إعدام خارج القانون يهز شبوة.. تحرك أمني وقضائي وتحكيم قبلي لاحتواء تداعيات الجريمة
- شبوة، الساحل الغربي:
- قبل 3 ساعة و 33 دقيقة
هزت جريمة قتل خارج إطار القانون محافظة شبوة، وأثارت موجة صدمة وغضب واسعين، عقب تداول مقاطع مصورة تُظهر تنفيذ إعدام ميداني بحق المواطن "باسل المرواح" في مديرية حبان، في واقعة أعادت إلى الواجهة مخاطر الاحتكام للعنف والفوضى خارج مؤسسات الدولة، ودفعت السلطات القضائية والأمنية والوجاهات القبلية إلى التحرك لاحتواء تداعياتها.
وتعود تفاصيل الحادثة إلى يوم الاثنين 15 ديسمبر/كانون الأول 2025، حين انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو توثق تنفيذ عملية قتل وُصفت بـ«الوحشية»، جرت خارج أي مسار قانوني أو قضائي، على خلفية مزاعم تتعلق بجريمة سابقة.
وأكد مصدر أمني مسؤول بمحافظة شبوة أن الأجهزة الأمنية تحركت فور تلقي البلاغ، وانتقلت إلى موقع الحادثة، وتمكنت من محاصرة المكان الذي كان يوجد فيه الجاني، غير أن الجهود الأمنية –بحسب المصدر– لم تُقابل بالتعاون المطلوب، ولم يُسلم المتهم للجهات المختصة، بذريعة «إطفاء الفتنة»، ما أدى إلى تسليمه لأولياء الدم وتنفيذ القتل خارج إطار الدولة والقانون.
ووصف المصدر الأمني ما جرى بـ«الجريمة الشنعاء» التي تخالف القيم الإنسانية والأعراف المجتمعية، مشدداً على أن العدالة لا تتحقق إلا عبر المؤسسات الشرعية، وأن لا أحد فوق القانون، محذراً من الانزلاق نحو الفوضى وثقافة الانتقام.
وعلى وقع الغضب الشعبي وتداول المشاهد المصورة، وجه النائب العام للجمهورية القاضي قاهر مصطفى، نيابة استئناف محافظة شبوة، بفتح تحقيق عاجل في الجريمة، وملاحقة جميع المتورطين في تنفيذ الإعدام خارج نطاق القضاء.
وأفادت مصادر مطلعة بأن النيابة العامة باشرت تحركاتها القانونية بالتنسيق مع السلطة المحلية والأجهزة الأمنية، لجمع الأدلة، والاستماع إلى إفادات الشهود، وتحديد المسؤوليات الجنائية لكل من شارك أو حرض أو سهل تنفيذ الجريمة، في خطوة تعكس إصراراً رسمياً على فرض سلطة القانون وحماية الحق العام.
بالتوازي مع المسارين الأمني والقضائي، شهدت مديرية حبان، الثلاثاء، وساطة قبلية رفيعة المستوى، في محاولة لاحتواء التوتر ومنع تفاقم الأزمة.
وقاد الوساطة الشيخ علي حسن بن دوشل، رئيس حلف أبناء وقبائل محافظة شبوة، بمشاركة وكيل المحافظة الشيخ ناصر محمد القميشي، والعميد عوض سالم ذيبان، إلى جانب عدد من مشايخ وأعيان ووجهاء المحافظة.
وأسفرت الوساطة عن نقل خمسة بنادق بوصفها «مقواد وفاء وتحكيم» من قبيلة آل لسود إلى قبيلة آل باحاج، في إطار الأعراف القبلية المتبعة، كخطوة أولى نحو التهدئة وفتح باب التحكيم.
وأوضح الشيخ علي بن دوشل أن البنادق الخمسة تمثل عدلاً ومقواد تحكيم قبلي، مشيراً إلى أنه سيتم خلال الأيام المقبلة كتابة «ساس التحكيم» وتحديد موعد رسمي لمراسم التحكيم، مؤكداً متانة العلاقات الاجتماعية بين القبيلتين من جيرة وصهارة، ومعرباً عن أسفه لما حدث من تصرفات تخالف القيم والأخلاق الإنسانية.
وتعكس القضية مشهداً معقداً يتقاطع فيه القبلي بالأمني والقضائي، في واحدة من أخطر القضايا التي تمس السلم الاجتماعي وهيبة الدولة.. فبينما تسعى الأعراف القبلية إلى احتواء الغضب ومنع اتساع رقعة العنف، تؤكد السلطات الأمنية والقضائية أن أي معالجة لا يمكن أن تكون بديلة عن العدالة القانونية، أو مبرراً لتجاوز مؤسسات الدولة.
ويحذر حقوقيون من أن التساهل مع جرائم الإعدام خارج القانون من شأنه تكريس ثقافة الإفلات من العقاب، وفتح الباب أمام مزيد من الفوضى، ما يجعل من التحقيقات الجارية واكتمال المسار القضائي اختباراً حقيقياً لجدية الدولة في فرض سيادة القانون.
وبين التحكيم القبلي والتحقيق القضائي، تبقى قضية مقتل باسل المرواح جرس إنذار خطير، يستدعي وقفة جادة من الجميع، لضمان عدم تكرار مثل هذه الجرائم، وترسيخ قناعة راسخة بأن العدالة لا تُنتزع بالعنف، لكنها تُصان بالقانون، حمايةً للأرواح وللسلم الاجتماعي في اليمن.
