نحن والانتقالي الجنوبي.. والذين أكلوا السبع!

05:50 2022/03/09

الأفرقاء ناهيك عن الحلفاء أو الأنداد الأسوياء ملتزمون تجاه أنفسهم أولاً، وملزمون بحكم الوجود الكياني الاعتباري بتثمير الاختلافات كفرص لإثراء التجارب ونمذجة الممارسة شراكة فاعلين لا منفعلين.
 
الذين ذهبوا من الساحل إلى شبوة في فعالية سياسية، كانوا يبنون على مكاسب أرساها رفاقهم الذاهبون أولاً إلى شبوة لتحرير مديرياتها الثلاث، وتوغلوا إلى عمق حريب ومأرب. وقبلها ذهب الجميع معاً إلى الحديدة ومقبنة. شراكة الدم سابقة وأوثق.
 
يعرف العمالقة أن المقاومة الوطنية (وطنية) وأن الحراس يلهجون بصنعاء غايةً وهدفاً. كما يعرف الحراس أن العمالقة يتمنطقون بالجنوب حال كونهم ذهبوا ببسالة وفداء إلى جبهات تتوغل شمالاً، وبذلوا القدر نفسه من البطولات والجد والإقدام.
 
يعرف الانتقالي أن المكتب السياسي وليد جبهة وحامل لجهود جبهوية سكبت دماً وعرقاً على الأسفلت والرمل والصخر وتتموضع تحريراً وهدفاً وجودياً شمالاً، كما يوقّع قائدها وجنده ورفاقه ومن هم على عهده وغايته "تحيا الجمهورية اليمنية". واللواء الراية المرفوعة.
 
كما يعرف أهل المقاومة ثم مكتبها السياسي أن الانتقالي هو "الانتقالي الجنوبي" اسماً وهويةً وكياناً ومكوناً، وأن غايته في رايته المرفوعة والمطبوعة والثابتة رمزاً وشعاراً. لا شيء جديد ودائماً كان كل شيء كما هو بهذه الصراحة والعلنية وانتظمت شراكة ورفقة خلال هذه الخلال وبرغمها بل وبفضلها أيضاً.
 
الاختلافات كانت وتبقى فرصة لنمذجة تجربة مختلفة تستوعب الاختلاف وتهضمه وتتقبل حقيقة أن الناس (الكيانات والمكونات) مختلفون لا متطابقين، وبوسعهم الآن ودائماً أن يتقبلوا ذلك ويتعايشوا معه وبه في درب غاية جامعة وآنية أو معجلة لا تتحصل بدونها أولاً وبالضرورة الغايات الذاتية المؤجلة. ويتفق العقلاء، وقالها كبارهم وقادتهم مراراً وتكراراً، نلتزم بشراكة ومشاركة تحرير واستعادة البلاد، بلاد الجميع أو جميع البلاد ولكل غايته الغائية.
 
وفي الحقيقة، ما يخص جانب الانتقالي بالأحرى وبحكم الواقع كنصيف أو مناصف في سلطة وحكومة تمارس السلطة الفعلية، هذا هو ما تكرسه حكومة اتفاق الرياض أو يكرسها الاتفاق؛ شرعية مشروع أو مشروع شرعية يلتقي عليه شركاء وأفرقاء.
 
وبالأحرى فإن جميع الآخرين غير المشمولين بالاتفاق ومخرجاته وناتجه الحكومي هم من مسؤولية شركاء وأفرقاء الاتفاق وحكومته أو الحكومة الاتفاقية وضمن واجباتهم ضمان وحماية حقوق وحريات الجميع بنفس الصدد والغاية مهما بدت مغايرة لغاية طرف أو مكون في الحكومة والسلطة الاتفاقية طالما لا أحد هنا سيشط بعيداً عن مندرجات وسقف الوفاق والاتفاق ومضمونه وهدفه.
 
والآن، الذين ذهبوا لفعالية سياسي شبوة الزوكا هم شبوانيو المقاومة وجنوبيو سياسي المقاومة. وكانوا والانتقالي الجنوبي يجسدون متاحات فرصة الاختلاف الذي تحدثنا عنه والقائم واقعاً من البداية. برغم تشدده في مشروعه وشعاره وخطابه، إلا أن هذا لم ولا يمنع الانتقالي من التعامل مع ممارسة سياسية وفعالية من هذا النوع تضادد غايته المؤجلة ولا تختصم مع أو تصطدم باعتبارية موقعه كنصيف سلطة وحكومة يلتزم واجباتها المرسومة في مادة اتفاق تقاسم وتوافق.
 
الانتقالي الذي يتناقض كلية مع الإصلاح لم يفعل أو يفتعل معركة اجتثاث واستئصال مع الإصلاحيين الذين تسلم منهم بالأمس سلطة وإدارة شبوة نفسها كقيادة ويستبقي الاتفاق والواقع النافذ شراكة الجميع، في المحافظة كما في الحكومة ككل. وهو بالأحرى أكثر قابلية وتفهماً لتواجد وحضور مكونات أخرى سواءً جديدة أو قائمة بالفعل. فما بالك بشريك جبهة ومترس وخندق ودم وغاية جامعة؟
 
