إب أنموذجاً... مقاومة يمنية للتطييف الحوثي (وقائع وإحصاءات)
- إب، الساحل الغربي، مجيد الحميري:
- 06:59 2022/05/13
كثفت مليشيا الحوثي الإرهابية التابعة لإيران، من مساعيها لتغيير الهوية والمساس بالمعتقدات الدينية، بهدف ترسيخها بين أبناء محافظة إب والمناطق المتبقية الخاضعة لسيطرتها.
وتقاوم إب بشكل خاص وكل المناطق الخاضعة لسلطة الكهنوت للحفاظ على هويتها من بطش الحوثيين المذهبي والديني والثقافي بطريقتها، من خلال عدم تماهي أغلب العامة مع محاولات فرض أفكارها وأداء شعائرها الدينية المحرفة المستوردة من حوزات قم وطهران الإيرانية.
ويظهر هذا الرفض الذي يكاد يتدفق شرراً من أعين سكان إب في أوج حالاته، على الرغم من امتلاك المليشيا لكل أدوات الإرهاب المادي والمعنوي، واستنادها إلى شتى وسائل القمع والتنكيل بحق معارضيها.
منع صلاة التراويح واقتحام المساجد
وكالعادة في شهر رمضان من كل عام، تقوم مليشيا الحوثي باقتحام المساجد في المناطق الخاضعة لسيطرتها وتمارس التعسفات بحق أئمتها والمصلين وتمنعهم من فتح مكبرات الصوت أثناء أداء صلاة التراويح باعتبارها بدعة، حد زعمها.
ووثق تقرير حقوقي نحو خمسين انتهاكا ارتكبتها المليشيات الحوثية في تسعة مساجد بالعاصمة صنعاء خلال عشرين يوما من شهر رمضان، حيث رصدت 16 اعتداءً على المصلين في تلك المساجد، كما تم اختطاف اثنين من المصلين في جامع الايمان بنقم، وتعمدت المليشيا اغلاق 7 مساجد 4 منها خاصة بالنساء وتحويلها إلى مقار لعناصر الجماعة وتحويلها لدواوين لمضغ القات والسمر والاستماع لما يسمى "البرنامج الرمضاني" المتضمن محاضرات طائفية تعبوية لزعيم الجماعة عبدالملك الحوثي والتي تبث كل مساء خلال أيام شهر رمضان من كل عام.
وتكررت عملية منع المليشيا لصلاة التراويح 14 مرة في تلك المساجد بالعاصمة صنعاء، كما تم اقتحام ستة مساجد أثناء الصلاة تكررت معظمها في مسجد الإيمان بنقم، والجامع الكبير في بني الحارث، ومسجد الشهداء، في ظل استياء ورفض مجتمعي.
تأخير مواعيد الإفطار
ودأبت مليشيا الحوثي منذ بدء أيام شهر رمضان الفائت على تكريس قناعاتها الدوغماتية وفرض شعائرها المحرفة في الدين على الناس عبر تأخير مواعيد الإفطار حتى ظهور النجوم وحلول الظلام، ضمن محاولاتها "تطييف المجتمع اليمني".
وأرغمت مليشيا الحوثي أئمة ومؤذني المساجد في مدينة إب وعدد من مديريات المحافظة على تأخير أذان صلاة المغرب حتى "حلول الظلام وظهور النجوم"، في محاولة لفرض نموذجها المذهبي الشيعي الذي بدأت تطبيقه في معقلها بمحافظة صعدة، وصولا إلى صنعاء.
كما قامت المليشيا في وقت سابق بتوزيع تعميم على أئمة ومؤذني المساجد يلزمهم بتأخير أذان صلاة المغرب حتى حلول الظلام وظهور النجوم ثم بعد أيام استدعت عدداً من أئمة ومؤذني المساجد في مديرية القفر، وعند وصولهم لإدارة الأمن زجت بهم في السجن ولم تطلق سراحهم الا بعد توقيعهم تعهدات بالالتزام بمواعيد الأذان والإفطار الجديدة التي ابتكرها الحوثيون مؤخرا.
صلاة العيد
ولم تكتف المليشيا بفرض تأخير مواعيد أذان المغرب ومخالفة مواعيد الإفطار المُقرة رسمياً في محافظة إب وفق التوقيت المحلي بل فرضت أداء صلاة عيد الفطر المبارك في المصلى الرسمي للعيد بمدينة إب الواقع في منطقة "أبلان" على طريقة المذاهب الشيعية، المستوردة من قم وطهران.
وقال مصلون في إب، إن مليشيا الحوثي وعبر مشرفها الثقافي، أحمد العصري، فرضت طريقة المذاهب الشيعية لصلاة العيد في المصلى الرسمي للعيد بمدينة إب الواقع في منطقة “أبلان“.
وأوضحوا أن الإمام الحوثي قام بقراءة الفاتحة وسورة من القرآن الكريم ومن بعد ذلك قام بالتكبير عدة تكبيرات، في مخالفة لصلاة العيد المعتادة للمذهب الشافعي الذي يعتنقه أغلب أبناء إب ومحافظات يمنية عدة.
ووفق مقطع فيديو تداوله ناشطون، فقد سادت حالة من الهرج والارتباك بين المصلين أثناء الصلاة، حيث ركع الكثير من المصلين ثم سجد آخرون فيما ترك البعض الصلاة خلف الإمام وغادروا المصلى وهم بحالة استياء مما حدث.
