الساحل الغربي يحاور رئيس ثقافة تعز "الانتحاري" عبدالخالق سيف: "نعمل في حقل ألغام فكرية" وأنتمي للقضية الجمهورية وسأقاتل على الثوابت
- تعز ، الساحل الغربي ، حاوره | ضيف الله الصوفي:
- 09:20 2021/10/25
"رئيس ثقافة تعز" ومدير الإعلام والسياحة يجيب على أسئلة الساحل الغربي :
أنتمي إلى القضية والوطن والجمهورية وسأقاتل على هذه الثوابت الوطنية خصوصًا سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر
عبد الخالق سيف :
● معركتنا ثقافية من أجل الجمهورية والحفاظ على الثوابت الوطنية
- صوة مهرجان القاهرة هي الأكبر في تعز..
- وسأقيم المهرجان في النسخة التالية..
- وفنانون كثيرون سوف يحضرون..
- ومن وقفوا ضدنا لا يريدون أن يروا الميدان وهو يبايع الثقافة والفعل الثقافي
● حالة عدم الثقة، المناكفات والصراعات التي تعيشها تعز هي وليدة الغرف المغلقة والمقرات التي لا ترى إلا مشروعها
● نشتغل في حقل ألغام فكرية قبيحة لكننا مستمرون
● يظنون أن مثل هذه الأصنام الدينية التكفيرية التحريضية تخدمهم بينما هم يربون أفاعي سامة
.. لثقافة تعز سيرة ومسيرة طويلة، حافلة بإنجازات كثيرة.. إذ يُعتبر العمل الثقافي في ظروف كهذه بمثابة الحفر على الصخر، يُقدمه مكتب الثقافة من خلال كوكبة من فريق العمل وطاقم الإبداع، والكثير من نجوم الفن والغناء في مدينة تتسلح بالمثقف، وتؤمن بالسلام والحياة، المدينة التي ما زالت تخوض معركة ثقافية واسعة بغية الوصول إلى الذوبان والتوافق..
يجيب مدير مكتب ثقافة - وإعلام وسياحة- تعز، عبد الخالق سيف، الرجل النشيط والمثابر وأشهر مسؤول حكومي على صلة بالنشاط والمسؤولية - ويشار إليه مؤخرا بـ"الانتحاري" قرينة معارك تنوير وتنشيط فكري وثقافي بتعز تصدى لها خصوم بل أعداء على جبهة الأصولية كما سيعرض السياق تاليه- في حواره مع "الساحل الغربي" على استفساراتنا التي طرحناها أمامه بشأن العمل الثقافي وما أضافه لمثقفي المدينة.. نناقش معه أبرز ما يواجهه من تحديات وعراقيل سيما نقد البعض ومعارضتهم لما يقوم به..
نص الحوار..
* تقول إن الثقافة وجه تعز الجميل، القادر على إظهار المدينة المدفونة بالحرب، وإسكات صوت المدفعية ليبقى صوت المُثقف سيد الموقف.. كيف نفهم ذلك؟ هل تُرجمت الأقوال إلى أفعال؟
** بكل تأكيد، أتابع سير العمل الثقافي في تعز بكل اهتمام، خصوصاً في هذه المرحلة العصيبة التي تمر بها البلاد.. الأنشطة والفعاليات التي يُقدّمها مكتب الثقافة تُعبر وتجسد هذه المقولة في ظل ظروف لا يمكن من خلالها أن تنجز أبسط التفاصيل الثقافية.. ومع ذلك قدمنا مهرجانات، وفعاليات، واضطلعنا بمسؤوليتنا الوطنية.