لا أدري كم حالفني التوفيق في تبسيط وتأسيس المقدمة التي أتوسلها للخلوص إلى النتيجة والقول: إن الذين ملأوا الأجواء والمنصات ووسائل النشر بمفردات ومواد حملة تصعيد وعراك وتحامل واستقصاد واستهداف تجاه المقاومة ومكتبها وقائدها ومرجعياتها بصدد فعاليتها اليتيمة في صباحية شبوة، بزعم أنهم كانوا يغارون للانتقالي أو عليه (..) بينما راحوا يقترفون عليه أو عنه هذه الصورة القلقة المضطربة المرتبكة والعصاباتية المفتعلة، إنما كانوا يتنكبون الصواب والتوفيق، وحالفهم سوء تقدير كثير، وخالفهم من التوفيق ما كان واحدهم أو جمعهم به جديراً. هل استخفهم مغرض موغر أو استخفوا بقدر وكيان ومسؤولية الانتقالي واللحظة التي يتصدر ويتصدى، أم أن الأمور تحدث هكذا فقط وكيفما تأتي لا لشيء أو سبب إلا لأنها تحدث بفلتان وانفعالات مطلقة القياد؟
 
إنه ليس أسهل من التعارك والتقاذف والتفاصح سجالاً وعراكاً وسباباً واستدعاءً للخلفيات وحشد الكثير من الحزازات والاستدعاءات المفتعلة والداكنة والمزعجة، ولكن أيضاً الفارغة والمفلسة والهراء.
 
أشار لي كثير من الأصدقاء أو الزملاء أو غيرهم في كثير من المنشورات والمواد والعناوين، وتحاشيت تماماً وأبداً أي خوض أو تلبس بعراك جانبي إكباراً لاعتبارات كثيرة وكبيرة حقاً أسلفت الإشارة إليها باختصار. ولكن أيضاً، وهذا هو الأهم، لأن القائد العميد شدد دائماً ويشدد باستمرار وعند كل مناسبة، وهذه إحداها بالأحرى، على ترك المعارك الجانبية الصغيرة والمناسبات المفتعلة تماماً والخرقاء لإفساد المناسبة الجديرة بالاستثمار والتوكيد خلالها على قواسم ومكاسب وأخلاقيات واعتبارات جديرة بالتنويه. 
 
ببساطة، لقد كانوا يستنزفون رصيداً ومكسباً حقيقياً للانتقالي وينفقونه في الهراء. وتداعى أكابر وقدامى المخاصمين والمعاركين واستدعوا أو استعادوا القرف والنزق والتطرف ونفس الخطاباتية التي لوثت صحائف ثلاثة عقود على الأقل!
 
ليس أسوأ من الصمت على هكذا هرجلة وخفة وعدائية وتطرف وجرأة إلى افتعال أزمات وإشعال معارك وتلويث هواء وتسميم أجواء، إلا الرد عليها ومجاراتها. الانتقالي متضرر ويتضرر من هذه الملوثات، والذين يكبرون الانتقالي كان خيارهم الترفع عن الرد والتعقل عن احتساب السوء والسفه والاستهداف على الانتقالي.
 
وأما الذين راحوا يوقدون ويوغرون ويلحون على استهداف الانتقالي من طريق التذرع بالدفاع عن الانتقالي، والقول إنه مجرد مطية للمؤتمر أو للمقاومة أو حتى قيل للعفاشيين!
 
هؤلاء، أيضاً، يزعجهم ما عليه الانتقالي ويستخفونه أو يستهترونه إلى مزالق ومآزق ومعارك صغيرة من مقاسهم طمعاً في استنزاله عن مقامه ومقاسه. وأياً تكن حيثيات وخلفيات هؤلاء، فإن القول يعنيهم وحدهم. الفتنة. ومن الحمق الطمع في استدعاء ردة فعل وانفعال من الانتقالي وطرفه تجاه المقاومة أو غيرها تبعاً لهكذا وقيعة ومكيدة. لكن يجوز له أن يتتبع هؤلاء ويفتش لعله سيكتشف ثغرة يهمه أن يسدها منعاً لتسلل العلل والملوثات!
 
يُقال وما أكل السبع. وتفاقماً ينبغي أن يقال الذين أكلوا السبع ذاته. ليسوا سيئين للغاية فقط، بل غاية السوء مجرد رقم في رصيدهم المريع!
 
الحق، نختلف ونتباين والانتقالي إلى ما لا نهاية. ولكننا لا نعاديه ولا نخاصمه ولا نراه عدواً بل شريكاً وحليفاً وفرصة حقيقية ليس بالنسبة لكيان ومكون واحد أو جهة وجبهة بذاتها بل للجميع وللمستقبل. وعلى هذا نعطي أهمية وأولوية لإرساء تواصل حسن ونقاش وحوار وممارسة لاختلافات بعقل ورشد واحترام. 
 
أما إن كان الحال سينحصر ضرورة في خانة الخوف أو اتقاء شر الانتقالي، فهذه سبة بحق الجميع؛ تنعت فلاناً بالجبن، والآخر بالبغي والنقمة. والقائلون بهذا يكتالون السوء من سوق الحوثة أو أصحابهم بالوضاعة أو إخوانهم بالرضاعة.
،،،
وصلت مع نفسي إلى رأي ووافقتني عليه، أن أكتب شيئاً كهذا وعن هذا. وهذا ما كان.
 
لكن حسب السامع أن يُقال: في الفم ماء منع القائل أن يقول شيئاً.
 
فقط هذه مجرد إشارات عابرة للتوثيق.
أمين الوائلي