ويقول فقهاء دين، إن صلاة عيد الفطر تؤدى بركعتين، يبدأهما الإمام بتكبيرة الإحرام، ثم يقول دعاء الاستفتاح وهو مستحب، ثم يكبر 7 تكبيرات غير تكبيرة الإحرام، ثم يقرأ الفاتحة وآيات من القرآن، ويستحب أن تكون آيات سورة الأعلى، ثم يستكمل الركعة على صفة الصلاة المعروفة، ويستوفي الركوع، والرفع منه، والسجود، ثم يقوم للركعة الثانية ويكبر 5 تكبيرات.
أذان الصلاة بصبغة شيعية
وشرعت مليشيا الحوثي برفع أذان الصلوات الخمس على طريقة المذهب الشيعي في محافظة إب ضمن مساعي تطييف المجتمع في المحافظة الخاضعة لسيطرتها.
وبحسب الأهالي في مدينة إب القديمة فإن مليشيا الحوثي فرضت على إمام مسجد الجامع الكبير رفع الأذان بصيغة جديدة باضافة عبارة "حيّ على خير العمل" للمرة الأولى في المحافظة التي يعتنق أبناؤها المذهب الشافعي السني.
كما ألزمت المليشيا أئمة ومؤذني المساجد برفع أذان الصلوات الخمس بصيغته "الشيعية" الجديدة في عدد من مساجد المحافظة ومديرياتها ضمن محاولات عدة للمليشيا الحوثية لتطييف المجتمع اليمني وصبغه بالصبغة الحوثية والأفكار المستوردة من حوزات طهران وقم وكربلاء في ظل عدم وجود أي حاضنة شعبية لها في المحافظة.
أرقام
ووثق تقرير حقوقي ارتكاب الحوثيين خلال أربعة أشهر فقط، 2158 انتهاكًا بحق المساجد ودور العبادة، مؤكدا أن ذلك أظهر البعد العقائدي والفكري والثقافي لحروب مليشيا الحوثي ذراع إيران في اليمن.
وأشار التقرير الصادر عن الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، الى أن هذه الانتهاكات الحوثية ارتكبت في نحو 14 محافظة يمنية خلال الفترة من 1 يناير وحتى 30 أبريل 2022م وتوزعت بين القتل المباشر للأئمة والخطباء، وجرائم الإصابة الجسدية، والاعتداء بالضرب على المصلين، واختطاف الأئمة والمصلين، وكذا الإخفاء القسري للأئمة والخطباء، وممارسة أشد أنواع التعذيب الجسدي والنفسي بحقهم، ومنع إقامة صلاة التراويح في شهر رمضان، وفرض خطباء تابعين لفكر مليشيا الحوثي الإرهابية، والإغلاق الكلي لعدد من المساجد وتحويلها إلى مراكز للتعبئة الفكرية والطائفية وتفخيخ عقول الأطفال.
ولفت إلى توثيق قرابة (109) حالات قتل لخطباء وأئمة مساجد ورجال الدين، ومصلين، منها (62) حالة قتل نتيجة الإطلاق المباشر للرصاص، و(17) من القصف العشوائي، و(19) نتيجة استخدام قوة مفرطة والضرب، و(11) حالة قتل نتيجة الطعن باستخدام السلاح الأبيض، وخلال ذات الفترة، بلغت الإصابات الجسدية (132) حالة، فيما (376) حالة اختطاف من لأئمة وخطباء مساجد ومصلين.
وأشار التقرير إلى ارتكاب مليشيا الحوثي (52) حالة تعذيب جسدي ونفسي للأئمة والخطباء وبعض العاملين في المساجد، منها (6) حالات تعذيب حتى الموت بعدد من المعتقلات الحوثية.
قمع المعتقدات الدينية
وكشف تقرير دولي، صادر عن مؤسسة (ACLED) الأمريكية، المتخصصة بجمع وتحليل بيانات الصراعات المسلحة، عن ارتكاب المليشيا الحوثية الإرهابية نحو 90% من حالات القمع الديني في اليمن خلال 27 شهرًا، وذلك خلال الفترة بين شهري يناير 2020م ومارس 2022م.
وقالت المؤسسة في تقرير حديث لها، إن قمع مليشيا الحوثي، وبشكل أساسي اشتمل على أحداث قمع المعتقدات والممارسات الدينية، ذات الميول السنية في اليمن، وذلك لأسباب طائفية، لا سيّما خلال شهر رمضان 2021م.
كما استهدفت مليشيا الحوثي الإرهابية - المساجد السلفية، والحركات الدعوية، وكذلك فرض أيديولوجيتها على القطاعين الديني، والتعليمي، وفرضها الضرائب الدينية في وقت لاحق من العام الفائت.
وتنوعت تلك الانتهاكات بين اقتحامات للمساجد، ومنع إقامة صلاة التراويح، وتحويل العديد من هذه المساجد لمقرات لعناصرها لتناول القات، بالإضافة إلى اعتداءاتها على المصلين بالقتل والاختطاف، ومحاولة فرض فكرها الطائفي والمذهبي على المجتمع.
وتسعى المليشيا الحوثية الى تغيير المعتقدات الدينية وفق معتقداتها الطائفية، على مراحل، فبينما دشنت ذلك بإجراء العديد من التغييرات في المناهج الدراسية للمرحلتين الأساسية والثانونية، عمدت مؤخرا الى المساس المباشر بالفرائض والمعتقدات الدينية.
وحذر رجال دين من مخاطر المساس بالعقيدة الدينية، وتكريس تلك التغييرات الخطيرة التي تعود إلى معتقدات طائفية ومذهبية شيعية مستوردة من إيران، تهدد تكوين المجتمع اليمني الوسطي والمعتدل، وتأثير ذلك على المنطقة ككل.