لم يترك مكتب الثقافة فعالية وطنية إلا وقدمها احتفاءً بمثل هذه الأعياد، لأنه يرى البعد المهم والرسائل المهمة التي تقدمها الفعاليات.. إذ إن الحرب ألقت بظلال على كثير من النفسيات، أطفالًا ونساءً، قتل، قصف، حصار، كل هذه الأشياء تصنع غيمة سوداء في أرواح كل هؤلاء، لذلك ارتأينا أن نقدم لهم الفعاليات بطابع الحياة والجمال، والسعادة، والسلام.. نحن معركتنا ثقافية من أجل الجمهورية، والحفاظ على الثوابت الوطنية التي فرط بها الكثيرون بسبب الحرب ومن أشعلها من الانقلابيين.. لقد ترجمنا هذه المقولة وجسدناها وما زلنا نتمسك بها لنخلق الوعي وننشر قيم المحبة، ونقدم دورنا الثقافي على أكمل وجه.
| عبدالخالق سيف: الأيديولوجيا والفكر المتطرف الأصولي الذي لا يرى إلا نفسه هو عدونا وأصحاب المصالح من حولهم.
يطلق مهرجان قلعة القاهرة بتعز فعالياته بإطلاق النشيد والراية الجمهورية
* خمسة أعوام مضت على توليك مدير مكتب ثقافة تعز.. ما الذي أعدته لهذه المدينة ومُثقفيها؟
** لا يمكن أن أمتدح نفسي، أو أن أتحدث عن الخمسة الأعوام التي مضت، هذا متروك لكم وللجماهير في التقييم.. لا يمكن أقول إننا المكتب الوحيد الذي اشتغل على مستوى الجمهورية ثقافيًا وفعليًا، أو أنني أقمت فعاليات أكثر مما أقامها من سبقوني في هذا المجال.. لكن تستطيع أن تقول إننا توفقنا في تقديم برنامج دسم وضخم بإمكانات تقترب من الصفر.
* العديد من المكاتب والقطاعات داخل المدينة مُهملة أو أن صوتها لم يكن مسموعًا.. ما الذي يجعل مكتب الثقافة في نشاط دائم بخلاف غيره؟
** كبير بمن حولي دائمًا، لديّ فريق عمل جبار بكل المقاييس، والكثير من النجوم الذين يعرفون خبايا الفعل الثقافي، وعانوا سابقًا كثيراً من الإهمال، صحيح لم أستطع مكافأتهم إلّا أنهم وجدوا في تعاملي صدقًا وحبًا كبيرين. هذه الكوكبة الجميلة من مثقفين، وشعراء، من قامات وقيم كبيرة، موسيقى، ومسرح، ولدي الكثير من المبدعين الشباب الذين أخذت بأيديهم ودعمتهم، لأنني عانيت وحاولت أن لا يعاني الآخرون أو يسيروا على هذا الدرب الذي كان فعلاً دربًا متعباً لو لم تتملكني الإرادة والإيمان أنني أستطيع أن أحفر ما أقدمه من إبداع في صخر مائي في ظل هذا الوضع القاتل ثقافيًا بشكل أو بآخر.. هذه التوليفة والكوكبة الجميلة من فريق عمل وطاقم إبداعي كبير، ساندوني وعرفوا خبايا الوضع، وقفوا معي من الصفر وما زلنا نتحرك إلى الأمام ونقدم هذه الفعاليات.. أنا معهم وبهم كبير وتعز الثقافة كبيرة بهم وبما يقدمون ولذلك استطعنا بهذا الانسجام والمحبة والثقة المتبادلة أن نكون رقمًا صعبًا وأن نقف على أقدامنا حتى وهي تنزف وتخاف تلك الألغام الفكرية.. أنا مدين بالفضل لهذه الكوكبة التي تحيط بي، كبير بهم وبتعز.
| مدينون لعمار العزكي، وهو مستعد كما وعدني، كما نحن على تقارب كبير مع الفنان وليد الجيلاني، ابن تعز، وقد أبدى موافقة مبدئية..
