هربت من رصاصاتهم ولكن.. لغم حوثي يزف عروساً في "الشقب" إلى المستشفى

  • تعز، الساحل الغربي، حسين الفضلي:
  • 09:57 2021/11/24

بعد هروبها من رصاصات الموت الحوثية في يوم زفافها، تمكن لغم حوثي أمام منزلها من بتر طرفي دليلة عبده أحمد، وحول فرحتها إلى حزن دائم يرافقها على مر السنين.
 
"دليلة" واحدة من كثيرات، حولت ألغام الموت حياتهن إلى جحيم ومعاناة يومية، حيث تعرضت للغم أرضي بالشقب شرقي مدينة تعز في يوليو 2018م سرق منها طرفيها وحول فرحتها بيوم الزفاف إلى مأساة أليمة وحزن دائم.
 
زفة إلى المستشفى
 
كانت دليلة تتأهب لتوديع بيت والدها والانتقال إلى بيت زوجها بفرح صاخب سرعان ما أطفأه تسلل مليشيا الحوثي على قريتهم واشتباكهم مع القوات الحكومية لساعات أجبرتهم خلالها على الفرار، لكنهم تركوا الموت يترصد على أبواب المواطنين من خلال ألغامهم الأرضية التي زرعوها بالشقب.
 
تسترجع "دليلة" مأساة الحادثة فتقول لـ"الساحل الغربي" بصوت يخنقه البكاء: "كنت في يوم زفافي، وفجأة تسلل الحوثيون إلى قريتنا بالشقب، وبعد هدوء الاشتباكات قرر الأهل إخراجي إلى بيت العريس قبل عودة الاشتباكات، لكن أمام البيت وقعت ضحية لغم حوثي واثنتين بنات عمي".
 
 
فقدت دليلة قدمها تماماً أثناء الانفجار وتضرر الثاني إلى درجة كبيرة جداً ليتم بتره في المشفى، فيما ابنتا عمها المرافقتان لها كل واحدة منهما فقدت طرفاً وبقيت بقدم واحدة، حيث حولت الألغام الحوثية فرحتهن إلى مأساة ملطخة بالدماء والفقد يقاسين مرارتها على الدوام.
 
تتابع "دليلة" حديثها لـ"الساحل الغربي" وقد سالت الدموع على خديها فتقول: لم أستطع أن أستوعب كيف تحول فرحي إلى حزن وكيف جرى زفي إلى المستشفى، إلا في المستشفى نفسها، فقد كان فقدي لقدميّ أكثر إيلاماً من اللغم نفسه.
 
رحلتي في البحث عن أطراف
 
سنحت الفرصة لـ"دليلة" بالسفر إلى الأردن لتركيب أطراف صناعية تكفل بها أطباء بلا حدود ومكثت تحت العلاج هناك ستة أشهر لتعود إلى اليمن بطرفين صناعيين يساعدانها على المشي قليلاً إلى جانب العصا.
 
اقرأ أيضا.. نساء أخريات من الشقب.. والمجرم نفسه:
 
تستطرد "دليلة" عن رحلة بحثها عن الطرف الصناعي فتقول: بعد أن بقيت بدون أطراف وتركت للمعاناة تكفلت منظمة أطباء بلا حدود بسفري إلى الأردن وتركيب أطراف صناعية لي، وبقيت هناك ستة أشهر للعلاج.
 
عادت "دليلة" تستطيع المشي بالقدمين الصناعيتين إلى جانب العصا لمسافة قصيرة، لكنها تحتاجان إلى تبديل كل عام، حيث إنهما تصبحان غير موائمتين لنمو جسمها، وهذا ما جعلها تطرق كل الأبواب مجدداً عند انتهاء العام للبحث عن قدمين جديدتين واستقر بها المطاف في أطباء بلا حدود حيث منحتها قدمين صناعيتين عبر فرعها بعدن تعيش بهما الآن دليلة وتخشى انتهاء العام. 
 
مكابدة الحياة
 
تعيش "دليلة" إلى جانب والديها الطاعنين في السن وأختها التي تحمل على عاتقها طفلتين، لكن رغم أنها مبتورة القدمين تكافح من أجل حياة أفراد أسرتها، حيث أسكنتهم وسط المدينة بعد أن تكفلت لها منظمة بكشك صغير أمام مستشفى النقطة الرابع وسط مدينة تعز، تبيع فيه الماء وألعاب الأطفال لتعيل من خلاله أفراد أسرتها.
 
 
تقول "دليلة": والداي كبيران في العمر ولم يعد بوسعهما فعل شيء، تكفلت أختي بخدمتهما، وبقي عليّ إعالتهما، وأعيش مثقلة بالأمراض الناتجة من هموم العيش والإيجار في ظل الغلاء... دون أن تلتفت لنا أي جهة. 
وسط ضخب المأساة وإرهاصات الحياة المتعبة التي تعيشها "دليلة"، إلا أنها لم تستسلم، تحاول جاهدة أن توفر من خلال ذلك الكشك قوت أسرتها وإيجار المسكن بعد أن دمرت الحرب منزلهم وكل مدخراتهم من ممتلكات وأراضٍ في الشقب شرقي محافظة تعز.
 
أرقام مفزعة
 
تعد قرية الشقب في محافظة تعز من أكثر القرى المتأثرة بالألغام على مستوى الجمهورية، حيث سقط العشرات من أبنائها ضحايا الألغام التي مثلت هاجساً مرعباً يحصد أطرافهم إن لم تكن حياتهم بالكامل.
 
من جهته نشر المرصد اليمني للألغام (مستقل) إحصائية في مارس مطلع العام الجاري أن الألغام التي زرعتها مليشيا الحوثي في محافظة تعز جنوب غربي البلاد تسببت بمقتل وإصابة 3263 مدنياً منذ بداية الحرب وحتى مطلع مارس للعام الجاري 2021م.
 
ونقل المرصد عن مدير المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام في تعز العقيد عارف القحطاني، أن عدد القتلى المدنيين الذين تم توثيقهم 942: 217 من النساء، 223 من الأطفال، و502 من الرجال.
 
كما تم توثيق إصابة 2321 مدنياً: 365 من النساء، و406 من الأطفال، و1550 من الرجال.
 

ذات صلة