صور وفيديو- "استنزاف اليمن الفتي" : قرابين صغار في مذبح الحوثي!

  • الساحل الغربي ، كتب / محمد يحيى:
  • 07:34 2021/11/27

يقود "أ. ع" (16 عامًا) دراجة نارية، ويقوم بتوزيع وجبات غذائية لعناصر المليشيا الحوثية في النقاط داخل مدينة الحديدة، ويقول "تجندت مع الحوثيين منذ عامين، بعد أن حضرت "دورة تدريبية" بأحد مراكزهم الصيفية، وطيلة الفترة الماضية لم أزر أسرتي، وكثيرا ما أتعرّض للضرب حين أطلب السماح لي بزيارة أهلي".
 
نظمت مليشيا الحوثي خلال العام الحالي2021، ما يقرب من 5000 مركز صيفي، لتقديم دورات عقائدية تحث على العنف، مستمدة البعد الديني والحشد الطائفي كمحركين رئيسين لتأجيج مشاعر الأطفال والمراهقين، وخضع الكثير من الأطفال فيها لتدريبات عسكرية.
 
 
فصول من مأساة "المحرقة"
 
استيقظ سكان قرى في ضواحي إب ذات صبيحة في فصل الصيف الأخير على أصوات أبواق الأطقم ومكبرات صوت حملة حوثية بعشرات الأطقم كانت تلاحق عناصر ومقاتلين فروا من جبهات مأرب والجوف وعادوا إلى قراهم؛ إما لقضاء إجازة العيد مع أسرهم أو هربا من محرقة مرعبة أهلكت العشرات من رفقائهم.
 
من بين هؤلاء "ن. ح. الحبيشي- 61 سنة"، والذي حضر دورة صيفية في مركز أقامته المليشيات ولكنه لم يعد منها أبدا حتى فر من جبهة صرواح بمأرب صحبة آخرين ووصل إلى منزلهم بالقرية بعد حوالي 3 أشهر من الاختفاء.
يقول شقيقه، إن أخاه الأصغر تمكن مرة أخرى من الفرار والإفلات من حملة حوثية اقتحمت القرية لملاحقة الفارين من الجبهات، ووصل إليه أخيرا حيث يعمل في بيع القات في سوق رأس العارة - لحج. ونقل عنه كيف يخضع الحوثيون الأطفال والتلاميذ الصغار لدورات تعبئة مكثفة تتبعها تدريبات أولية على استخدام السلاح التقليدي وإطلاق النار قبل تعبئتهم في شاحنات ونقلهم إلى الجبهات المتقدمة كالأضاحي.
 
قال للساحل الغربي، في وقت وتقرير سابق، مدير مدرسة بصنعاء، إنه شيع وشارك في جنائز عشرين تلميذا على الأقل من طلاب المدرسة ممن استقطبوا لمعسكرات ودورات حوثية وذهبوا بهم للقتال في الجبهات.
 
استنزاف القرى
 
تلجأ المليشيا الحوثية الإرهابية إلى تهديد الأهالي في القرى والمناطق التي تسيطر عليها من أجل تجنيد أطفالهم من سن 17 - 10 عامًا، بالإضافة إلى تجنيد المليشيا للأطفال في مخيمات النازحين، ودور الأيتام، كما جندت أطفالا من المهمشين والعائلات الفقيرة مستغلة ظروف أهاليهم المادية.
 
 
وتجبر المليشيا الأطفال المجندين على تنفيذ مهمات كالقتال المباشر، ونقل الإمداد وجمع المعلومات، وزراعة الألغام، وقيادة السيارات والدراجات النارية، وبناء التحصينات والخنادق، ومرافقة القيادات والمشرفين، والعمل في نقاط التفتيش، ما يعرضهم للقتل أو الأسر والإصابات بعاهات مستديمة.
 
في مدينة إب، عشرات الأسر افتقدت أولادها تباعا، معظمهم هم طلاب في المرحلتين الأساسية والثانوية وعدد كبير منهم في الصفوف التسعة الأولى، وبعد فترات متفاوتة تناهت أنباء إلى الأهالي حول التحاق أطفالهم بالجبهات من مأرب وحتى صعدة والساحل الغربي وتعز.
 
تقول باحثة ميدانية في منظمة حقوقية مع الساحل الغربي، إنها وثقت في أرياق قريبة من ضواحي مدينة إب عاصمة المحافظة، ما يقارب عشرين حالة لأسر تسلمت جثامين أو أشلاء متجمعة لمن قيل لهم إنها جثث أطفالهم "استشهدوا في الجبهات" (..).
 
حالات متطابقة
 
في وقت سابق من العام الجاري أورد الساحل الغربي قصة أب سُجن بذمار، بعد أن فقد ابنه بإب وتمكن أخيرا من معرفة مصيره في سجن بذمار، وزجه الحوثة بالسجن.
 
ولا تختلف هذه عن مأساة أسرة الحيمي من صنعاء الذي بقي يلاحق مصير وجثة ابنه لدى عصابات مشرفي وسماسرة المليشيات بين ثلاث محافظات، صعدة وصنعاء وذمار، إلا أن هذه الأخيرة أكثر مأساوية وبتفاصيل فاضحة للسمسرة المليشياوية بالصغار والدماء في سوق الجهاد المزعوم.
 
