المكتب السياسي.. الممكنات والتحفظات

10:03 2021/04/13

لا يزال الوقت مبكراً للحكم على المكتب السياسي الذي أعلنته المقاومة الوطنية في المخا، ولا يزال هناك متسع من الوقت لمخاطبة التحفظات المثارة حوله.
 
وما نحتاجه هو إدارة نقاشات وقراءة ما صدر عنه بشكل نقدي يتجاوز تعاطي العاطفي أو نفعي أو ذا طابع كيدي، لا سيما وهناك متغيرات عديدة طرأت على الخارطة السياسية اليمنية، وهذا يتطلب استصحاب أدوات تحليل إضافية ويستوعب أننا لسنا في دولة ناظمة للشأن السياسي والعسكري حتى اللحظة، وأن هناك قوى متصارعة في الميدان لها قوات عسكرية وتوجهات دينية أو طائفية أو مناطقية أو غير ذلك.
 
ومن هذا المنطلق الذي لا يغفل الواقع يمكن القول إن المكتب السياسي الذي أعلن عنه يمثل بالون اختبار حقيقي لإمكانية أن يتسع الفضاء السياسي لمكونات من واقع الميدان والدفع بدماء جديدة في الساحة السياسية الملبدة بالعديد من الغيوم التي لن تنجلي إلا من خلال قيادة حراك جديد، يهدف إلى تأسيس كيانات أكثر تحرراً من القيود وأكثر طموحاً وحلماً، والشباب تحديداً يستهويهم هذا الأمر، لأنهم كفروا بالكثير من الأحزاب التي شاخت قيادتها وتقزمت طموحاتها وقدراتها أيضا، كما أن الكثير من النخبة الصامتة تشجع مثل هكذا فعل والذي لا تكون غاياته الأساسية خوض غمار التسويات التي تنتهي بتقاسم السلطة عن طريق المحاصصة، فتلك غايات تنطوي على تغليب المصالح الفردية وهي ثقافة سياسية متوارثة في التاريخ السياسي لليمن.
 
ومن المؤكد أن الحالة السياسية الحالية عدمية وذاهبة في نوم كهفي طويل وليس هناك صقور سياسية أو أحزاب فاعلة لأسباب ليس مجال ذكرها هنا، واذا كان هذا النوم المغناطيسي للفعل السياسي مؤكداً فإن الأكثر تأكيداً هو وجود حاجة لقوى سياسية جديدة تحت أي مسميات كانت، مجالس سياسية أو تكتلات مدنية أو غير ذلك، هذه الحاجه تأتي من رغبة الشباب والأغلبية الصامتة بمن يتحدث عنها وعن أوضاعهم وعن رغبتهم بالتغيير وإشراكهم في مناقشة القضايا الوطنية، بصوت عال ومسموع، لذلك فإن ضرورة نشوء تيارات سياسية جديدة في هذه المرحلة تستدعيه الضرورة الموضوعية، وكما أنه ضرورة فإنه تحدٍ لمن أعلنوه وتحملوا تباعات إعلانه، لأنها ليست سهلة ما لم ترفد بجهود تعني الأمل والعمل ليل نهار لخوض هذا التحدي الذي يفوق ربما التحدي في جبهات القتال في بعض جوانبه لكن هذا التحدي ليس صعب المنال على هذا المكتب أو غيره، وقد كانت هناك محاولات في تعز لإنشاء تكتل مدني يعبر عنها وهناك محاولات ماثله في تهامة ايضا
 
وخلاصة القول، إن المكتب كما أنه حالة إيجابية وتحدٍ وضرورة موضوعية في لحظة الحرب حتى يتم توحيد الجيش والمقاومة بجيش وطني بعيد عن العمل السياسي حتى يتم ذلك فإن معادلة المقاومة والعمل السياسي ستبقى مهمة صعبة لكنها ممكنة إذا استطاع المكتب عمل الآتي، من وجهة نظري المتواضعة:
 
أولاً: سيكون المكتب السياسي وأطروحاته أكثر جاذبية لقطاع كبير إذا ما طرحت بثوب علماني مدني بعيداً عن التجاذبات المناطقية والدينية والطائفية والأسرية والمشاريع المختلفة.
 
ثانياً: أهمية مد جسور متينة مع النخبة في كل محافظات الجمهورية وأخذ عدد نوعي منها جميعاً، والشريحة الوسطى تحديدا، صغار التجار ومهندسين وأطباء وإعلام وغير ذلك.
 
ثالثاً: الانطلاق من العلاقة الجيدة التي للمكتب والمقاومة الوطنية مع المجلس الانتقالي الجنوبي، وهي نقطة قوة وإيجابية لمكون ينطلق من الشمال، ولذا يجب مد جسور مشابهة مع القضية التعزية والتهامية كمعين وساند ومنسق وراعٍ وليس كحامل محتمل. 
 
رابعاً: التنسيق الأنيق مع الأحزاب المدنية والتشاور والتنسيق والتكامل والتطمين أن المكون ليس خصماً من رصيد بعضها أو جميعها بل توسعة لرقعة العمل السياسي، وكذلك محاولة أخذ دور الصقور في العمل السياسي في ظل تخوف هذه الأحزاب من القيام به ودفع الثمن لأجله.
 
خامساً: التشبيك مع القيادات المؤثرة التي تعبر عن الأغلبية الصامتة، وكذلك تركيز النشاط في الجامعات اليمنية حيث مخزون الشباب الذي سيكون هو الطريق الآمن لأي كيان جديد مع عدم إغفال النقطة السابقة، وهي اختيار نخبة من كل محافظة، فالجمع بين شتات النخبة مع طاقات الشباب الجامعي وبعض النقابات هو من سيجعل أي كيان سياسي قادم له قدرة على الأرض، وعدم إغفال الجامعات التي تحت سيطرة الحوثي: جامعات صنعاء وذمار والحديدة واب وغيرها من الجامعات والمعاهد. والشباب قادرون أن يصنعوا هامشاً ثقافياً بقالب سياسي وليس شرطاً في المرحلة الحالية أن يكون باسم مجلس معين، المهم أن يتم تنظيم أنشطتهم بصورة ما توقد الوعي وتشكل لهم ومنهم وعيا جمعيا جامعيا …