في أولوية إنضاج الهوية الشخصية للمكتب السياسي

01:40 2021/04/14

اكتسحت المليشيات الدولة بينما اكتفت القوى التي يفترض أنها شريكة في الحكم والحكومة بالفرجة، وعندما اكتمل الانقلاب راحت تبحث عن مشاجب وتتحدث عن انقلاب ومليشيات ودولة مسروقة.
 
ليس السؤال هو ما إذا كانت هناك حاجة إلى تشكل وإنتاج قوى جديدة لواقع يمني جديد، بل السؤال هو: هل بقيت هناك حاجة للقوى القديمة التي انهارت بانهيار الدولة؟ هل يمكن عبور الهاوية السحيقة بالتعويل على الأنقاض؟
 
في واقع الحال فإن ما يتبقى منها هي الأنقاض، ركام القوى ليست قوى. لا يمكن المجادلة عن الحطام والركام والفشل. للعودة من جديد إلى مسار الدولة والمؤسسات يحتاج اليمنيون إلى آليات وأدوات تنتمي إلى اللحظة وتتخلص من حمل وأثقال أدوات وقوى التأطير والتدجين وتأبيد القوى التقليدية التي ولدت ووجدت في الماضي وبقيت هناك وسدت مجاري التجدد والتحديث.
 
 
فكرة مصادرة التمثيل لمصلحة مسميات كيانية وإطارية ماضوية، تتحالف مع فكرة الانقلاب والمليشيات الماضوية، لا فرق. 
 
ما الذي يمنع، ومن يمنع، الناس من مواجهة حاضرهم ومستقبلهم بأدواتهم هم؟ وليس بالأدوات نفسها التي أسلمت الدولة والبلاد ومكاسب ستة عقود جمهورية إلى الإماميين الجدد والكهنوتيين القدامى.
 
ليكن المكتب السياسي تمثيلا سياسيا وإطاريا قائما بذاته، ما الذي يمنعه من هذا أو يمنع هذا الحق والواجب؟ 
 
المكتب السياسي أو غيره من القوى والأدوات التي يجب أن تتوالد وتتشكل للتعامل مع استحقاقات الراهن والغد، يجب أن يتخففوا من محاذير ومحظورات ليس لها وجاهة وليست إلزامية.
 
صحيح أن المكتب السياسي الوليد في طور التبلور، ولما تتضح بعد معالم الإطار وشكل الكائن السياسي الوليد، وهل يعتزم القائمون عليه الذهاب خطوات واسعة وبعيدة في التموضع كقوة سياسية وأداة تمثيل عن نفسها بالأصالة، لكن ومن حيث المبدأ لا شيء يفرض عليه سلفا أن يتقيد أو ينحبس لشروط وقوالب ناجزة سلفا. ليس عليه أن يستنسب إلى أي كيان أو مسمى وإطار. وسوف يحتاج إلى عمل وجد وجهد وجرأة في أخذ الخطوات وإكساب المولود معالم الهوية والشخصية الواضحة والصريحة.
 
من مصلحة المكتب السياسي وأهله رفض الانجرار إلى جدل العلاقة مع المؤتمر أو الانحباس لهذا النقاش الاستنزافي. وأين هو أو من هو المؤتمر الآن؟ أي مؤتمر بالتحديد؟
 
عوضا عن ذلك يجب الاشتغال على إنضاج الرؤية السياسية الخاصة على مستويي التنظير والتأطير الهيكلي.