج القراءة المبكرة، حيث إن المدرسة حصلت على المركز الأول بمسابقة القراءة والكتابة في المسابقة التي أقامتها إدارة التربية بالمديرية عام 2020 للصفوف الأولى، وكذلك ساهمت بتنفيذ العديد من المبادرات المجتمعية التطوعية مع معلمات المدرسة، ساهمت في رفع مستوى الوعي الصحي بين أوساط المجتمع خلال جائحة فيروس كورونا، والنزول إلى المخيمات وكذلك تنظيم احتفالات مميزة على مستوى المديرية لعدة مناسبات ومنها مناسبة الأعياد الوطنية، وغيرها من الأنشطة والفعاليات التي تنفذها معلمات وطلاب المدرسة، خلال السنوات الماضية والتي نالت استحسان وإعجاب وتقدير الجميع من مختلف القطاعات الخاصة والعامة.
إدارة وفصول المدرسة.. معاناة بلاحدود
خلال تجوالنا في ساحة المدرسة سألنا مديرة المدرسة اسمهان القرشي عن مكان إدارة المدرسة، فردت بكل ألم وحسرة: الإدارة هنا، وأشارت إلى كرسي يقبع تحت شجرة تتخذ منها إدارة المدرسة إدارة لها، إذ تعتبر تلك الشجرة وذاك الكرسي هو مكتبها في المدرسة، ومكان الإدارة، وفيه تمارس مختلف أعمال وأنشطة الإدارة.
وحول الفصول الدراسية، قالت إنها عبارة عن خيام تحوي أكثر من 600 طالب وطالبة، موزعين على 8 خيام دراسية يتلقون تعليمهم في بيئة تعليمية غير ملائمة للتعليم وغير كافية فهناك شعبتان تتلقيان التعليم تحت سطح مبنى مكشوف خلال الفصل الدراسي الأول وأثناء الامتحانات فقد تم إخراج التلاميذ من المبنى بحجة استكمال البناء وهذا ما كان، حيث هذا الوضع سيشكل عائقا على إدارة المدرسة والمعلمات والتلاميذ عند بداية الفصل الدراسي الثاني..
المعلمات المتطوعات.. صمود ونجاح وإرادة لا تتوقف
تتحدث وكيلة المدرسة المعلمة المتطوعة تغريد المنصوب، بالقول: هناك 18 معلمة متطوعة يعملن في المدرسة بشكل طوعي وبدون أي رواتب منذ تأسيس المدرسة.
وعن دعم المنظمات الدولية والجهات المعنية، أشارت أنه كان هناك حافز شهري بسيط يقدم للمتطوعات من منظمة إنقاذ الدولية، ولكنه توقف خلال العام الدراسي الحالي، ورغم توقف الحافز الشهري في ظل الظروف المعيشية الصعبة لمعلمات المدرسة، هناك معلمات يحضرن من قعطبة إلى سهدة مشياً وليس هناك ما يقدم لهن ولو أجرة مواصلات، إلا أنهن واصلن صمودهن وحققن النجاح، واستمررن بمواصلة التعليم، متحملات على عاتقهن مسؤولية كبيرة من خلال حرصهن على مستقبل الطلاب وتعليمهم، بدلا من الضياع والتسرب.
ودعت المنظمات الداعمة للتعليم ورجال الخير والأعمال إلى الالتفات ودعم المدرسة والمتطوعات.
مكان للتعايش
في هذه المدرسة ترى مكاناً للتعايش وذوباناً للفوارق، حيث تجد المهمشين واللاجئين الصوماليين والنازحين، مع أبناء المنطقة يجمعهم صف دراسي واحد، ومما يلفت الانتباه وقت الاستراحة يتكونون مجموعات يأكلون ويشربون من إناء واحد، أبيض مع أسود.. إضافة إلى ذلك تبادل الزيارات بينهم ومعلمات المدرسة، ولا مكان فيها للتنمر.
مناشدة للجهات الحكومية والمنظمات الدولية
وجهت إدارة المدرسة مناشدة للجهات الحكومية والمنظمات الدولية، للنظر بعين الاعتبار لحال مدرسة الفقيد أكرم الصيادي، وإعطائها الاهتمام والأولوية في توفير مبنى للمدرسة والوفاء بالوعد من قبل المسؤولين بمكاتب التربية بالمحافظة والمديرية، كون الخيام تتعرض بين الحين والآخر للتلف، نتيجة لتسرب مياه الأمطار إلى داخلها، وكذلك توفير كافة متطلبات ومستلزمات المدرسة، كونها تفتقد لأبسط المقومات التي تعينها على البقاء، بالرغم من إرادة التحدي لدى المعلمات.
فالمدرسة بحاجة إلى لفتة إنسانية من قبل الجهات الحكومية، والمنظمات الدولية المهتمة بالتعليم لتوفير مبنى وفصول دراسية للطلاب، وكذلك اعتماد نفقات وحوافز ومكافآت لمعلمات المدرسة المتطوعات لإعانتهن على مواجهة متطلبات الحياة ودفع إيجار المواصلات لمن يحضرن من الأماكن البعيدة، والجميع يبذلن جهودا كبيرة تفوق التصور.