* كثيرون من يطلقون عليك "رُبّان الثقافة".. ما الذي دفعك للتّسلح بالثقافة منذ تعيينك وحتى اليوم.. وهل ستستمر بإيصال صوت تعز، كما تقول؟
** هذا اللقب وهذا الإيمان يسعدني، ويشكل حافزًا كبيرًا لي، لكن أشعر دائمًا أنني أقل مما يقولون.. أؤمن بهم وأنا قد قدمت بهم برنامجًا كبيرًا على مستوى البلاد كلها من شمالها إلى جنوبها، وأشكرهم على هذه الثقة.. لكن كنتُ ابن الثقافة من قبل سنوات الحرب العجاف، منذ أن فزت بجائزة رئيس الجمهورية في 2003، وبعدها توالت العديد من الجوائز، جائزة دبي الثقافية، جائزة المهرجان العربي العاشر، في القصة، والمسرح، والشعر.. هذا المجال هو كل حياتي، طالما أنا معجون شعرًا، مسرحًا، قصة بالتأكيد سأظل مديناً لهذه التوليفة الجميلة التي تشكلت من خلالها ملامحي الثقافية، آمنت بنفسي، وآمنت أن الثقافة هي الحياة والسلام.. الشعب المثقف يستطيع أن يبني، وينتصر على كل قيم الكراهية، الأحقاد، السلالية، الكهنوت، والظلام.. يستطيع أن يمضي للأمام بأمل.. من خلال المثقف تبني مجتمعاً، وتبني وطناً خالياً من كل هذا القبح.
مهرجان القلعة بات أهم حدث ثقافي يمني ومعلما بارزا... ومثار جدل أيضا
* كثيرًا ما نسمع أن عبد الخالق سيف يعمل لصالح أطراف مُعينة.. ما ردك؟
** أتساءل عن هذه الأطراف التي يقصدونها من أجل أقول إنني أعمل لصالحها، أم لا، وأتمنى أن يفصحوا عن ذلك.. أنا أعمل مع وطن وجمهورية من أجل مشروع وطني ثقافي.. ربما أنا أنتمي للمؤتمر الشعبي العام، وهذه أول مرة أصرح، لأن الفعل الثقافي يجعلني قريبًا من كل الأطراف، أنا أتعامل مع مبدع، مع فعل ثقافي.. لكن كون انتمائي للمؤتمر الشعبي العام إلا أننا ابتعدتُ عن هذا الانتماء، وأريد أن أقدم فعلًا ثقافيًا يجمعنا، ويسقط كل هذه الانتماءات، ونجعل انتماءنا جميعًا للقضية وللوطن.. لا يمكن لأحد أن يقول إن عبد الخالق يعمل لصالح حزب أو فئة أو يصنفني، لأننا أنتمي لقضية وطنية جامعة وفعل ثقافي يجمع، لا يفرق، ولا يمثل حزبًا ولا أيديولوجيا ولا فكرًا معينًا.. فقط أعمل في الفعل الثقافي بغية الوصول بالبلاد إلى الذوبان والتوافق، إلى كل القيم التي نقدمها كعناوين رائعة بكل فعالية ونؤمن بها أيضا، ولا أنتمي إلا للقضية وللوطن وللجمهورية وسأقاتل على هذه الثوابت خصوصًا الثوابت الوطنية سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر.
* البعض يتساءل عن مصدر الدعم والتمويل الذي يتلقاه مدير مكتب ثقافة تعز للقيام بكل أنشطته والمهرجانات.. هل هناك مُمول خفي؟
** الكثير يبتدعون مسائل أننا نتلقى ونتلقى.. أتمنى ممن يوجه مثل هذه الاتهامات أن يكون شفافًا ويثبت ما يقوله بالوثائق.. أنا أعلنها من يريد أن يدعم مكتب الثقافة أهلا وسهلا به كان داخل البلاد أو خارجها طالما أنه لن يُملي علينا إملاءات ضيقة تستهدف مشروعنا الوطني.. ما رأيته، وما ستراه هو أننا نقدم فعلًا ثقافيا بأقل التكاليف.. أحيانا أضغط على كثير من المبدعين الذين آمنوا بي لكي يقدموا ما عليهم بأقل الإمكانات.. ما زلنا نتحمل تركة كبيرة، أنت الآن في مكتب الثقافة ستضحك كثيرا عندما تعرف أنني أتحمل إيجاره وغيرها من المصروفات، أتحملها شخصيًا كمبدع..
| من يريد أن يدعمنا سأعلن عن ذلك.. عندما قدم لنا شوقي هائل دعمًا، ربما كثير جلدونا أننا أتلقى دعمًا سخيًا بالرغم أن ما قدمه أعلنت عنه في صفحة المكتب.
