خرافة "عزل الحوثي عن إيران".. استراتيجية بايدن تحقق فشلا عظيما في اليمن

08:45 2022/10/07

في اللحظات الأخيرة تراجع الحوثيون، رغماً عن نجاح وتطمينات وتأكيدات وساطة عمانية بطلب من واشنطن. إنها الأوامر من إيران.
 
لا يقتصر الأمر فقط على رفض تمديد هدنة داخلية، بل يتعداه إلى فرض تصعيد إقليمي (..) أو التهديد بهذا.
 
الهدنة بذاتها ليست القصة، إنما التهديدات الإيرانية العابرة.
 
يدرك الأميركيون أن هذا هو الواقع ببساطة، ولكنهم سيقولون وبتعبير ليندركينغ "لا نعرف" أو "غير متأكدين". 
 
الواقع أن استراتيجية بايدن وإدارته تحقق فشلاً ذريعاً عظيماً للغاية في اليمن والمنطقة. ليس هناك من يتطوع لتهنئتهم، ربما الإيرانيون ملزمون بهذا رداً للجميل!
 
فرضية عزل الحوثي عن إيران والاستعاضة عنها بالدور والوساطة العمانية أو الاستعانة بعمان لسد الفراغ، هكذا وبهذه الببساطة المريحة وكما كررها وكرّسها سياسيون في إدارة بايدن، وصلت أخيراً إلى عزل أميركا نفسها. في اللحظات الأخيرة ومع أول امتحان مزق الحوثيون الوساطة العمانية ووعودهم وموافقاتهم لها وتحدثوا إيراني.
 
ليس من قبيل الصدفة أن تتزامن في كل من بغداد وصنعاء تهديدات متشابهة متطرفة وعنيفة وعدائية وعلنية بشن هجمات واعتداءات عابرة إزاء مراكز وحقول الطاقة والإنتاج والملاحة وحركة النقل الحيوي والملاحي.
 
إذا كنت على قدر يسير من الاطلاع والمعرفة البسيطة بما يحدث فأنت محصن ضد الاستغفال والاستغباء الذي تمارسه بحق الجمهور والرأي العام، مليشيات إيران وقيادات بالونية تتصدى فجأة وفي لحظات لافتة وتوقيت حساس وبالتراجع الكلي ضد سلسلة مواقف وموافقات سياسية على صلة بالشأن الداخلي والتفاوضي المتعلق بالهدنة في اليمن مثلاً؛ إيران أملت وأمرت!
 
في الواقع، فإن الحوثيين، مثلهم مثل ألوية الوعد الحق وعشرات غيرها من الأسماء والعناوين العصاباتية في العراق؛ مجرد قفازات وأدوات أذية وشر مصنوعة ومعمولة ومنتجة ومشغلة بفعل فاعل ومحرك واحد تدين به بكل شيء، بالطاعة والسمع والولاء والخدمة وحتى بوجودها، ولذلك فإن مجرد تصور أن يكون لهؤلاء إرادة وقرار وخيار بعيداً عن وحي ورغبة وتوجيه سيدها ومحركها في إيران هو تغابٍ مجاني جداً!
 
تزايدت الشواهد وتعاقبت مراراً ومن جولة لأخرى عبر السنوات الأخيرة إزاء تبعية الأدوات والمليشيات المحلية والإقليمية لمزاج وأجندة ومصالح المشغل الممول الإيراني. إنهم مرتزقة بكل ما في الكلمة والتسمية من معنى، يدورون في فلك سيدهم.
 
الموقف الحوثي من اتفاق تمديد الهدنة، والتراجع المباغت في اللحظات الأخيرة عن موافقة مسبقة أعطاها مفاوضوهم في مسقط، طبقاً لكافة الشهادات والتصريحات الأممية والأميركية المتطابقة في هذا الجانب ومثلها التأكيدات اليمنية والخليجية، جاء تبعاً لمؤشر إرادة وحاجة ومصلحة إيرانية قصوى، وتندرج ضمن هذا الموقف أيضا التهديدات التصعيدية العلنية المتتابعة خلال وقت قصير من قبل قيادات ومسميات حوثية.
 
لا علاقة لهذا كله بمصلحة وحاجة اليمنيين ومسار الهدنة والقضايا الداخلية. إن التصعيد الإقليمي والعابر وإغراق المنطقة في الفوضى هو هدف إقليمي وسيناريو إيراني متكرر، وخذ على ذلك مثالا صارخا وقريبا كالذي حدث العام 2019. مليشيات إيران في اليمن والعراق وأماكن أخرى مارست التصعيد والتضليل وتبادل الأدوار والمسؤوليات وراء هجمات عابرة بأمر الحرس الثوري الإيراني.
 
اتساع رقعة وحدة المظاهرات والاحتجاجات في إيران على نحو ارتجالي وبصيغة شعبية خالصة أغضب القادة الإيرانيين تماما وهزهم في العمق ولم تفلح كل آلة القمع في تحجيم المظاهرات والغليان الذي راح يتوسع طولا وعرضا، في وقت يختنق الاقتصاد بالعقوبات وتتعقد احتمالات مفاوضات الملف والاتفاق النووي. كل هذا كما تطابقت تحليلات وتوصيات عن مراكز دراسات وسياسات يدفع النظام الإيراني إلى اللعب بورقته المفضلة والجاهزة بإثارة الفوضى وتعميم العنف وصناعة أزمة إقليمية/ دولية على صلة مباشرة بصناعة وانتاج ونقل الطاقة والوقود في وقت فرضت الحرب في أوكرانيا أوضاعا صعبة ومعقدة للغاية بشأن الطاقة والوقود.
 
لهذا يمكنك مجددا أن تتذكر المريب الذي يقول (أو يكاد يقول) خذوني كلما تحدث الحوثيون وإعلامهم عن "السيادة ومصلحة الشعب". لطالما قيل في مناسبات كثيرة إنها "سيادة الأذناب".