"طريد جبايات الحوثيين".. خلَّف مجهود 30 سنة في الحديدة وعاد إلى المخا

  • المخا، الساحل الغربي، اسماعيل القاضي:
  • 06:43 2021/02/08

قبل سنوات، كان الحاج ناصر زيد، يدير مقصفاً لتقديم المشروبات الساخنة والوجبات الخفيفة داخل مدينة الحديدة، إذ يعود تأسيس ذلك المقصف إلى بداية التسعينات، وقد استمر بالعمل فيه، كمصدر وحيد للرزق، حتى العام 2015م.
 
لكن الرجل الخمسيني الذي كان يشعر بالألفة مع عمله، سرعان ما بدأت أموره بالتبدل، إذ اجتاحت مليشيا الحوثي مدينة الحديدة، وبدأت بالتضييق على مُلاك المحلات التجارية، بما في ذلك الصغيرة منها وذات الربح الضئيل.
 
كان فرض الجبايات المالية واحداً من بين تلك المضايقات، إذ يكاد لا يمر شهر واحد حتى تبدأ المليشيات بإجبار المُلاك على دفع مبالغ مالية تحت مسميات عدة بعضها لتمويل احتفالاتها الدينية وأخرى "مجهود حربي" لتمويل حربها العبثية على الشعب.
 
قرّر ناصر مجابهة حملة الجبايات بالصبر؛ لأنه يدرك أن التخلي عن محله الصغير، معناه إضافة رقم آخر  إلى قائمة البطالة المثقلة بآلاف العاطلين.
 
مضت السنوات سريعاً، لكن مشقتها كانت قاسية على ذوي المدخولات المالية الضئيلة، وصولاً للعام 2018، المحطة الأخيرة التي ينتهي عندها الحلم، إذ بدأت مليشيا الحوثي بالحرب فيقرر ناصر الفرار خارج الحديدة، تاركاً خلفه كل شيء.
 
توجّه إلى مسقط رأسه في منطقة "الجمعة" شمال شرق المخا، معدماً لا يجد شيئاً، وعندما تم توقيع ستوكهولم، رأى أن الفرصة مواتية للعودة إلى محله الصغير.
 
قرر ناصر الفرار خارج الحديدة، تاركاً خلفه كل شيء.
قرر ناصر الفرار خارج الحديدة، تاركاً خلفه كل شيء.
 
كان موعد وصوله ظهراً، وقد هاله المنظر الذي بدا عليه، إذ كان مدمراً، وقد نهبت مليشيا الحوثي كل أدواته.
 
شعر بخيبة أمل وغصة كبيرة تسد نفسه، إذ إن الأمل الذي كان يتكئ عليه للعودة في مزاولة عمله السابق تحطم تماماً، وما كان عليه سوى الاستسلام والعودة إلى مسقط رأسه في منطقة الجمعة حاملاً معه أثقالاً من الهموم.
 
خلال عام، عاش ناصر، أياماً صعبة للغاية، تحمل فيها ظروف العيش المضنية، ولم يكن قادراً على العمل بعدما فقد أمله وحلمه.
 
قضى عاماً كاملاً وهو يكابد مشقة العيش، وفكر ملياً في كيفية الخروج من النفق الذي يعيشه، ولم يلبث حتى عاودته فكرة العودة للعمل من خلال بيع الشاي.
 
في البدء اقترض مالاً قليلاً؛ لشراء عُدّة العمل، وبدأ في سوق الميزان ببيع الشاي وساندويتشات خفيفة، وعندما افتُتح السوق الجديد قرر الانتقال إليه كوجهة جديدة لطلب الرزق.
 
بدأ ناصر يتوسع في عمله ويكسب ربحاً لا بأس فيه، ينفقه عل أسرته، فيما عادت الطمأنينة إلى قلبه فاتحاً ذراعيه لأمل جديد بعيداً عن جبايات المليشيا ولصوصيتها.

ذات صلة