إخفاء وتعذيب وابتزاز بشماعة التخابر.. آية المخمري فتاة دمرت مليشيا الحوثي مستقبلها وأسرتها منذ اختطاف عائلها الوحيد

  • صنعاء، الساحل الغربي، محمد التميمي:
  • 08:59 2022/12/17

"أشتي يفرجوا عن والدي لأني المعيلة الوحيدة لأسرتي ووضعنا الحالي صعب، لا أستطيع إعالة أسرتي ومتابعة والدي وتوفير احتياجاته الأساسية اليومية كل يوم إلى السجن، خصوصاً بعد أن خرجت من العمل بسبب انشغالي بوالدي المختطف".. بهذه الكلمات بدأت الشابة آية محمد إسماعيل مهيوب المخمري (19عامًا) حديثها لـ"الساحل الغربي" عن معاناتها منذ اختطاف مليشيا الحوثي لوالدها.
 
نهار الأربعاء 27 مارس/أذار 2019، كان السبعيني محمد اسماعيل مهيوب المخمري (76 عامًا)، في طريقه إلى السوق لشراء بعض حاجياته كانت مليشيا الإرهاب الحوثية تتربص به لاختطافه من جوار حديقة الثورة في العاصمة صنعاء، وإلغاء وعده لابنته آية بالعودة منذ ذلك التاريخ إلى اليوم.
 
إخفاء قسري إلى الرمق الأخير
 
لم تعرف آية مكان اختطاف والدها إلا بعد سنة وستة أشهر من اختطافه، بعد أن خسرت كل ما لديها ولجأت للعمل لتوفير ما تقوت به نفسها وأسرتها.
بعد أن تدهورت حالة والدها وتفاقمت أمراضه المزمنة جراء التعذيب الوحشي الذي تعرض له جسديًا ونفسيًا طيلة فترة اختطافه، تقول آية: "جاء لعندي للبيت واحد يدعى أبو محمد، أحد مشرفي الحوثي في جهاز الأمن والمخابرات وكلمني أن والدي مختطف لديهم".
 
وأردفت آية: "لم يسمحوا لي بزيارته إلا بعد شهرين من إبلاغي بمكان اختطافه، وأول زيارة زرته فيها كانت بعد سنة وثمانية أشهر من اختطافه، وكانت حالته الصحية متدهورة، ويعاني من مرض السكري والضغط وتمزقات في الكبد، وهذه الأمراض كلها ناتجة عن التعذيب الذي تعرض له".
 
تعذيب جسدي ونفسي
 
تعرض المختطف المخمري لصنوف من التعذيب الجسدي والنفسي التي وصفها وسردها لابنته آية في أولى زيارة له في السجن.
 
وعن طرق التعذيب الجسدي تقول آية: "تعرض والدي للضرب الشديد والصعق الكهربائي، حيث أدخلوه في زنزانة ومنعوا عنه الأكل والشرب لمدة أربعة أيام، وكانوا يقومون بتعليقه على يد ورجل واحدة طول النهار وفي الليل يتم تعذيبه بأشكال التعذيب الأخرى".
 
تضيف آية "أما بخصوص عينيه فبدأ يفقد النظر وقد طالب عدة مرات أن يسعفوه أو يفحصوا نظره وتم تجاهل الأمر، فيما سبب له مرض السكري وتمزقات الكبد مضاعفات كبيرة لحالته الصحية وتورم جسده ووجهه بالكامل، ورغم مطالبته المتكررة لإسعافه ويقابل ذلك بالتجاهل كالعادة، إلى أن قام بقطع رأس أنفه بمادة حادة وإخراج الدم المتجلط من وجهه، بسبب التعذيب".
 
وعن التعذيب النفسي الذي تعرض له والدها تقول آية: "كانوا يقولون له إن بنتك مختطفة عندنا وقد حبسناها وبنعذبها لمن تعترف بكل شيء".
 
