06:38 2021/04/10
من منظور يمني: ماذا تعني صفقة غزة؟
قبل 18 ساعة و 57 دقيقة
يمكن إيجاز التحولات الكبرى في المنطقة ضمن أربعة أحداث مؤسسة: الطوفان الفلسطيني اكتوبر 2023، العاصفة اللبنانية سبتمبر 2024، الزلزال السوري ديسمبر 2024، الإعصار الترامبي يناير 2025.
وخلال مرحلة الطوفان، كان محور المقاومة يعيش حالة من النشوة ولم يجد مانعاً من إطالة الصراع لتأكيد قدرته على نقل المعركة إلى الداخل الإسرائيلي وكي يستعرض قوته الإقليمية دون تردد. غير أنه وبعد عاصفة لبنان وزلزال سوريا، بدأ المحور يعيد التفكير في إمكانية النزول عن الشجرة، خصوصاً مع اقتراب مخاطر الإعصار الترامبي.
بالنسبة للحوثين فإن قيامهم بأي استدارة تهدوية كان يقتضي وجود شرطين: انعطافة إيرانية للتهدئة في الإقليم كي يوقف الحرس الثوري عملياته النوعية من اليمن، وقرار إسرائيلي لوقف الحرب في غزة كي يوقف الحوثي عملياته الرمزية ضد الملاحة وإسرائيل.
في بداية يناير تحقق الشرط الأول إيرانياً، لذا فقد شهدنا زيارة هي الأولى منذ عامين للمبعوث الأممي لليمن إلى معقل الحوثيين في صنعاء وذلك قبيل توجهه المباشر إلى طهران، وبالتوازي فقد أمكن التقاط بعض الإشارات الإيرانية لقابلية تمرير التفاهمات المؤلمة في لبنان والعراق.. وفي منتصف يناير صرنا أمام تحقيق الشرط الثاني.
بهذه الطريقة سوف يعيد الحوثي فتح الباب أمام خارطة الطريق السعودية، وسوف يراهن على تثمير فائض القوة الذي اكتسبه إقليمياً من خلال امتيازات أكبر محلياً في مشهد يشبه كثيراً ما قام به حزب الله في لبنان بعد 2006.
لكن في المقابل فإن قيام الحوثي بتجاوز كل المحرمات الدولية قد يجعل العالم أكثر حرصا على وقف نموه وتقويض قدرته كي لا يكرر ما فعله مرة أخرى.
في العموم سيظل مستقبل الحوثي في اليمن عقب هدنة غزة مرهوناً بأمرين؛ طبيعة الموقف الترامبي حيال إيران، وديناميكية التحرك الوطني في معسكر الشرعية اليمنية.
والأكيد أن منظومة الشرعية سوف تحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى تعزيز تماسكها الذاتي تحسباً لفائض القوة الحوثي في حال التهدئة، واستعداداً لفرصة الحسم الخارجي في حال عدنا لسياسة الضغط الأقصى.
فقد أثبتت التجربة أن لا جدوى من انتظار معجزة خارجية دون تحولات سياسية داخلية، وأن لا قدرة على معركة عسكرية كبرى دون نضوج اللحظة الخارجية. لكن للأسف ما يحدث حتى الآن في معسكر الشرعية هو العكس.
أخيراً، فإنه وعلى الرغم من التداعيات الاستراتجية غير المطمئنة يمنياً، يظل من المبهج والمنصف إعلان وقف إطلاق النار في غزة، والمهم الآن وقف آلة الإجرام الإسرائيلية في فلسطين ومنع سيناريو التهجير الذي يحلم به اليمين الإسرائيلي ويتبرع المحور الإيراني من جانبه لتهيئة الظروف والذرائع اللازمة لتنفيذه إما بسبب الارتباك أو التواطؤ.
أما يمنياً فإنه قد وجب التحسب أيضا لآلة الإجرام الحوثية التي ستزداد ضراوة في الداخل، وقد تجلت أولى ملامحها مؤخراً في محافظة البيضاء عبر ممارسات لا تختلف كثيراً عن سلوك الاحتلال الإسرائيلي في غزة.