حكايات مصورة (3) - نجم البلدة.. مهرجان المكلا يتزامن مع ظاهرة فريدة في بحر العرب

  • المكلا- حضرموت، الساحل الغربي، نبيلة العبسي:
  • 01:26 2022/07/20

فجأة تدب الحياة في شواطىء المكلا صباحاً على غير المعتاد، تتسائل مالذي اخرج الجموع من بيوتهم باكراً على غير العادة ..!
يأتيك الرد: خرجوا لاستقبال موسم البلدة أو نجم البلدة..
 
يا ترى ما البلدة وما قصتها، وما سر حماس الناس لها؟
فيكون الرد: بأنه في هذا اليوم تبدأ ظاهرة بحرية فريدة تتمثل في ارتفاع درجة برودة مياة البحر العربي بشكل كبير بحيث ينقلب الصيف إلى شتاء وذلك بسبب التيارات البحرية الباردة القادمة من القطب الجنوبي..
 
ويكون الخامس عشر من يوليو هو بداية نجم البلدة ويستمر إلى نهاية الشهر..
 
 
يرتبط بنجم البلدة طقوس وموروث شعبي متعدد وأصبح سبباً للترويج السياحي الذي يجذب الكثير من الناس الذين يأتون من خارج المكلا لغرض الترفية أو لأسباب علاجية ..
متعارف بين ابناء المكلا وخارحها بأن مياة البلدة الباردة علاجاً لبعض الأمراض مثل الأمراض الجلدية والحساسية والروماتيزم والنقرس فإيمانهم بحلول الطبيعة نقلته الأجيال عبر بعضها البعض كموروث شعبي وشعورهم بأنهم أفضل حتى وإن لم يدم ذلك الشعور طويلاً إلا أنهم ينتظرون موسم البلدة لتجديد ذلك الشعور بالصحة البدنية والنفسية، فأجواء البلدة فعلاً تساعد على تجديد النشاط وتعديل المزاج..
 
التيارات الباردة تجلب ايضاً وفرة في الأسماك ولكن بسبب الأمواج العاتية يقل الأنتاج السمكي ويكتفي الصيادون بصيد الأسماك في المناطق القريبة من الساحل ويقضون ما تبقى من وقتهم في الاستمتاع بالأنشطة المرتبطة بنجم البلدة ..
 
 
نجم البلدة مرتبط اكثر في الموروث الشعبي  بالزراعة ففصل الخريف الذي يطلق على شهر يوليو حسب التوقيت الحميري والذي يعتمده الفلاح اليمني هو فصل النضوج، فيتم انتاج التمر المسمى بالرطب ويتم بذر المحاصيل ويزيد فيه النشاط الزراعي المختلف..
 
 موسم البلدة أصبح من اسباب الترويج السياحي للشواطىء الشرقية المطلة على البحر العربي قبالة المكلا فيتم افتتاحه رسمياً وتقام فيه الأنشطة الثقافية والفنية والرياضية والتراثية على نغم الدان الحضرمي الأصيل الذي تنظمها السلطة المحلية والمبادرات المجتمعية..
 
 ورغم ظروف البلاد ونقص الخدمات التي لا تستوعب ذلك العدد الكبير من الزوار إلا أن المواطن عام بعد عام يخطف لنفسه المتعة والراحة النفسية وإن تخلل ذلك بعض الصعاب ..
 
فالزحام وتلك التجمعات وصوت الضحكات سمة بارزة وإن غابت النجوم في سماء المكلا في أيام نجم البلدة..
 
 
على مد البصر ترى نشاطاً اجتماعياً بديعاً مبهجاً ويصاحبه نشاطاً اقتصاديا ولو وجدت الإستثمارات المناسبة لكان الإقبال اكبر من ذلك بجانب صعوبة الوصول عن طريق الطيران من المحافظات البعيدة الذي يقصر تعب وعناء السفر براً..
 
ووسط كل هذه البهحة والزحام ستجد الأنشطة التجارية الصغيرة لها محل فتكثر عربيات بيع الأطعمة والحلويات وغيرها ..
 
ومع الأنشطة المختلفة التي تتخلل البلدة تظهر وتبرز ايضا الانشطة الفردية فيمارس الناس هواية ركوب الأمواج وإن كانت بالقرب من الشاطىء تجنبا لحوادث الغرق لا قدر الله الذي قد تسببه الامواج العاتية..
 
والبعض إلى جانب السباحة يمارس هواية الصيد قالتيارات تجلب معها الخير الكثير..
 
وتنشط دوريات خفر السواحل لتأدية واجبها ومع ذلك تقع حوادث هنا وهناك ولذا وجب الحرص إثناء السباحة وعدم الذهاب عميقاً لكي لا تتحول البهجة حزناً..
 
أيام البلدة أيام مباركة مرتبطة بتغيرات في حياة الناس ونشاطهم الزراعي والثقافي مما ينعكس ذلك جلياً على وجوههم وكأن ارواحهم مقبلة على عيد ولسان حالهم كما غنّى أيوب طارش:
"شأعيش بالعرض واحيا لي ملان الحياة
ما ناش مَشعِّب أموت ياناس قبل الممات".
 
>>
 
 
 
 

ذات صلة