ابتزاز 
 
تمارس مليشيا الحوثي عمليات الابتزاز المادي لأسر الضحايا، بطرق مباشرة وغير مباشرة، وهنا تقول الشابة آية "في ليلة عيد الفطر الماضي اتواصلوا بي من جهاز الأمن والمخابرات الحوثية من أجل أستلم أبي، حيث قالوا سيخرجونه الساعة الثانية بعد منتصف الليل، ورحت بسرعة وبدون تفكير ووصلت وكان في واحد هناك اسمه شعيب في الجهاز ورفض إخراجه، وطلب ضمانة حضورية ورجعوه من البوابة، وفي تلك الليلة حاول والدي الانتحار بشرب كمية كبيرة من حبوب الدواء بسبب المعاملة السيئة التي يعاملونه بها".
 
تواصل آية حديثها لـ"الساحل الغربي" قائلةً: "قدمت الضمانات المطلوبة العام الماضي2021 للإفراج عن والدي ولم يتم الإفراج عنه إلى يومنا هذه ولم أجد أحدا لأتكلم معه أو يرد على مذكرات والدي ومطالبته المستمرة لعلاجه بداخل السجن، كل ذلك لأني فتاة مستضعفة وليس لي ظهر ولا سند".
 
شماعة التخابر
 
لم يشفع له سِنه المتقدم ولا شيب رأسه من تعنت المليشيا الإرهابية وصلفها في تلفيق التهم الواهية التي تلصقها ضد كل من تشك في ولائه لها، والمتمثلة في دعم المملكة العربية السعودية ضد اليمن والتواصل مع ضباط اماراتين والتخابر معهم وإعطائهم معلومات عن مخازن الأسلحة وتحركات المليشيا واستهدافها بالطائرات، حسب زعم مليشيا الحوثي في قرار الاتهام الذي أصدرته بحق المختطف المخمري.
 
لم يخطر على بال آية أن والدها السبعيني الذي يعمل مديرًا لإدارة البيئة والتوثيق الإعلامي في دار رعاية الأيتام بالعاصمة صنعاء، سيكون يومًا خلف القضبان بتهمة لا علاقة له فيها، تاركًا خلفه أسرة تعيش في ظروف مزرية.
 
تدمير أسر الضحايا
 
بصوتٍ يحمل في نبراته الحزينة ألم ومعاناة الفقد والحرمان والمسؤولية الملقاة على عاتق فتاة في سن الزهور، تقول آية: "إذا لم تنتهِ هذه المعاناة التي نعاني منها سأحرق نفسي أمام جهاز الأمن والمخابرات وبننهي هذه المعاناة اللي تسببوا بها لنا.. المعاناة ليست لوالدي فقط وإنما دمروا معه أسرة ودمروا طموحات ومستقبل طالبة بطلت الدراسة ولجأت للمحاكم والنيابات والسجون".
 
مضيفةً: "لن أستلم جثة والدي بداخل السجن إذا لم يتحمل بقاءه في السجن وسأحرق نفسي أمام جهاز الأمن والمخابرات".
 
آية فتاة في عمر الزهور، تكابد الحياة منذ اختطاف مليشيا الحوثي الإرهابية لوالدها قبل ثلاث سنوات، تشتغل من أجل متابعة والدها وتوفير قوته الضروري وعلاجه في معتقلات المليشيا، فضلا عن إعالتها لأمها وأطفالها، إلا أنها توقفت عن عملها السابق في أحد مكاتب السفريات منذ شهرين، بسبب انشغالها بمتابعة والدها، وتبحث عن عمل جديد تقوت به أسرتها ووالدها المختطف.
 
وكانت آية محمد المخمري قد ناشدت في رسالة سابقة نشرها "الساحل الغربي" جميع أبناء اليمن والمنظمات الإنسانية والحقوقية، لإنقاذ حياة والدها الذي تتدهور حالته باستمرار بسبب التعذيب الوحشي الذي تعرض له، وتسبب له بأمراض مزمنة، قد تودي بحياته.
 
 

ذات صلة