مدير مدرسة بصنعاء شيَّع تباعاً 30 تلميذاً.. "استعدتُ طفلي من الحوثيين ولكن في صندوق"!

  • صنعاء، الساحل الغربي، محمد عبدالقوي:
  • 08:39 2021/10/27

يدمغ بيان مجلس الأمن المليشيات مجددا بوصمة العار تجاه الطفولة من التجنيد إلى الاعتداءات الجنسية، كما فعل قرار سابق للمجلس بشأن الانتهاكات الجسيمة بحق النساء بما فيها جرائم الدعارة.
 
أدان مجلس الأمن الدولي في بيانه الأخير مليشيات الحوثي إزاء انتهاكاتها بحق الأطفال وتجنيدهم واستخدامهم في الحرب والصراع وتعريضهم لانتهاكات مختلفة بما فيها الاعتداءات الجنسية (..)،
 
واقترنت الإدانة مؤخرا بالتأكيد على المساءلة وهي خطوة تقرب من الحساب وأخذ إجراءات حزائية تجاه قيادات المليشيات المتورطين بالجرائم والانتهاكات.
 
من المركز الصيفي للجبهة... وعاد جثة
 
بعد أشهر من التحاقه بالمراكز الصيفية، التي تنظمها مليشيا الحوثي في اليمن، قرر "علي"، 14 عاماً، الالتحاق بجبهات القتال التي تخوضها المليشيا ضد القوات الحكومية، ليعود في صندوق جثة هامدة إلى والديه.
 
في حديثه ل"الساحل الغربي" يقول والد علي: "لم يكن يخطر ببال علي من قبل، الذهاب إلى جبهات القتال إلا بعد ذهابه إلى المركز الصيفي، كنا رفضنا ذهابه للجبهة لكنه بدأ يذهب سراً، وبعدها سمحنا له".
 
والد علي سمح لابنه بالذهاب إلى المركز الصيفي الذي نظمته مليشيات الحوثي من أجل تعلم الأنشطة والمفاهيم الدينية، لكنه تأثر بأفكارهم وعاد يحمل معه فكرة "الجهاد، والقتال في سبيل الله".
 
يقول: بداية التحاقه بالجبهات لم نوافق وكنا نمنعه من ذلك، واكتشفنا أنه يذهب سراً وبعدها سمحنا له، وعند عودته كان يجلب لنا بعض المال، نخفف به من جوعنا... ومن ثم تعودنا على ذهابه للجبهات دون خوف حتى عاد لنا جثة بلا روح.
 
علي لم يكن الوحيد الذي استقطبته المليشيات من المراكز الصيفية، فيروي أبوه أن علي ذهب إلى الجبهات برفقة عشرات الزملاء بينهم اثنان من نفس الحي، وقد عاد أحدهم جثة أيضا.
 
 
 
التعليم جزء من الحرب 
 
عملت الجماعة على تغيير مناهج التعليم في مناطق سيطرتها واستبدلتها بمناهج تحمل أفكاراً عدائية للآخرين وتقدس فكرة الجماعة وقياداتها، حيث تهدف من خلال هذه المناهج استقطاب الآلاف من الأطفال لتزج بهم في جبهات القتال.
في هذا الخصوص يقول الأستاذ محمد (اسم مستعار لمدير إحدى مدارس صنعاء)، جماعة الحوثي بدأت بتغيير مناهج التعليم تدريجيا منذ سيطرتها على مفاصل الدولة، لكنها وصلت إلى تغيير جذري في السنوات الأخيرة، ومضمون هذه المناهج عدائي يهدف إلى تحريض الأطفال ودفعهم للقتال في صفوفها.
 
يضيف الأستاذ محمد في حديثه ل"الساحل الغربي"، إنه شارك في تشييع أكثر من ثلاثين طفلا من منتسبي المدرسة ذاتها ممن استقطبتهم الجماعة للقتال في صفوفها.
 
في تقرير نشر في أبريل المنصرم لمنظمة "إمباكت اس-اي" اختصار لـ"معهد رصد السلام والتسامح الثقافي في التعليم المدرسي"، وهي منظمة دوليّة غير ربحيّة، تراقب محتوى الكتب والمناهج الدراسيّة في العالم، قالت فيه المنظمة، إنّ التعليم في مناطق سيطرة الحوثيين هو أحد أكثر المناهج الدراسيّة "المثيرة للقلق" في منطقة الشرق الأوسط. ويقدّم التقرير لمحة "نادرة" عن التعليم في تلك المناطق، حيث "تنشر الكتب المدرسيّة ثقافة الكراهيّة وتمجيد العنف كحل وحيد لحلّ النزاعات"، كما أنّها تعلّم الأطفال أن يضحوا بحيواتهم، بما يتعارض مع معايير السلام والتسامح. 
 
 
 
يضيف التقرير إنّ الحوثيين جعلوا من نظام التعليم في مناطق سيطرتهم في اليمن "المعادل الناعم" للحرب على الأرض، التي يخوضونها ضد الحكومة المدعومة من المملكة العربيّة السعوديّة، وحوّلوا هذه المناهج الدراسيّة إلى وسيلة لنشر القيم والثقافة والأفكار السياسيّة الإيرانيّة التي يتبنونها.
 
إحصائيات
 
وتعمل جماعة الحوثي على تجنييد الأطفال لتزج بهم كوقود للمعارك التي تخوضها ضد القوات الحكومية المعترف بها دوليا، منذ مارس (آذار) 2015، حيث تستقطبهم الجماعة من المراكز الصيفية التي تقيمها أو من خلال المدارس.
 
في تقرير حقوقي دولي أطلقته منظمة سام، والمرصد الأورومتوسطي، بالتزامن مع اليوم الدولي لمناهضة تجنيد الأطفال (12 فبراير من العام الحالي)، كشف عن تجنيد ميليشيا الحوثي نحو 10300 طفل منذ عام 2014.
 
وذكر التقرير، أن جماعة الحوثي تستخدم أنماطًا معقّدة لتجنيد الأطفال قسريًا والزجّ بهم في الأعمال الحربية في مختلف المناطق التي تسيطر عليها في اليمن، ما أسفر عن مقتل المئات منهم.
 
وأدان مجلس الأمن الدولي مؤخرا التجنيد الحوثي للأطفال واستخدامهم في الصراع والانتهاكات التي يتعرضون لها بما فيها الاعتداءات الجنسية. أدرجت الأمم المتحدة في وقت سابق جماعة الحوثي في القائمة السوداء للجماعات المنتهكة لحقوق الأطفال، ويرى مراقبون أن هذه الخطوة لا تكفي لإيقاف الجماعة عن انتهاك حقوق الأطفال، بل يجب أن يلحقها مزيد من الضغط الدولي، وتتولى الأمم المتحدة الإشراف المباشر على التعليم ومناهجه في مناطق سيطرة الجماعة، لكي لا تلغم الجماعة عقول الأطفال بالإرهاب وتستخدمهم في حروبها ضد القوات الحكومية.

ذات صلة