إنقاذ لبنان من المشروع الإيراني

11:09 2021/11/02

لن يقف معنا أحد إن لم نقف نحن دفاعا عن بلدنا وتاريخه وهويته العربية
 
لا أحد يعرف لبنان واللبنانيين، وله بينهم أصدقاء ومحبون أكثر من الملك سلمان بن عبدالعزيز، منذ كان أمير منطقة الرياض. ولا رئيس جمهورية لبناني كانت زيارته الخارجية الأولى في مطلع عهده إلى المملكة العربية السعودية سوى الرئيس ميشال عون. لا رئيس حكومة لبناني، إلا في النادر، لم يكن من أصدقاء الرياض، وآخرهم رئيس الوزراء نجيب ميقاتي الذي قال، إن "السعودية قبلتي الدينية والسياسية". ولم يكن مؤتمر الطائف الذي أوقف حرب لبنان، سوى حلقة في سلسلة مبادرات سعودية ومساعدات وعلاقات ود وانفتاح على المستويين الرسمي والشعبي من أيام الملك عبدالعزيز والرئيس بشارة الخوري ورئيس الحكومة رياض الصلح. فلماذا وصلنا على ساعة الملك سلمان والرئيسين عون وميقاتي إلى قطيعة رسمية تعرف الرياض وبيروت مخاطرها؟ ومن يساعد لبنان على إنقاذ نفسه من التورط في مشروع معاد للعرب والغرب، إن لم تكن الرياض في طليعة المنقذين؟
 
المسألة أبعد من موقف وزير، وإن كان ما قاله وزير الإعلام جورج قرداحي في برنامج "برلمان الشعب" هو النقطة التي طفح بها الكيل. فالمواقف كانت تتراكم ومعها تتجمع العاصفة. مواقف "حزب الله" في التهجم المستمر على السعودية والبحرين والإمارات العربية، ودوره العملاني في مساعدة الحوثيين الذين نفذوا انقلاباً على الشرعية في اليمن ويهاجمون المطارات والأعيان المدنية في السعودية بالصواريخ والمسيرات. ومواقف المسؤولين اللبنانيين التي تراوحت بين الصمت حيال الاعتداءت أو الاستنكار الشكلي لها والدفاع عما يفعله الحوثيون، وما تفعله طهران مباشرة عبر قصف المراكز النفطية السعودية.
 
لا كشف تهريب المخدرات من لبنان إلى المملكة وأشهرها وضع حبوب الكبتاغون في ثمار الرمان، دفع المسؤولين إلى تشديد الرقابة ومعاقبة المهربين وأسيادهم والإمساك بالمعابر الشرعية وإغلاق المعابر غير الشرعية. ولا "التكامل" بين التهريب والترهيب قاد إلى حماية لبنان والأشقاء العرب من الأذى.
ولا جرى، حتى الحد الأدنى من المقاومة الرسمية لسيطرة "حزب الله" على مؤسسات الدولة وجر لبنان إلى المحور الإيراني.
 
وبدل أن يلعب رئيس الجمهورية، دور الحكم والمنفتح على الكل، اختلف مع كل القوى السياسية في الداخل باستثناء "حزب الله" ولم يعبأ بالعزلة مع الخارج. رؤساء الحكومات استسلموا للأمر الواقع تحت عنوان "ربط النزاع" وفي سبيل تحقيق مصالح محددة. والمعارضون تفرقوا، فلم يبق صامداً إلا "القوات اللبنانية" وعدد آخر من الأحزاب والشخصيات، وهكذا تتالت الضربات على الشعب اللبناني: أزمة مالية واقتصادية عميقة مصحوبة بكل أشكال الفساد. أكبر انفجار غير نووي في مرفأ بيروت. سعي "الثنائي الشيعي" لترهيب المحقق الدولي طارق البيطار وتفجير أزمة حكومية لـ"قبع" المحقق. وانفجار العلاقات مع السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي التي سحبت سفراءها وطردت سفراء لبنان وأوقفت الواردات، مع الحفاظ على اللبنانيين العاملين هناك ويقدر عددهم بنحو أربعمئة ألف شخص.
 
والوقت حان للتوقف عن التشاطر اللبناني عبر معادلة قوامها: ترك إيران تتمدد عملياً في مفاصل لبنان، وتقديم مواقف كلامية للخليج. فمن يسأل: لماذا تتركنا الرياض لطهران بدل أن تقود المواجهة في بيروت عليه أن يدرك ضرورة دورنا نحن في خوض المعركة بحيث يساعدنا العرب والعالم. وعلى من يهاجم التدخل الأميركي في لبنان لمصلحة التدخل الإيراني أن يعترف بأن أميركا التي تفرض عقوبات على شخصيات لبنانية تقوم هي بما يجب أن تقوم به السلطة في لبنان، وهو مكافحة الفساد. فليس أمراً قليل الدلالات قول وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، إن "العقوبات تأتي للتضامن مع الشعب اللبناني الذي يطالب منذ مدة بالشفافية ووضع حد للفساد والمفسدين". وليس أمامنا سوى إنقاذ لبنان من المشروع الإمبراطوري الإيراني وما يسمى "محور الممانعة". فهذا خيارنا وقدرنا. ومن الوهم أن نلغي أنفسنا ونتكل على سوانا. ولن يقف معنا العرب والغرب إن لم نقف نحن دفاعاً عن لبنان وتاريخه وهويته العربية.
 
- اندبندنت عربية