هناك مساندة من السلطة المحلية، ووزارة الإعلام والثقافة والسياحة.. وأعلم أن محمد الحكيمي رئيس اتحاد الأدباء الذي بجوارك سينتقدني لأنه يعرف أن هذا الكلام إنشائي، فقط أقوله وأسوقه لأثبت أننا نقف وهناك مساندة.. ما يأتي حتى من الجهات المعنية لا يغطي فعالية معينة لكننا نتسلح بكثير من الإرادة وبعض الفعاليات يبادر الفريق بنفسه..
ما أمتلكه هو إيمان مطلق، ومن يريد أن يدعمنا سأعلن عن ذلك.. عندما قدم لنا شوقي هائل دعمًا، ربما كثير جلدونا أننا أتلقى دعمًا سخيًا بالرغم أن ما قدمه أعلنت عنه في صفحة المكتب.. قدم لنا العام الماضي ثلاثة ملايين مكافأة في مهرجان قلعة القاهرة، ونتمنى أن يقف ويساندنا.. أنا كمكتب أعتمد على بعض الرعاة، والشركات التجارية هذا ما تجدونه في بعض لوحاتي.. وما دون ذلك أتمنى أن أعرف من يقول إن هناك مئات الملايين نتلقاها من المنظمات العالمية... هذه خزعبلات، ومن لديه وثيقه أو دليل بأننا استلمنا يظهرها للجميع.. ما استلمناه سنعلن عنه، لا شيء يدعو للخجل.
من يتفوهون بمثل هذه الترهات هم كُسالى، لا يتحركون، لذلك يغيظهم نجاحنا، ويغيظهم أننا واقفون في ظل هذا الوضع المحبط.. نحن مستمرون في مثل هذه الفعاليات حتى وإن قالوا إننا نتلقى تمويلًا من المريخ ليس فقط من المنظمات.
* شوارع المدينة تبدو اليوم خالية من الصحف والمجلات.. كمسؤول أول عن الثقافة، لماذا تغيب الوسائل المقروءة التي يفترض حضورها.. وأين دوركم؟
** المعنيون بالإصدارات والإعلام وما حوله هم المسؤولون بدرجة أولى، لكن بالتأكيد في ظل هذا الوضع المزري تجد أن صحيفة الجمهورية، وكثيرا من الصحف، المباني، والأدوات انتهت، نهبت، خربت، وتحتاج لإعادة تأهيل بمبالغ مهولة جدا.. أنت تحتاج لفعل ثقافي تحتاج أيضا لفعل إعلامي يحتاج لدعم، يحتاج لطاقم إعداد، فالحرب بالتأكيد هي العدو الأول لمثل هذا الأمر، فقد أراد الحوثي أن يخنقنا ويمنع علينا الهواء، ما بالك بالصحف والمجلات.. كذلك أصبحت مواقع التواصل، والإلكترونية هي الأبرز والأكثر حضورًا، لكن لا يمكن أن نستغني عن الصحافة الورقية.. نحن نشتاق ذات يوم فعلا أن نذهب إلى الأكشاك لنجد صحيفة الجمهورية، الثورة، الثقافية، كل الصحف العربية، الخارجية، الدولية.
في مهرجان القاهرة، نحن نقدم فرحة خالصة، نحاول أن نسعد الجمهور
* مُثقفو تعز، عاطلون عن العمل.. لكن المكتب مؤخرًا عمل على طباعة الكتب والروايات وبعض الدواوين الشعرية للكثير من المثقفين والأدباء.. ربما كان نجاحًا فكريًا ومعنويًا لأصحابه.. والسؤال كيف يعيش هؤلاء في ظل تكالب الظروف؟
** ما يعانيه المبدعون والمثقفون والشعراء هو إرث مُتناقل، تجد معاناتهم كانت قبل عشرة أعوام أو قبل ثلاثين عامًا هي نفس المعاناة وذات الإهمال والتقصير.. مكتب ثقافة تعز يتمنى أن لا يرى معاناة في عين أو جسد أي مُبدع أو مثقف أو فنان، لذلك نحاول أن نقف معهم ونساندهم في كثير من المحن التي تزايدت بسبب الحرب..
