"خرق الأراضي السيادية" بـ "إيعاز إيراني" : لماذا اقتحم الحوثي السفارة الأميركية؟

  • الساحل الغربي، توفيق علي - independentarabia
  • 06:23 2021/11/16

لم يمهل الحوثيون الولايات المتحدة كثيراً ليردوا على هديتهم السخية التي قدمتها إدارة بايدن فور صعودها سدة البيت الأبيض التي تمثلت في المسارعة بإلغاء تصنيف الميليشيات الموالية لإيران من قائمة الجماعات الإرهابية، لتقابل الإجراء الذي وصفه مراقبون بـ "الناعم" باقتحامها سفارة واشنطن ونهب محتوياتها، بل واعتقال عدد من موظفيها في صنعاء الخاضعة لسيطرتها.
 
ولهذا لم يكن مفاجئاً أن تتعالى أصوات عدد من المشرعين في الكونغرس الذين أبدوا استغرابهم من رد فعل الحوثي على هدية بايدن بإلغائهم في فبراير (شباط) الماضي من قوائم الجماعات الإرهابية، كما هو الحال بعضو الكونغرس الأميركي دان كرينشاو الذي قال مستغرباً إن الحوثيين المدعومين من إيران اقتحموا السفارة ال أميركية في اليمن واحتجزوا رهائن، "لكن في غضون شهر من تولي جو بايدن الرئاسة قام بشطب الجماعة من قائمة الإرهاب".
 
وكما ذهب مراقبون إلى اتهام إدارة بايدن بالتعامل بنوع من النعومة مع الحوثيين، خصوصاً عقب تصعيدهم العسكري الأخير وقصف المدن اليمنية والسعودية بالصواريخ البالستية والمسيرات المفخخة، ورفض دعوات السلام وأبرزها المبادرة السعودية لإنهاء الحرب، شدد كرينشاو على أن تلك الخطوة أظهرت ضعف الولايات المتحدة تجاه أعدائها، وفق تعبيره، مضيفاً أن عملية الخطف هذه "ثمن رهيب لإظهار الضعف لأعدائنا".
 
قلق ومطالبات
 
والجمعة، عبر أعضاء في الشؤون الخارجية بمجلسي النواب والشيوخ الأميركي عن القلق البالغ إزاء التقارير التي تفيد بأن الحوثيين انتهكوا مجمع سفارتنا في صنعاء، واحتجزوا وضايقوا عدداً من الموظفين الأميركيين المعينين محلياً والموظفين السابقين العاملين لدى الأمم المتحدة.
 
وأشاروا في بيان مشترك إلى أن مثل هذه الأعمال تنتهك القانون الدولي والمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، ويجب عدم التسامح معها، مؤكدين أن خرق الأراضي السيادية لسفارة أجنبية وتهديد موظفيها واحتجازهم يظهر بوضوح أن الحوثيين ليس لديهم مصلحة في السلام".
جاءت تلك المطالبات بعد أن دعت الولايات المتحدة، ميليشيات الحوثي إلى إخلاء مبنى السفارة الأميركية في العاصمة اليمنية التي تسيطر عليها الميليشيات، مشددة على ضرورة الإفراج الفوري عن موظفين يمنيين فيها من دون أن توضح الآلية التي يمكن لها إقناع الميليشيات بالإفراج عنهم وعبر من.
 
وأوضحت الخارجية الأميركية في بيان أنه تم الإفراج عن غالبية الذين اعتقلوا سابقاً، إلا أن بعض الموظفين اليمنيين ما زالوا محتجزين من دون تفسير، ومن دون أن تحدد عددهم أو مهماتهم.
 
 
إلى ذلك، شددت على أن الحكومة الأميركية ستواصل جهودها الدبلوماسية لتأمين الإفراج عن كافة الموظفين وإخلاء السفارة.
 
والجمعة الماضي، اقتحمت عناصر من ميليشيات الحوثي الموالية لإيران مقر السفارة الأميركية في صنعاء، الكائن بشارع "شيراتون"، وقاموا بنهب معدات السفارة ومحتوياتها.
 
واعتقلت الميليشيات ثلاثة من موظفي السفارة الأميركية بصنعاء، بعد قيامها قبل حوالى ثلاثة أسابيع باختطاف 22 آخرين معظمهم يعملون ضمن طاقم الحراسة الأمنية الذي ظل يحرس مجمع السفارة، ونهبوا كمية كبيرة من التجهيزات والمعدات بعد أيام من اختطاف حوالى 25 شخصاً بقوا في مبنى السفارة بعد تجميد عملها.
 
 
وأُغلقت سفارة الولايات المتحدة في صنعاء عام 2015 بعدما استولى الحوثيون على العاصمة اليمنية، لكن بعض الموظفين اليمنيين استمروا في العمل من منازلهم إضافة إلى حراس أمن المباني، قبل أن تعتقلهم الميليشيات قبل أيام.
 
