الإرياني يكتب.. حان وقت المواقف الحازمة لإيقاف التواطؤ مع الحوثيين

قبل 12 ساعة و 6 دقيقة

شهدت الساحة اليمنية تطورات متسارعة منذ اندلاع الصراع عام 2014، حين سيطرت مليشيا الحوثي على العاصمة صنعاء ومدن يمنية أخرى بدعم واضح من أطراف إقليمية، ومع ذلك، فإن ممارسات الحوثيين تجاوزت حدود الصراع المحلي لتصبح تهديداً للأمن الإقليمي والدولي، الملفت للنظر هو المواقف الدولية المتذبذبة التي تصل أحياناً إلى التواطؤ الصريح، مما يثير تساؤلات حول أهداف هذه السياسات وأثرها على استقرار المنطقة؛
وبالتالي تعد جماعة الحوثي جزءاً من المشهد السياسي اليمني منذ أوائل التسعينيات، لكنها تحولت إلى حركة مسلحة بعد عدة مواجهات مع الحكومة اليمنية، حيث استغل الحوثيون حالة الانقسام السياسي في البلاد وتصاعد الاحتجاجات الشعبية في عام 2011 للتمدد والسيطرة على أجزاء واسعة من اليمن، ولم يقتصر الدعم الذي تلقته الجماعة على الداخل، بل كان لإيران دور محوري من خلال تزويدهم بالسلاح وتقديم الدعم اللوجستي والتدريبي، هذا الدور الإيراني حول الحوثيين إلى ذراع إقليمي لتنفيذ أجندة طهران، مما جعل الصراع اليمني ليس فقط نزاعاً داخلياً، بل جزءاً من صراع أوسع بين إيران ودول الخليج، خاصة المملكة العربية السعودية، بالمقابل ورغم إدراج مليشيا الحوثي ضمن قوائم الإرهاب من قبل بعض الدول، إلا أن تعامل المجتمع الدولي مع الجماعة يتسم بازدواجية مثيرة للجدل، وعلى الرغم من الجرائم التي ارتكبتها الجماعة ومازالت ترتكبها وإلى يومنا هذا، بما في ذلك استهداف المدنيين في اليمن والمنطقة وتهديد الملاحة الدولية، فقد شهدنا تردداً واضحاً من بعض الدول في تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية؛ فعلى سبيل المثال الولايات المتحدة الامريكية رفعت تصنيفهم كمنظمة إرهابية في عام 2021 تحت ذريعة تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية!!، مما أرسل رسالة خاطئة للجماعة وشجعهم على مواصلة انتهاكاتهم، وأخيراً وقبل بضعة أيام قامت أمريكا بفرض عقوبات على شبكة تدعم الحوثيين ولم تفرض عقوبات على الحوثيين أنفسهم؟؟!! مفارقة تثير أسئلة أكثر مما تجيب؟، كذلك بدلاً من دعم جهود التحالف العربي بقيادة السعودية لاستعادة الشرعية في اليمن، تعرض التحالف لضغوط دولية كبيرة لوقف العمليات العسكرية، هذه الضغوط غالباً ما تأتي دون تقديم بدائل حقيقية لحل الصراع، مما يمنح الحوثيين وقتاً لاستعادة قوتهم ومواصلة هجماتهم، ورغم الأدلة الواضحة على تورط إيران في دعم الحوثيين، فإن المجتمع الدولي لم يتخذ مواقف حازمة لوقف هذا الدعم. ظلت شحنات الأسلحة الإيرانية تمر عبر شبكات تهريب معقدة، ولم تقم الدول الكبرى بفرض عقوبات فعالة على المسؤولين عن هذه الأنشطة، مما ساهمت المساعدات الإنسانية الدولية، على أهميتها، في تعزيز سيطرة الحوثيين على المناطق التي يسيطرون عليها بشكل اكثر شراسة وصرامة، حيث تشير تقارير أممية إلى أن الجماعة تستولي على المساعدات وتستخدمها كوسيلة لفرض نفوذها على السكان، بينما يغض المجتمع الدولي الطرف عن هذه الانتهاكات؛ أدى هذا التواطؤ الدولي إلى تعقيد المشهد في اليمن وتوسيع دائرة التهديدات لتشمل الإقليم والعالم، حيث استغل الحوثيون موقع اليمن الاستراتيجي للتحكم في حركة الملاحة عبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب،  واستهداف السفن التجارية وناقلات النفط بصواريخ وطائرات مسيرة أصبح أمراً شائعاً، مما يهدد التجارة العالمية ويمثل خطراً على الأمن البحري، مع استمرار هذا الصراع ودعم الحوثيين، تتزايد معاناة الشعب اليمني الذي يعيش أسوأ أزمة إنسانية في العالم، والتواطؤ الدولي أضعف فرص الوصول إلى تسوية سياسية وأطال أمد المعاناة، وكل يوم نشاهد تمدد الحوثيين وتهديدهم لجيرانهم، خاصة السعودية والإمارات، مما أوجد حالة من عدم الاستقرار في منطقة الخليج، هذا التهديد الإقليمي يجعل من الصعب تحقيق أي تقدم في ملفات أخرى مثل الأمن أو الاستقرار السياسي، ومن أجل التعامل والسيطرة على هذا الوضع، يجب اتخاذ خطوات جادة على المستويين الدولي والإقليمي لوقف التواطؤ مع الحوثيين، كتبني مواقف أكثر صرامة تجاه إيران ووقف دعمها للحوثيين، وفرض عقوبات أكثر فعالية على طهران وشبكات تهريب الأسلحة سيكون خطوة ضرورية، وينبغي على المنظمات الدولية ضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها دون تدخل الحوثيين، ويمكن تحقيق ذلك من خلال إشراف دولي مباشر وتنسيق أكبر مع الحكومة الشرعية، مع إعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية من قبل الدول الكبرى، هذا الأمر سيوجه رسالة حازمة بضرورة وقف أنشطتهم العدائية، وبدلاً من الضغط على التحالف، يجب تعزيز دعمه في جهوده لاستعادة الشرعية اليمنية وحماية الأمن الإقليمي.
وبناءً على ما سبق فأن الصمت أو التواطؤ الدولي تجاه ممارسات مليشيا الحوثي لا يخدم سوى مصالح القوى الإقليمية التي تسعى لزعزعة استقرار المنطقة، وإن استمرار هذا النهج سيؤدي إلى تفاقم الأزمات وزيادة التهديدات للأمن الإقليمي والدولي، حان الوقت للمجتمع الدولي لتبني مواقف حازمة وواضحة تضع حداً لهذه السياسات المشبوهة وتعيد لليمن استقراره وأمنه ومجده على المستوى المحلي والإقليمي والدولي.