سجون الحوثيين «مقابر الأحياء» (2) : سجن مدينة الصالح بتعز
- الساحل الغربي، كتب/ ماجد الحيلة:
- 11:01 2020/12/07
يقع سجن مدينة "الصالح" في المدخل الشرقي لمحافظة تعز، وهي مدينة سكنية مكونة من (860) وحدة سكنية موزعة على 83 مبنى، اُنشئت مطلع العام 2009م إبان حكم الرئيس الشهيد علي عبد الله صالح؛ لتسكين عدد كبير من ذوي الدخل المحدود، إلا أن مليشيا الحوثي قامت بتحويل المدينة السكنية إلى سجن.
فبعد سيطرتها على تعز، خصصت المليشيا (20) عمارة في مدينة الصالح كسجون وإدارات لتلك السجون، كما خصصت بقية العمارات كمقرات وسكن لقياداتهم في تعز ومسلحين من أتباعهم، بالإضافة إلى مخازن للسلاح.
تسعة وعشرون سجناً تديرها مليشيا الحوثي في محافظة تعز، إلا أن سجن "مدينة الصالح" هو الأبرز من بين تلك السجون، حيث اكتسب صيتاً مرعباً بسبب التعامل القاسي مع المعتقلين وكثرة السجناء المغيبين فيه.
ويعد سجن مدينة الصالح مجمعاً لعدد من السجون، حيث يتكون من (5) أقسام رئيسية، وهي: سجن العسكريين، يشرف عليه عبد اللطيف المهدي، يلقب بـ"أبو نصر الشعث" وهو قائد المنطقة العسكرية الرابعة المعين من الحوثيين.
وسجن الأمن السياسي، يشرف عليه شخص يكنى "أبو يحيى" من محافظة ذمار لم نتوصل إلى اسمه الحقيقي بعد، وسجن الأمن القومي، والسجن الوقائي، وسجن الأمنيين.
كما أن هناك تسميات داخلية تطلقها المليشيا على بعض أقسام السجن، فمن خلال الشهادات التي أدلى بها الضحايا فإن من بين تلك التسميات: سجن "الدواعش"، وسجن "الاستقبال"، وسجن "المجاهدين" وهو مخصص لمرتكبي المخالفات من أتباعهم، وسجن "الجنائيات"، وسجن "المشايخ" وهو مخصص للمختلين عقلياً، وسجن "أبو حرب" وسجن "النساء"، وسجن "عدن" المخصص لمحتجزين من المحافظات الجنوبية.
وعن عدد المحتجزين في سجن مدينة الصالح يتحدث بعض الضحايا أنه يقبع في السجن أكثر من (4000) سجين وسجينة، (500) محتجز، في قسم ما يطلق عليه "الدواعش"، وفي قسم "الاستقبال" قرابة (400) معتقل، وفي قسم "الأمن القومي" قرابة (150) معتقلاً، وما يقارب (700) معتقل في قسم "المشايخ" وأكثر من (2000) معتقل موزعين في بقية أقسام السجن.
دوافع الاعتقال وفتراته
الغرض من اعتقال المليشيا للآلاف في سجن مدينة الصالح هو العقاب، وإيلام الخصوم، وكذا الاعتقال بغرض التجنيد الإجباري، واستخدام نظام "الرهائن" في اعتقال المدنيين
لغرض الابتزاز المالي أو بقصد مبادلتهم بمقاتليها الذين وقعوا في قبضة القوات الحكومية.
وأما عن فترات الاعتقال في سجن "مدينة الصالح"، فإن البعض تحتجزة المليشيا لأشهر والغالبية منهم لسنوات.
أبرز الجرائم والانتهاكات
سجن "مدينة الصالح" هو مجمع متعدد للسجون، محاط بالقهر، ومسيج بالسرية من قبل المليشيا الحوثية، مورست فيه أشكال متعددة من الجرائم والممارسات الحاطة من كرامة الإنسان، تتعلق بالتعذيب، والمعاملة القاسية، والتجويع، وعدم توفير وسائل النظافة والتهوية والراحة.
ممارسات بشعة ومعاملة قاسية وغير إنسانية ارتُكبت بحق المحتجزين في السجن، فمع استمرار تلك الممارسات وتعدد الضحايا يصبح القول إن التعذيب هو قانون لا بد منه في هذا السجن، باستخدام وسائل بشعة للتعذيب الجسدي والنفسي، بينها الصعق الكهربائي والضرب بالحديد والعصي، واستخدام نماذج لتعذيب الجسد من أبرزها ربط الجسد على كرسي ووضع قوالب أحجار البناء فوق الظهر، أو طريقة "الشواية" التي تعتمد على تعليق الجسد فوق حديدة مربوطة على وتدين وقريبة من السطح، فيتم وضع الضحية فوقها بشكل مقلوب حيث يتدلى الرأس إلى الأسفل، كما أن هنالك عدداً من الوسائل في التعذيب بينها حقن الدم بـ"الأسيد" أو ما يطلق عليه ماء النار والإعدام الوهمي، ونماذج أخرى كثيرة مارسها الحوثيون بحق السجناء، توفي عدد منهم، وآخرون أصيبوا بإعاقات دائمة، والبعض فقدوا ذاكرتهم أو تعرضوا لأمراض عقلية بسبب المعاملة القاسية.
منظمات دولية ومحلية عدة اعتبرت سجن "مدينة الصالح" بتعز واحداً من أخطر سجون مليشيا الحوثي الخاصة في اليمن، والذي تمارس فيه انتهاكات بشعة بحق المحتجزين، فالرعب الذي يعبر عنه المعتقلون المفرج عنهم منه ليس له وصف، وبحسب الشهادات فإن الخروج من هذا المعتقل يشعرك بحياة جديدة.