أكذوبة صنعتها استخبارات الحوثي.. ماذا وراء فيديو زُهرة الحديدة؟

  • الحديدة، الساحل الغربي، التميمي محمد:
  • 07:32 2023/01/05

فيديو زُهرة الحديدة.. أكذوبة صنعها الحوثي لإلهاء الرأي العام عن جرائم النهب والإذلال لأبناء تهامة وحشدهم للجبهات
أكذوبة صنعتها استخبارات الحوثي.. ماذا وراء فيديو زُهرة الحديدة؟
   
 
كلما أسرفت مليشيا الحوثي الإرهابية في ارتكاب الجرائم بحق المواطنين المدنيين سواءً بقتلهم أو نهب أملاكهم وحقوقهم، ويصعب عليها تعتيمها، والصعوبة تجعلها تشعر بخطر يهدد كيانها ووجودها، فإنها تلجأ إلى سياسة إلهاء الرأي العام، من خلال اختلاق قضايا تلفت الرأي العام مستغلة عاطفته، لحرفه وصرف نظره بعيداً عن قضيته الأساسية المتعلقة بمصيره ووجوده.
 
الفيديو المتداول في مديرية الزهرة بمحافظة الحديدة الواقعة ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيا، والذي ظهر فيه أحد مشرفي المليشيا يتحدث أمام جمع من الناس عن زواج رجل برجل في المديرية ويدين ذلك ويطالب بأشد العقوبات، أكذوبة تضاف إلى أكاذيب المليشيا لإلهاء الرأي العام اليمني وأبناء تهامة على وجه الخصوص عن الانتهاكات والجرائم التي مارستها المليشيا ضدهم، وجر الكثير من المغفلين خلف شائعاتها الممنهجة لخدمة أهدافها وأجندتها القذرة.
 
تساؤلات
 
مثل هذه الشائعة تثير الكثير من التساؤلات..
فمن متى كانت المليشيا تسمح للناس بالتجمع بذلك العدد في مناطق سيطرتها وبكل أريحية؟!
 
المليشيا التي تبيح مثل تلك الجرائم وتشرعن ممارسة الشذوذ بين عناصرها في جبهات قتالها تحت مسميات عدة منها "مثبت الجبهة" و"متعة القناص" بفتاوى منها واعتراف العديد من أسراها ولا سيما الأطفال، كيف لها أن تمانع وتعاقب عليها أو حتى تستنكر حدوثها؟!
 
فيما يؤكد مراقبون ضلوع جهاز الأمن والمخابرات الحوثي وراء هذه الشائعة القبيحة، بهدف ترهيب أهالي تهامة وإرغامهم على الدفع بأبنائهم للدورات الثقافية (الطائفية) تحت مسمى محاربة الرذيلة والحفاظ على ما تطلق عليها (الهوية الإيمانية) لغرض تجنيد الأطفال والشباب وإرسالهم لجبهات القتال بالتزامن مع استعدادات المليشيا للحرب ونشرها لقواعد ومنصات صاروخية في عدد من المواقع لإطلاق الطائرات المسيرة في الحديدة، فكانت هذه الأكذوبة خدعة جديدة للرأي العام تضاف إلى رصيد المليشيا في الإلهاء والألاعيب السياسية الأخرى.
 
التضحية بالأبرياء
 
وفي سبيل تحقيق رغباتها الانتقامية من أبناء تهامة الرافضين لهيمنتها، لا يهم المليشيا التضحية بعدد من الأبرياء لتحقيق أهدافها المرسومة التي تندرج في سياق الإساءة وتشويه سمعة أهالي تهامة بشكل خاص واليمنيين بشكل عام، ولم تكن هذه الأساليب جديدة على جماعة العهر الحوثية التي لا تراعي أي أخلاق أو دين ولا يهمها سمعة اليمنيين، فقد سبق وأن روجت لأكذوبة مماثلة عن اغتصاب أفراد من القوات المشتركة لفتيات من مديرية حيس في منتصف العام الماضي.
 
وكان القيادي الحوثي حسين الأملحي نشر قبل فترة شائعة عن ضبط 69 حالة زواج مثلي في صنعاء والهدف هو شرعنة قيودهم وفرض فكرهم الطائفي وتكثيف دوراتهم الطائفية تحت مبرر محاربة الحرب الناعمة والحفاظ على (الهوية الإيمانية).
 
ويرى مراقبون، أن الاستخبارات الحوثية افتعلت وأخرجت الواقعة الممنتجة للعلن في ظروف وتوقيت حساس بالقضايا والضغوطات الشعبية ضد الفساد والنهب والاعتقالات والإعدامات وغيرها.
 
