الزعيم صالح الذي هزم خصومه حيًّا وميتًا

قبل 6 ساعة و 9 دقيقة

لم تكن التسجيلات الأخيرة التي بثّتها مليشيات الحوثي سوى محاولة يائسة لتشويه صورة الشهيد الزعيم علي عبدالله صالح، لكنها ـ كعادتها ـ انقلبت على رؤوسهم. فبدل أن تنال من مكانته، فقد أعادت تقديمه لليمنيين والعرب كما كان: رجل دولة، وزعيمًا وطنيًا، وقائدًا جمهوريًا صلبًا، عصيًّا على التشويه حتى بعد استشهاده.
 
لقد كشفت تلك التسجيلات، من حيث لا تريد، الفارق الجوهري بين من حكم اليمن بعقل الدولة ومنطق السياسة، وبين من اختطفه بعقل العصابة والخرافة. علي عبدالله صالح أدار السياسة الخارجية بميزان المصالح الوطنية، حافظ على استقلال القرار اليمني، ووازن علاقاته الإقليمية والدولية بما يحفظ سيادة اليمن وكرامته. أما العدو الحوثي، فليس سوى أداة رخيصة لمشروع خارجي، مرتهن لطهران، لا يرى في اليمن سوى ساحة حرب ومنصة صواريخ، ولو احترق الوطن بأكمله.
 
وحين يتعلّق الأمر بالقضية الفلسطينية، تسقط كل أقنعة المليشيا الحوثية فالزعيم صالح لم يكن يومًا صاحب شعارات جوفاء، بل صاحب مواقف وأفعال. هو من أرسل الجيش اليمني إلى جنوب لبنان دفاعًا عن فلسطين وقضيتها، في زمنٍ كانت فيه المواقف تُصنع بالتضحيات لا بالمتاجرة الإعلامية. فلسطين عنده كانت قضية أمة، لا لافتة للاستهلاك السياسي. بينما لم تقدّم مليشيات الحوثي، رغم صراخها الأجوف، سوى استغلال رخيص لمعاناة الفلسطينيين، تتغنى بالقدس إعلاميًا، وتمارس أبشع الجرائم يوميًا بحق اليمنيين.
 
وقبل أن يخرج الحوثي اليوم ليشوّه التاريخ، عليه أن يتذكر حقيقة راسخة: أن الزعيم علي عبدالله صالح هو من واجههم وهم عصابة باغية منذ بدايات تمردها، وخاض ضدهم ست حروب في صعدة، دفاعًا عن الدولة والنظام الجمهوري، بعدما تمردوا على السلطة الشرعية ورفعوا السلاح في وجه اليمنيين. تلك الحروب لم تكن نزوة، بل مواجهة ضرورية مع مشروع سلالي مسلح رفض الدولة والقانون، وأراد فرض نفسه بالقوة والخرافة.
 
وحين بلغ خطر هذه العصابة ذروته، لم يتردد الزعيم صالح في اتخاذ موقفه التاريخي الأخير. ففي ثورة الثاني من ديسمبر 2017، قاتل الحوثيين داخل صنعاء، في عقر دارهم، وفضح حقيقتهم أمام الشعب، واختار أن يفدي اليمن بروحه على أن يسلّمه رهينة لمليشيا كهنوتية. فقد كانت تلك الثورة لحظة فاصلة، كشفت من هو الوطني ومن هو الخائن، ومن يقاتل من أجل الجمهورية ومن يقتل من أجل السلالة.
 
لم تكن ثورة ديسمبر حدثًا عابرًا في الذاكرة الوطنية، بل نارًا جمهورية ما تزال متوهجة حتى اليوم، تتقدّم برايتها قيادة وطنية صلبة، ممثلةً
 بالقائد الجمهوري الفريق طارق صالح، نجل شقيق الزعيم صالح، قائد المقاومة الوطنية، الذي يواصل معركة استعادة الدولة، ويجسّد الامتداد الطبيعي لتلك المواجهة المصيرية مع المشروع الحوثي.
 
إن علي عبدالله صالح، الذي حاولوا اغتيال تاريخه، انتصر عليهم حيًّا حين واجه تمردهم وأسقط أوهامهم، وانتصر عليهم ميتًا حين بقيت سيرته أقوى من كل حملات التحريض والتزييف. يكرهونه لأنه كان نقيضهم الكامل: كان جمهورية وهم سلالة، كان دولة وهم مليشيا، كان وطنًا جامعًا وهم عصابة لا تعيش إلا على الدم والقتل والسلب والنهب والخراب.
 
وهكذا، يسقط العدو الحوثي مرةً أخرى في امتحان التاريخ، وتبقى الحقيقة ناصعة لا تغطيها التسجيلات ولا الأكاذيب: فمن يتسلط على شمال اليمن اليوم هم الذين هزموا وفشلوا ولا يزالون يكذبون على الناس بشتى الوسائل إلى هذه اللحظة، أما علي عبدالله صالح، فقد خدم وطنه ودافع عن شعبه حتى آخر لحظة وعاش المواطن اليمني في عهده أفضل سنوات العمر، حتى خلّد التاريخ هذا القائد، وترك خصومه يتخبطون في مستنقع الحقد، عاجزين عن الرد على رجلٍ هزمهم حيًّا وميتًا...