 
 
حملة مفتوحة 
 
بدأت مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، خلال السنوات الثلاث الماضية (2018، 2019، 2020)، حملة مفتوحة وإجبارية لتجنيد الأطفال، وانتشرت حملات التجنيد الإجباري في مناطق صعدة وصنعاء والمحويت والحديدة وتهامة وحجة وذمار، واستهدفت الأطفال من عمر 10 سنوات خصوصاً من طلبة المدارس، بحسب تقرير مشترك أصدره مطلع العام الجاري المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ومنظمة "سام" للحقوق والحريات، بمناسبة اليوم الدولي لمناهضة تجنيد الأطفال.
 
 
ومنذ انقلابهم على السلطة في 21 سبتمبر (أيلول) 2014 تضاعفت حالات تجنيد الأطفال والمراهقين في صفوف المليشيا، مع توسع رقعة المناطق التي اخضعها الحوثيون لسيطرتهم، وشنت المليشيا حملات تجنيد واسعة لاستقطاب الأطفال وأبناء القبائل والفقراء ومحدودي الدخل والمهمشين، واستخدمتهم وقودا لحروبها بعد تعبئتهم فكريا وتفخيخ أدمغتهم بأفكار  متطرفة، لرفد جبهات المليشيا التي تتسبب منذ العام 2015 -حسب التقارير الحقوقية- في مقتل وإصابة ما لا يقل عن 2000 طفل سنويا.
 
معطيات
 
يقول مطهر البذيجي المدير التنفيذي لـ"التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الانسان" (تحالف رصد)، إن المليشيا الحوثية عملت على تجنيد 12054 طفلاً، بينهم 308 أطفال مجندين ينتمون للفئة العمرية ما بين 8 و11 عاما، و4430 طفلاً ينتمون للفئة العمرية ما بين 12 و14 عاماً، و 7305 أطفال في الفئة العمرية ما بين 15 و17 عاما.
 
ويشير البذيجي إلى أن فريقه الميداني وثق وجود 6729 طفلاً مجنداً لا يزالون مستمرين بالقتال مع الميليشيا، فيما قُتل 2450 طفلا في العمليات العسكرية وأصيب 498 طفلا وتم أسر 790 طفلا في الجبهات المختلفة، في حين عاد 1004 إلى أسرهم، فيما لا يزال مصير 572 طفلاً مجهولاً حتى اللحظة.
 
أرقام في مزاد الدم
 
وفي تقريرها الأخير، قالت منظمة "اليونيسف"، التابعة للأمم المتحدة، إن ما لا يقل عن 10,000 طفل قتلوا أو شوّهوا منذ تصاعد النزاع في مارس (آذار) 2015 (ما يعادل أربعة أطفال يوميا)، فيما وصل عدد الأطفال المشرّدين داخليا بنحو 1,7 مليون طفل، وأكثر من مليوني طفل باتوا خارج المدرسة.
 
 
 
 
وفي يونيو (حزيران) الماضي، كشفت ورقة عمل بعنوان، "جريمة تجنيد الأطفال في اليمن" قدمتها هدى الصراري رئيسة مؤسسة "دفاع" للحقوق والحريات "أن ميليشيا الحوثي جندت خلال العام الماضي 2020 فقط، أكثر من 30 ألف طفل للمشاركة في القتال بشكل طوعي، و10 آلاف قسراً في الأعمال القتالية بشكل مباشر وغير مباشر".
 
انتهاكات واستغلال
 
ولم تكتف المليشيا الإرهابية بنزف دماء الأطفال بتجنيدهم في حرائق جبهات قتالها، ولكنها تستنزف كذلك أعراضهم بتعريضهم للاغتصاب، بحسب إفادات وثقتها مؤسسات حقوقية، كشفت عن تعرض المجندين الأطفال لدى مليشيا الحوثي لانتهاكات مروعة بما فيها الاغتصاب والضرب والإهانة والتجويع.
 
 
 
أدان بيان أخير لمجلس الأمن الدولي المليشيات الحوثية في اليمن بممارسة جرائم التجنيد الإجباري للأطفال وتعرض هؤلاء للانتهاكات والاعتداءات بما فيها الاستغلال الجنسي.
 
ووفق الإفادات، يفرض قادة ومشرفو المليشيا عقوبات مختلفة على الأطفال المجندين في حال عدم تنفيذ الأوامر أو التقاعس عن أداء المهمات، وتشمل تلك العقوبات الحرمان من الأكل، والسجن والاعتداء الجسدي، والاعتداء الجنسي، والتهديد بالقتل.
 
متورطون 
 
وفي أغسطس (آب) الماضي أعلنت منظمة «ميون» لحقوق الإنسان والتنمية أن فريقها وثق تورط 125 قياديا في عمليات تجنيد الأطفال، في مقدمتهم شقيق زعيم المليشيا يحيى بدر الدين الحوثي المعين وزيراً للتربية والتعليم في حكومة الانقلاب، وشقيقه محمد بدر الدين الحوثي، ومحمد علي الحوثي رئيس ما تسمى باللجنة الثورية العليا، والقيادات عبد الكريم أمير الدين الحوثي، عبد المجيد الحوثي، أحمد درهم المؤيدي، أحمد محمد حامد، عبده المحسن الطاووس، وضيف الله رسام.

 

ذات صلة