كما يرى المراقبون، أن هناك هدفاً آخر مباشراً يستهدف تهامة ومديريات الحديدة مجددًا بالتحشيد والتجنيد والتعبئة للدورات الطائفية والمسخ بذريعة أن المجتمع مهدد بالانحلال والغزو الناعم الذي تروج له وسائل إعلام المليشيا بشكل مكثف وممنهج هذه الأيام بالتزامن مع التحركات والتصعيد العسكري للمليشيا في جبهات الحديدة في محاولة لاستهداف الملاحة الدولية في البحر الأحمر.
 
تخبط وإرباك
 
تتخبط المليشيا الانقلابية وتفشل في تحقيق مطالب المواطنين في مناطق سيطرتها وحل مشكلاتهم، فتلجأ إلى قضايا هامشية بعيدة كل البعد عن المشكلات الحقيقية للمواطنين، ويتم النفخ بها عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، حتى تكبر وتتضخم ويتوجه إليها الرأي العام ليلتهي بها، لإغراق البلاد في إشكاليات لا تفيد، وإبعاد الناس عن التفكير والسؤال عن قضايا كثيرة مثل البطالة والفقر والعدالة الاجتماعية والجباية التي لا تنتهي، فسياسة الإلهاء تقوم على صناعة الأفكار التي تلهي أكثر مما توقظ وتسلب أكثر مما تفيد من خلال خلق قضايا ومواضيع غريبة وغير مألوفة أحياناً لتحويل الرأي العام عن قضاياه المصيرية وممارسة سياسة الإلهاء المُمنهج لصالح الأجندة الإيرانية ومشروعها في اليمن والمنطقة.
 
تخدير الرأي العام التهامي
 
اختلاق مليشيا الحوثي لهذه الحادثة، لم يكن سوى أسلوب من أساليبها القذرة لإلهاء الرأي العام، وتغطية للجرائم التي ارتكبتها بحق أبناء تهامة بقتلهم ونهب أملاكهم لا سيما الجرائم التي تعرضت لها  محافظة الحديدة مؤخرًا، فضلًا عن تخدير الرأي العام في مناطق سيطرتها، بغية إخفاء حالة التذمر في أوساط المواطنين في مناطق سيطرتها.
 
كل المؤشرات تقول إن اختلاق المليشيا لهذه الحادثة لم يكن سوى محاولة منها لإلهاء الرأي العام ومغالطته، لتغطية حالة الإرباك التي تعيشها المليشيا بسبب الغضب الشعبي ضدها والناجم عن الفوضى الأمنية وتدهور الوضع المعيشي للمواطنين وهو ما ظهر جليًا في العاصمة صنعاء والمحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثي، فضلاً عن حالة التذمر والسخط الشعبي الذي تشهده محافظة الحديدة بعد جرائم النهب والإذلال لأبنائها من قبل المليشيا.
 
صناعة الأكاذيب لتغطية الحقائق
 
ويلاحظ كثيرًا أن المليشيا تلجأ عادةً إلى اختلاق الأكاذيب وإثارتها عقب أي هزيمة عسكرية تمنى بها في جبهات القتال أو فضيحة سياسية أو تقصير أمني أو اقتصادي أو اجتماعي، فتلجأ من خلال ذلك إلى تخفيف نقمة الرأي العام عليها في مناطق سيطرتها.
 
وتحاول مليشيا الحوثي إخفاء الجرائم التي يرتكبها عناصرها وقياداتها في صنعاء والمحافظات التي تسيطر عليها، إلا أن التسريبات التي تظهر بين الحين والآخر تدل على الفوضى الأمنية وازدهار العصابات الإجرامية، رغم احترازات المليشيا بعدم وصول الجرائم إلى وسائل الإعلام، وعدسات الراصدين.
 
سياسة الضربة الوقائية
 
تقوم المليشيا الحوثية بحملة إعلامية وقائية بغية استباق أي تطورات داخلية، أو حين تشتَمُّ رائحة تمرد أو تململ لدى المواطنين في مناطق سيطرتها؛ فتقوم بخطوات معينة تشمل اختلاق أكذوبة أو شائعة، يرافق ذلك حملة تشهير إعلامية واتهامات تصل إلى حد التآمر على النظام، وتهديد أمن الدولة، وتهمة الارتباط بدول أجنبية، واستهداف "الهوية الإيمانية" التي تدعي المليشيا الدفاع عنها.

 

ذات صلة