الحرب كارثة كبيرة على البلاد بمجملها، لكن لأن المبدع ذو طبيعة حساسة استثنائي في تعامله، و نظرته، تأتي هذه المتغيرات عليه مثل الجحيم.. لذلك نحاول أن نقدم ومضات من الفرح عندما نتبنى مشروعًا لأحد الكتاب الذين طحنتهم الحرب وغيبتهم، نقدم له مهرجانًا متكاملًا احتفاءً بإصداره.. لو كنتُ أمتلك موازنة كبيرة ومهولة أستطيع من خلالها أن لا أجعل أي مثقف أو أديب أو شاعر يحتاج لشيء.
لدي حلم أن أقيم مشاريع استثمارية يديرها كثير من الفنانين والمبدعين تعود بريعها عليهم، كذلك إيجاد مساكن وتفاصيل.. نحمل آمالا كبيرة أعتقد أنا ومن حولي، نناقشها بتفاؤل، لكن الواقع قبيح بكل ما فيه من معنى، ومع ذلك نستطيع أن ننتصر عليه، ونعلق الآمال على رأسمال وطني كبير.
سنظل نقدم المزيد من الإصدارات، ونواصل الاحتفاء بالشعراء والمبدعين، نحتفي بهم، ونوثق لإرثهم الثقافي الذي ظل منسيًا.. أحد الشعراء لديه إرث يقترب من 35 عامًا، لم يستطع أن يصدر إصدارًا واحدًا، ستعرفونه في اليوم العالمي للغة العربية 18 من ديسمبر القادم، الذي سينطلق فيها معرض الكتاب الرابع في تعز.. في هذا العام سأقدم موسوعة الشعراء الشباب من تعز وفي تعز.
| تعز لم تكن بمثل هذه الفوضى الفكرية أو الأيديولوجية.. حالة عدم الثقة، المناكفات، والصراعات هي وليدة الغرف المغلقة والمقرات التي لا ترى إلا مشروعها.
* عادة الثقافة تسعى إلى تغيير الأفكار، والرقي في التفكير، وإخماد المناكفات والصراعات خصوصًا الحزبية، وهذا ما لا نلمسه في مدينة الثقافة.. ما تعليقك؟
** لا يمكن أن نتخاطب بالعموم في هذا الأمر.. دائمًا ما أحمل الحرب وزر كل هذه المتغيرات.. تعز لم تكن بمثل هذه الفوضى الفكرية أو الأيديولوجية.. حالة عدم الثقة، المناكفات، والصراعات هي وليدة الغرف المغلقة والمقرات التي لا ترى إلا مشروعها ولا ترى الوطن أو الجمهورية.. أنا ضد هذه الأفكار، وأريد كل ما أقدمه هو الفعل الجامع، الذي يوحد لا يفرق.. بين كل هذه الخلافات تجد هناك نقاطا مشتركة يجب من خلالها أن نذهب ونمضي إلى المستقبل إلى استكمال التحرير، والتخلص من نبتة الشر الانقلابية.. نحتاج لكثير من الإيمان والثقة ما بين كل هذه الأطراف التي تقدم الأيديولوجية الحزبية والفكرية ولا تقدم المشروع، الوطني.