سلوك إجرامي منفلت
 
مجلس الوزراء اليمني دان الفعل الحوثي، واعتبر اقتحام الميليشيات للسفارة الأميركية "استمراراً للسلوك الإجرامي والمنفلت، ويأتي ضمن الأعمال الإرهابية الحوثية المستمرة في تحدي كل القوانين والأعراف الدولية".
 
وعبر عن "إدانته واستنكاره الشديدين لما أقدمت عليه ميليشيات الحوثي من اقتحام للسفارة الأميركية في صنعاء واعتقال عدد من موظفيها"، وفقاً لوكالة الأنباء الرسمية "سبأ".
 
وجددت الحكومة الشرعية الترحيب بقرار مجلس الأمن بإدراج ثلاثة من مجرمي ميليشيات الحوثي على قائمة العقوبات، لإسهامهم في عمليات الإجرام والانتهاكات بحق الشعب اليمني وتهديد أمن السعودية.
 
 وطالبت حكومة معين عبدالملك بإجراءات أكثر صرامة تطال الجماعة الإرهابية الحوثية نفسها كجماعة إرهابية مسلحة، مثل استكمال العقوبات التي تطال قياداتها كأفراد.
 
وكما جرت العادة، سخر الحوثيون من اتهام الولايات المتحدة لجماعتهم باقتحام سفارتها المغلقة في صنعاء واختطاف موظفيها مطالبين واشنطن في الوقت ذاته بصرف رواتبهم وعدم التخلي عنهم كما حصل في أفغانستان.
 
جاء ذلك في تغريدة لعضو ما يسمى بـ "المجلس السياسي الأعلى" الحاكم باسم الميليشيات في صنعاء محمد علي الحوثي، رداً على بيان لأعضاء في الكونغرس الأميركي حذروا الجماعة من عواقب استمرار احتجاز موظفي سفارة واشنطن باليمن.
 
وقال الحوثي إنه "تم إخلاء السفارة من قبل الأميركيين، وبعد فترة أعلنوا إيقاف رواتب الموظفين المحليين في اليمن، ثم يزعمون اقتحام سفارة مغلقة واعتقال الموظفين".
 
وأضاف في تغريدته، "سلموا رواتب الموظفين المحليين يا أمريكان فمن الجحود قطع رواتب من قاموا بخدمتكم بأوضاع اليمن المأساوية. لقد تخليتم عنهم كما حصل بأفغانستان".
 
وعلقت البعثات الدبلوماسية عملها وأغلقت السفارات أبوبها منذ الانقلاب الحوثي نهاية 2014، بعد أن فرضت الميليشيات مسلحيها لحراسة مبانيها ومقارها في صنعاء، باستثناء سفارة روسيا التي ظلت مفتوحة حتى مقتل الرئيس السابق علي صالح في ديسمبر (كانون الأول) عام 2017.
 
ووفقاً لمصادر إعلامية مطلعة، فإن عناصر الميليشيات دهموا الجمعة الماضية منزل عبدالمعين عزان، وهو موظف سابق في السفارة وكان يشغل وظيفة منسق مبادرة الشراكة الشرق أوسطية MBI في صنعاء، بينما كان في جلسة مع أصدقائه واختطفوه مع زميليه جميل إسماعيل المسؤول الاقتصادي في السفارة، وهشام الوزير وهو موظف في الوكالة الأميركية للتنمية التي تعتبر الذراع التنموية لوزارة الخارجية الأميركية، واقتادوا الثلاثة إلى مكان غير معلوم.
 
"إيعاز إيراني"
 
ولم تكن تلك الحادثة هي الأولى من نوعها، إذ عرف عن الميليشيات الحوثية اقتحام العديد من المباني الدبلوماسية ومقار المنظمات الإغاثية الدولية في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وفرض مسؤولين وعاملين فيها.
 
ويقول المحلل الاستراتيجي عبدالعزيز الهداشي إن اقتحام السفارة الأميركية عادة لصيقة بالنظام الإيراني، كما حدث في طهران، وأبرزها اقتحام المتظاهرين المسيسين سفارة واشنطن إبان الثورة الإيرانية واحتجاز موظفين أميركيين، وتعداه لاحقاً لاقتحام سفارات عربية.
 
ويضيف، "ما حصل في صنعاء هو استنساخ غير مسؤول لما حدث في طهران سابقاً، لكن المفارقة أن الموظفين المحتجزين يمنيين".
 
وبالإشارة إلى الرسالة التي حملتها هذه الواقعة يؤكد أن الميليشيات ومن خلفها إيران تهدفان إلى إيصال إشارة للأميركيين مفادها أنا لن نقيم علاقات معكم ولا نحسب لكم حساباً، وهي ورقة ابتزاز جديدة للغرب إزاء ملفها النووي كما توهم بها أتباعها بأنها فعلاً تحارب أميركا.

 

ذات صلة