صدقوا الصواريخ وليس غريفيث

03:13 2021/01/03

من شأن الهجوم الإرهابي على مطار عدن، واستهداف الحكومة اليمنية وعودتها واتفاق الرياض والتسوية التي أطلقها، أن يعيد تعريف الأمور كما هي في أصل المشكل اليمني: اليمنيون جميعاً ومعاً، شاءوا أم أبوا، في مواجهة أمّ اللعنات والمصائب.
 
على كل حال؛ هذه هي الحرب، إذا كان من أحد لم تصله الأخبار بعد ومنذ ستة أعوام. 
 
وهذا هو الحوثي، مهما زعمت الأمم ومبعوثها وكل رعاة وعرابي المليشيات وسماسرة المد والتمدد الإيراني.
 
هذا يضع اليمنيين مجدداً في امتحان المصداقية مع أنفسهم أولاً، وأمام اليمن والمستقبل: إما اليمن وإما الحوثي، إما اليمن وإما المليشيات الإرهابية، إما اليمن وإما إيران.
 
والهجوم الذي ضرب مطار عدن المدني وطائرة مدنية وقتل وأصاب عشرات المدنيين تحت الشمس وأمام بصر العالم، يضع الحكومة الجديدة -وكما حالف التوفيق رئيسها بالقول- في قلب مسؤولياتها.
 
ومن مسؤولية هذه الحكومة أن تكون الآن ودائماً في قلب التحديات والقصف والاستهداف والحرب المفتوحة بلا هوادة مع عدو لا هوادة أو مهادنة أو محرمات لديه.
 
أن تتواجد الحكومة في عدن وفي الداخل، ليست غاية لذاتها ولا من دون ثمن وضريبة وتبعات، إنه التواجد في قلب المعمعة والواجب والوجود وفي قلب مسؤولياتها بالفعل.
 
ويعني هذا أيضاً أنه يضع الجميع في قلب الامتحان والمسؤولية والرهان؛ الجميع المتشكل والمتكتل ضمن البوتقة الحكومية والتشكيلة الوزارية المعجزة التي جاءت من رحم مخاضات هائلة وشاقة عبر أزيد من عام.
 
التعايش مع الصواريخ والقذائف والألغام والطائرات المسيرة والمليشيات الإيرانية، ومع السرطان الذي يطوق أوردة وعظام البلاد.. حاضرها ومستقبلها، ضرب من الخرافة والجنون. 
 
هذه خلاصة الخلاصات. ولطالما كانت وكان الأمر على هذا النحو من الوضوح والصراحة والصرامة. 
 
لا تخلو المصائب من فوائد تُستخلص وتُستفاد، وهذه واحدة من تلك التي يجب استخلاصها واعتصارها.
 
من الواضح تماماً أنها لحظة فارقة وشاقة وشاهقة.
 
ومن الواضح أنها غصة.. وأنها فرصة أيضاً. الإجماع المتراكم يمكن مراكمته واستثماره أو تثميره أكثر حول اللحظة والحدث الغادر المباغت الجبان والعدائي بلا حدود.
 
وإذا كان مارتن غريفيث قد سارع إلى إدانة الهجوم، فإنه لم يفوت -كعادته- المناسبة لإعادة وتكرار لازمته المملة حول سرعة العودة إلى طاولة السلام مع الحوثيين. 
 
في الحقيقة فإن غريفيث يستثمر كل شاردة وواردة ومناسبة مشابهة للترويج لأحجيته الخاصة حول السلام مع الإرهاب وحول طاولة الحوثي لا السلام وتحت تهديد الصواريخ الإيرانية.
 
على كل، هذه قصة تخص غريفيث ويجب أن لا تعنينا أو تعني اليمنيين وقادتهم والحكومة والشرعية والقوى اليمنية المتكتلة في حكومة الاتفاق والوفاق والمصالحة وحكومة الإنقاذ... والحرب.