ربما لو كنت منتمياً حزبياً، لن أتلقى هذا الكم الكبير من التحريض المخيف
أعتقد أنه خلال هذه الفترة، هذه الأيام بالذات، أجد أن هذا المشروع بدأ يثمر، هناك تقاربات رائعة، لم تكن ضمن الحسبان، وتجد كثيرا من أصولي الأحزاب لم يكونوا يريدونها، لكن الواقع جعلهم يذهبون إلى هذه النقاط المشتركة، وجعل مثل هذه الأفكار والتقاربات مهمة حتى ننهض.. دائماً أخبرهم أن علينا أن نتناسى كل أحقادنا والخلافات، ويجب أن نضع أيدينا بأيدي من يشاطروننا إيمانهم بأن هذه النبتة السلالية لن تترك أحدا، ولا تريد أحدا أمامها، ويجب أن نقف جميعا.. هذه الأيام أصبح هذا الصوت مرتفعا وأصبحنا نجد أصداء كبيرة لمثل هذا التقارب.. لذلك هذه تعز رغم هذه التباينات والفوضى الفكرية لكنها عندما تجد أنها وصلت إلى مرحلة اللا عودة تنتشل نفسها، وتعود أكثر قوة، وأكثر ألقا وحلفاء..
* لأربعة أعوام مُتتالية، ومهرجان قلعة القاهرة يُقام خلال أيام العيد.. ومع كل عام كان يتلقى المزيد من النقد، إلا أنه لم يتوقف.. برأيك لماذا تتعرضون لكل هذه المُعارضات؟ وما غرضها؟
** سأخبرك.. ربما لو كنت منتمياً حزبياً لطرف معين، أو ربما الأصوليون المتواجدون، المتطرفون المحسوبون على أيديولوجيا معينة لن أتلقى هذا النقد أو الكم الكبير من التحريض المخيف الذي أصبح فعلا غوغائيا يشيطن هذه المدينة.. لو كنتُ أخاف كنتُ سأهرب في يوم أن احترقت سيارتي، وكان هناك طريق آمن من تعز إلى عدن إلى القاهرة وصولاً إلى كندا، هذا في 2017، لكن لم أكن يوما جبانا.. أنا أحمل مشروعا، ولن أخذل من حولي أبدا، لم أقدم مصلحتي الشخصية على المصلحة العامة والفعل الثقافي لذلك صمدت.. تعرضت ربما لأسوأ حملة تحريض من داخل المدينة بينما كان المفترض أن تتوجه ضد القتلة "ومفصعي" المدينة الذين أرهقونا قبحا وكراهية وجعلوا كثيرا من الناس يفقدون إيمانهم بهذا المربع الكبير الذي يحمل هم الجمهورية وهم الوطن برمته.. ما زال التحريض مستمرا حتى مع ونحن نكفل مهرجان قلعة القاهرة الرابع، لكن كلما حرضوا أزداد إيمانا أنا وفريقي بأن نقدم فعلا ثقافيا لنخرسهم.. لن يسكتونا إلا إذا قتلونا، هذا ما تبقى لديهم، والتحريض قد يقود إلى هذا الأمر، لكن هي تعز، أعتقد منحناها دماءنا وأرواحنا، وكثير يشاطرني هذه القناعة من نجوم ومثقفين ومبدعين صمدوا ولم يخافوا.. هم أرادوا أن نخاف، لأن الخوف هو وسيلتهم لتمرير أفكارهم المتطرفة الغبية التي عفى عليها الزمن.. لم ينتصروا بعد ولن ينتصروا.
* للثقافة أعداء كُثر -حد قولك.. من هم؟ هل هدفهم إفشالك أم إفشال العمل الثقافي؟
** بالتأكيد هم لا يريدون لهذه المدينة أن تظل مدينة للثقافة.. لأنهم يحمون مصالحهم، وتحولوا إلى تجار حروب سواءً من ينادون باسم الدين، أو القيم.. بالتأكيد أن كل من حولي لا يحملون إلا الاحترام والتقدير، وينتمون للدين، للوسطية والاعتدال، وهذا أكثر ما يجلدهم، إذ يظنون أنها هي مشروع غربي، من باب فقط وصايتهم على الدين.. المنبر عندما تصعده أنت بالتأكيد يجب أن تتحلى بقيم وسماحة الدين ووسطيته.. أعتقد أنهم يحاربون النبي من خلال خطابهم الأرعن، لأنهم لا يلتزمون بما يقوله النبي.. هؤلاء ليل نهار يحددون بالاسم، بالصفة، يدخلون في تفاصيلنا، في أعراضنا يصوروننا وكأننا سنقضي على بيض الدين، فعلاً هم من أفسدوها بتطرفهم، باختزالهم الدين في شخصهم، وحزبهم، في انتمائهم، في هويتهم، وهذا ظلم كبير للدين..
| الأيديولوجيا والفكر المتطرف الأصولي الذي لا يرى إلا نفسه هو عدونا، ومن حولهم من أصحاب المصالح يتماهون معهم، لأنهم يظنون أن مثل هذه الأصنام الدينية التكفيرية التحريضية تخدمهم بينما هم يربون أفاعي سامة.
