قرار مجلس الأمن و تقرير الخبراء.. فيصل الصوفي يقرأ متغيرات ما بعد (2216): «القوى الجديدة» من عدن وحتى الحديدة
- المخا، الساحل الغربي، كتب/ فيصل الصوفي:
- 09:25 2021/02/05
ذكر قرار مجلس الأمن رقم 2216، عشرات المرات في تقرير الخبراء الأخير، الذي ما يزال يثير ردود أفعال مختلفة ومناقشات مستمرة منذ نحو أسبوعين، وبالنسبة لنا، لفت انتباهنا أمران حول هذا الشأن:
الأمر الأول، هو أن الخبراء سجلوا في تقريرهم الأخير -ولأول مرة- إقراراً أمام لجنة مجلس الأمن الدولي المنشأة بموجب القرار 2140 لعام 2014، وبالتالي أمام مجلس الأمن نفسه، أن ثمة قوى جديدة ظهرت على الأرض بعد صدور القرار 2216، وقالوا إن مفاوضات السلام في اليمن ينبغي أن تشمل هذه القوى، وأن لا تقتصر على الطرفين المحددين في قرار المجلس، بحكم أن النزاع المسلح في اليمن لم يعد ثنائياً.. فإلى جانب الحكومة هناك المقاومة الوطنية- حراس الجمهورية، التي تقاتل ميليشيا الجماعة الحوثية في الساحل الغربي، وظهرت في الجنوب قوة جديدة هي المجلس الانتقالي، الذي يقاتل الميليشيا نفسها، وإن كان على خلاف مع الحكومة.
كتب الخبراء في تقريرهم: الحوثيون ليسوا القوة الوحيدة التي تنطبق عليها الفقرة 1 من القرار 2216، وحينها كانت الفقرة تتعلق بالشرعية والجماعة الحوثية التي استولت على مؤسسات الدولة بالقوة.
ينبغي على الشرعية أن تدرك أن مجلس الأمن والمجتمعين الإقليمي والدولي، لم يحولا دون تضعضع حالتها أمام الجماعة الحوثية وميليشياتها، وأن القوى المحلية التي تشاركها العداوة للجماعة قد حققت كثيراً من المكاسب على حساب المشروع الإيراني وأدواته في اليمن.. وأحدث دليل على ذلك قدمه أهم الوزراء في حكومة هادي السابقة، وهو خالد اليماني الذي قال قبل يومين لقناة الشرق لأن الأميركيين والبريطانيين كانوا يرون أن تحرير الحديدة سوف يتم دون عمليات عسكرية، وأنه سوف يؤسس لعملية السلام! وأن لا حكومة الشرعية ولا وزارة دفاعها كانت تشرف على القوات (المقاومة الوطنية في طليعتها) التي كانت قادرة على تحرر الحديدة خلال أسبوع فقط، وقال ما مؤداه إن تلك القوات كان يقودها طرف في التحالف لكنه ليس السعودية (الإمارات يعني)، لكن تم وقف العمليات العسكرية قبل قطع القوات المهاجمة المسافة المتبقية، وهي ثلاثة كيلومترات للوصول إلى قلب المدينة وطرد الحوثيين منها.
لقد كان لهذه المكاسب أن تتضاعف لصالح اليمن وشعبه، لولا اتفاق ستوكهولم الذي يقترن ذكر الحكومة له بالمقت.. كانت القوة الرئيسية التي حققت تلك المكاسب قريبة من الشرعية، وليس خصماً لها أو منافساً لها.. وبالمثل ينبغي للشرعية إدراك أن المجلس الانتقالي الجنوبي الذي أسس عام 2016، غير الانتقالي في العام 2021.. وأن الخبراء الدوليين الذين خبروا الحالة اليمنية مراراً وعن قرب، قد استنتجوا حقيقة لا ينبغي المكابرة عليها، وهي (أن تنفيذ قرار مجلس الأمن 2216، بالكامل أصبح متعذراً أكثر، بسبب التحولات في ديناميات السلطة والسيطرة على الأراضي)، ولا يعني هذا أن تستبعد الشرعية القرار من بين المرجعيات التي تتمسك بها، بل يعني الأخذ في الحسبان شموله قوى جديدة، ليغدو واقعياً قابلاً للتنفيذ دون صعوبات.
الأمر الثاني، كان تركيز الخبراء على أطراف معينة في ما يتعلق بانتهاك القرار.. مثلها في ذلك مثل حكومة اليمن والجماعة الحوثية.. ومنذ اتخذ مجلس الأمن الدولي قراره رقم 2216 في العام 2015 استمرت الحكومة في فقد سلطتها على أراضيها، بينما استولى الانتقالي على أراض استراتيجية في عدن وأبين وشبوة وسقطرى، كما استولى الحوثيون على أراض استراتيجية أيضاً في الجوف والبيضاء ومأرب، فقوضوا بذلك أهداف القرار.. مع زيادة أن الانتقالي انتهك الفقرتين 1 و6 وهلم جرا.. ونحن نورد هنا مضمون الفقرتين (1 و 6) اللتين لم تردا في تقرير الخبراء، ففي الأولى طالب مجلس الأمن جميع الأطراف اليمنية، ولا سيما الحوثيين، الامتناع عن اتخاذ مزيد من الإجراءات الانفرادية التي يمكن أن تقوض عملية الانتقال السياسي، وأن تنفذ ما ورد في قرار المجلس 2201 لعام 2015، بشأن الكف عن استخدام العنف، أن يقوم الحوثيون بسحب قواتهم من جميع المناطق التي استولوا عليها بما في ذلك العاصمة صنعاء، التخلي عن جميع الأسلحة الإضافية التي استولوا عليها من المعسكرات العسكرية والأمنية بما في ذلك منظومة القذائف، والتوقف عن جميع الأعمال التي تندرج ضمن نطاق سلطة الحكومة الشرعية في اليمن.. أما الفقرة السادسة من القرار 2216، فهي تلك التي طالب فيها مجلس الأمن جميع الأطراف اليمنية الالتزام بتسوية الخلافات عن طريق الحوار والتشاور، ونبذ القيام بأعمال العنف لتحقيق أهداف سياسية، والامتناع عن الأعمال الاستفزازية وجميع الإجراءات الانفرادية بهدف تقويض عملية الانتقال السياسي، وأن تتخذ خطوات ملموسة للاتفاق وتنفيذ حل سياسي يقوم على توافق الآراء للأزمة في اليمن وفقاً لمبادرة مجلس التعاون الخليجي وآلية تنفيذها ونتائج مؤتمر الحوار الوطني الشامل.
ومع ما سلف من تسليطهم على الانتقالي، اعتبر الخبراء -في تقريرهم- أن الحوثيين قد شاركوا (...) في تقويض الانتقال السلمي، وأما إيران التي أرسلت إيرلو إلى صنعاء، فلم تقم بأكثر من مخالفة روح قرار مجلس الأمن، هي خالفت روح القرار، روحه فحسب لأنها عينت لها سفيراً بديلاً إلى صنعاء، أما أنها انتهكت القرار، فليس كثيراً، إذ من المحتمل أنها انتهكت -فقط لا غير- الفقرة 14 من القرار التي توجب على جميع الدول الأعضاء أن تقوم فوراً باتخاذ التدابير اللازمة لمنع القيام، بتوريد أو بيع أو نقل الأسلحة وأي معدات عسكرية من أراضيها أو خارجها أو بوساطة مواطنيها أو مرتزقة لفائدة الكيانات والأفراد الذين حددتهم لجنة مجلس الأمن، باستخدام سفن أو طائرات!!