علي مارش يتذكر: من "القفص الذهبي" في العدين إلى زنزانة حوثية ملطخة بالدم في حوبان تعز
- تعز، الساحل الغربي ، إعداد: عبدالصمد القاضي - تحرير/ عبدالمالك محمد
- 08:53 2022/06/02
غادر علي مارش العديني سريعا "القفص الذهبي" صوب الحوبان شرق تعز بحثاً عن لقمة العيش لينتهي به المطاف في قفص اسمنتي موحش بزنزانة حوثية لعينة.
في المعتقل ذاك وفي غيره واجه الشاب صنوف التعذيب دون أي تهمة واضحة؛ ليعود بعد عامين إلى أسرته وإلى عروسه -التي لم يقض معها سوى شهر يتيم- وهو في حالتين صحية ونفسية يرثى لهما، كذلك عاد وقد علم أيضًا”بأن الحوبان باتت منطقة محظورة في زمن الحوثيين“.!
حصل العديني (35 عاماً) على فرصة للعمل في معرض للهواتف بجولة سوفتيل وسط الحوبان، ومثلما لم يسعفه شظف المعيشة للاستمتاع بحياته الزوجية؛ لم يدم عمله طويلاً هناك، ”أخذوني من محل عملي دون ذنب“. قال علي.
في عصر أحد أيام مايو/أيار 2016 حاصرت عناصر مسلحة يقودهم المدعو "عبدالملك يحيى الشهاري" مشرف الحوثيين، مكان عمل علي وأخذوه عنوة إلى مكان مجهول بعدما غطوا عينيه بالقماش.
عندما باشروا التحقيق معه بعد يوم من الخطف اكتشف بأنه في مقر البحث الجنائي خاصة الحوثيين في الحوبان الخاضعة لسيطرتهم، لكن صدمته كانت كبيرة بينما كانوا ينسبون له تهمة كيدية ويحققون معه على أساسها.
"اتهموني بنقل معلومات لصالح الجيش بمدينة تعز"، قال العديني. وأضاف في حديثه لـ"الساحل الغربي"، "كان أكبر همهم أن أعترف وأقرّ بالتهمة الموجهة ضدي، لهذا مارسوا أساليب قاسية أثناء التحقيق ليوصلوني إلى مبتغاهم، قبل أن ينقلوني إلى معتقل الصالح ليبدأ فصل التعذيب الأسوأ على الإطلاق".
استُقبل في معتقله الجديد بالضرب حد الإغماء، ثم أعادوه إلى الزنزانة بعدما استفاق وقد ابتلّت ثيابه بالدماء. كان المحقق يستدعيه قبل الفجر إلى غرفة التحقيق، ويتعرض للصعق بالكهرباء واللطم بالأيدي وإغمار وجهه بالماء. كانوا يعيدونه بعد كل "جلسة تعذيب" إلى زنزانة مختلفة.
"في إحدى المرات عدتُ إلى زنزانة لا تزال حيطانها ملطخة بالدماء، من المؤكد أنهم عذبوا فيها مختطفاً آخر".
ويعد معتقل الصالح مسرحاً مغلقاً تؤدي فيه المليشيا أبشع مشاهد التعذيب، إنها تمارس التعذيب كما لو أنه هواية فتحرص على تطويرها. البعض تربطهم من أرجلهم إلى السقف لتتدلى رؤوسهم لساعات ومنهم ليوم كامل، أو ترغمهم على شرب كميات كبيرة من الماء المالح وأكل البطيخ ثم تربط أعضاءهم لتمنعهم عن التبول، وقد تسبب ذلك لكثيرين بفشل في الكُلى.
يتابع: "وضعونا ثمانية مختطفين في غرفة متر في متر، بعض المختطفين تعرضوا للاغتصاب، هؤلاء متجردين من الإنسانية".
ويقول عبدالملك السبئي، كان معتقلا مع العديني في الصالح: "دخل المعتقل بجسد وخرج بجسد آخر، كان يعذب بأبشع الأساليب، وتوفيت أمه على باب السجن حين شاهدات أثر التعذيب على جسد ولدها".
خرج علي من المعتقل في ديسمبر 2019 بعاهات مستديمة. لم يعد بمقدوره التبول بغير جهاز شفط، ويعاني من انفجار البرستات وهو مهدد بفشل كلوي، إنه لا يستطيع المشي أكثر من خمسة أمتار.
يقول شقيقه مروان مارش: "أفرج عنه وهو في حالة نفسية سيئة ورغم خضوعه لدورات اجتماعية وإعادة تأهيل نفسي إلا أنه لم يتحسن، كلما تذكر السجن أو شاهد أخبارا تتحدث عنه تتغير ملامح وجهه ولا تلبث دموعه أن تسيل".