لن أسمي، سأقول إن الأيديولوجيا والفكر المتطرف الأصولي الذي لا يرى إلا نفسه هو عدونا، ومن حولهم من أصحاب المصالح يتماهون معهم، لأنهم يظنون أن مثل هذه الأصنام الدينية التكفيرية التحريضية تخدمهم بينما هم يربون أفاعي سامة، يسممون العقل والفكر.. هذه المدينة، مدينة الثقافة والفن والحياة والدين والإنشاد، مدينة الروح، غنى فيها الفنان أبو بكر، وأيوب، استقبلت الفرقة الروسية، والكثير من التنوع الجميل، لذلك ستنتصر بفعلها الثقافي والسماحة الجميلة والأفق الممتد على مساحة الوطن وليس تعز فقط..
قال إن تعز ما زالت مدينة لعمار العزكي بفعالية في ميدان الشهداء
* بعد حادثة استشهاد خليل عبده، في قلعة القاهرة.. ومنع استقبال جماهير الفنان اليمني عمار العزكي في ميدان الشهداء.. هل سيقام المهرجان في موعده من العام القادم؟ ومن هي الشخصيات التي ستشارك جماهيرها بالغناء؟
** أثق أنني سأقيم المهرجان كيفما كان، فالجغرافيا لا تعنيني.. بدأت من الشارع، وكان الاستهداف كبيرا في العام 2017، لا يمكنك أن تسمع أغنية لأيوب في ظل الاحتقان والفوضى التي كانت تعانيها المدينة، وهي تواجه المشروع الانقلابي.. لكن بالنسبة لي عندما رفعنا هذا الأمر للسلطة المحلية، وجه محافظ المحافظة بإعداد دراسة لإعادة تأهيل وترميم هذا الصرح الكبير، وأنا أنتظر مثل هذا الأمر، إن تمت الإصلاحات في وقتها وقبل المهرجان بفترة، فبكل تأكيد أن المهرجان سيقام في القلعة، أما في موعده فهو سيقام في عيد الأضحى، سيظل المهرجان يحمل تعز ويحمل مشروعي ومشروع من حولي، أصبح رسالة جميلة عن تعز..
هناك فنانون سيحضرون. تعز ما زالت مدينة للفنان عمار العزكي بفعالية في ميدان الشهداء، وما زلت أسعى لها إما لأثبت أن هناك من يستهدفنا استهدافاً لأننا مكتب الثقافة، ولا يريد أي فعالية ثقافية.. لنفضحهم ونفضح مشاريعهم، لأننا التزمنا بكل التوجيهات التي وصلتنا بإيقاف الفعالية لأسباب.. لم نجدها عندما أقام أيمن المخلافي، مدير مكتب الشباب والرياضة، فعاليته الكروية، الكبيرة، وأنا أؤيده وأسانده.. لم نجد تلك المحاذير وهم يدعون للنساء إلى ميدان الشهداء.. تحول الأمر لصالحي بشكل كبير، وعرف الجميع أننا نشتغل في حقل ألغام قبيحة، لكننا مستمرون، لن أقف في هذا الأمر، سأتوسد وأختار شارع جمال من أقصاه إلى أدناه، سأجعل كل الأماكن قاعات احتفالات، لن أتوقف إلا إذا غيبني الموت، وبعد ذلك سأرى ربما يُحمَل هذا الإرث ويستكمل المشروع..
دائماً ما يتكلمون أن إسعاد الناس هو من أعظم القيم وأفضلها، هذا عندما يكون الأمر متعلقاً بالدين وبالتبرعات والهبات والزكاة والوقوف مع المساجد.. لماذا لم نجد هذا في الفعل الثقافي الذي نقدمه.. كم من أسرة نسعدها، لم تصعد إلينا هذه الأسرة إلا من بؤس الواقع، من قبحه، حرب، حصار، غلاء، حالة انقسام كبيرة تشهدها البلاد، تجار حرب أُثروا على حسابنا وأجيالنا.. هذا الوضع جعلهم يأتون إلينا يبحثون عن السعادة والفرحة.. هذه الصورة الجميلة، لم نشترها لا بمال ولا بالوعود ولا بالخطاب الذي يقدمه البعض ويختزلون أنفسهم كمتحدثين عن السماء.. نحن نقدم فرحة خالصة، نحاول أن نسعد الجمهور، فلماذا نستثنى من هذا الحديث، عن إدخال السعادة وهو أعظم شيء.. نحن نؤمن بهذا الأمر، لذا لن ننكسر ولا يمكن لهم هزيمتنا وهزيمة مشروعنا.. نحن مشاريع حياة، وغد مشرق مكلل بالتسامح والتعايش وعودة الوطن وتعافيه، لذلك سنظل نحمل أفكارا جديدة نقدمها..
| ما زالت صوة المهرجان هي الأكبر في تعز.. أما من وقفوا ضدنا، فهم لا يريدون أن يروا الميدان وهو يبايع الثقافة والفعل الثقافي.
ما زالت صوة المهرجان هي الأكبر في تعز.. أما من وقفوا ضدنا، فهم لا يريدون أن يروا الميدان وهو يبايع الثقافة والفعل الثقافي.. عندما ترى الجمهور العائد بعد أن أعلنا عن إيقاف المهرجان، كانت الناس مكتظة بالآلاف من الميدان وحتى شارع جمال.. لا حزب لدينا ولا هناك من يستقطب الناس بأي تفاصيل أو إغراءات.. فقط حبا فينا وحبا لما نقدمه، لأنهم يشعرونا أننا نقدم الصدق، نقدم الحياة والفرحة، وهذا شيء أسعدنا، وما زلنا نحمل هذه الآمال ونؤمن أن المتغيرات الحاصلة الآن ستجعل من وقفوا ضدنا البارحة يصفقون غداً معنا..
مدينون لعمار العزكي، وهو مستعد كما وعدني، كما نحن على تقارب كبير مع الفنان وليد الجيلاني، ابن تعز، وقد أبدى موافقة مبدئية.. وقد كان لدينا عمر ياسين وهاجر النعمان لكنهما تزوجا وغادرا البلاد.. حسين محب كان قد أبدى استعداده، قبل ذهابه إلى المركز الثقافي في القاهرة، كان مُعجباً بالجمهور الرائع الذي خرج لعمار العزكي.. أي فنان يتمنى أن يكون هذا الجمهور العريض جمهوره.. الفنان بكل تأكيد من يصنع نجاحه هو ذلك الجمهور المحب.. نتشرف بهم جميعاً، وإن حصلت متغيرات ستعلمون عنها في حينها..
* رسالتك التي تود توجيهها لجمهور الثقافة ومُحبي الفن في المدينة؟
** كونوا معنا كما كنتم.. صفحاتكم، أقلامكم، رسائلكم، حضوركم معنا، المؤازرة، ونقدكم البنّاء، هذه كلها جعلتنا نترقى أكثر، ونُجوّد أعمالنا وننجح ونتماسك بشكل أكبر.. يعلم الناس نجاحنا وما نقدمه وما نعانيه.. لكم كل الحب، وكل عام وأنتم الأمل الذي من خلاله نخطو ونشتعل إبداعاً وحياةً..
المحرر ..
الشكر موصول للأستاذ عبدالخالق سيف لسعة صدره وانفتاحه وصراحته .. وعلى وقته الثمين.
والشكر لجهد ومثابرة زميلنا وعضو هيئة التحرير الصحفي الشاب ضيف الله الصوفي.
وشكرا لتعز...