منكوبون بالحوثية والشرعية.. قبل الوديعة وبعدها

10:10 2021/02/01

الجماعة الحوثية التي تحتكر الضرائب العامة، وإيرادات المؤسسات العامة والشركات المختلطة، وضرائب القطاع الخاص، وفوقها تفرض ضرائب غير قانونية على كل نشاط اقتصادي يؤديه أفراد فقراء للبقاء على قيد الحياة.. زيادة على ذلك صادرت الممتلكات الخاصة النقدية والعقارية  لمعارضيها، ووضعتها تحت تصرف حارسها المرابي صالح الشاعر.. إنها تنفق هذه الموارد في بابين: الأول، باب المجهود الحربي. والباب الثاني، مجهود النهب الشخصي والعائلي والفئوي، الذي يستأثر به رجال الجماعة وقراباتهم الذين أثروا ثراءً غير مسبوق، وغير مشروع.. وفي أقل التقديرات بلغت الإيرادات التي حصلتها الجماعة من مؤسسات ومصالح الدولة خلال العام الماضي تريليوناً وتسعة وثلاثين مليار ريال، ولم تقدم للمواطنين أدنى خدمة في مجالات الصحة والتعليم والمياه، ولم تصرف للموظفين العموميين ربع راتب حتى.. وفي الجهة المقابلة تشكو الشرعية عدم القدرة على تحصيل الموارد الضريبية في مناطق سيطرتها بما في ذلك عدم الحصول على ما في خزائن فرعي البنك المركزي في مأرب والحديدة، لتلتهم ما تجود به حكومات العرب والغرب لعل الشعب المنكوب يحصل على حقه في الغذاء، كما هو الحال في تبديد الشرعية للوديعة السعودية.
 
التقرير النهائي لفريق الخبراء المعني باليمن المقدم لرئيس مجلس الأمن في 22 يناير 2021، دوخ الشرعية، ورجال بنكها المركزي، ومجموعة شركات هائل سعيد وشركاه، ومن جهته كلف رئيس مجلس النواب أعضاء لجنة الشؤون المالية بالمجلس، ومعها النائب الدكتور محمد صالح قباطي، السفر إلى عدن سريعاً، لتقصي الحقائق، مع رجال المركزي ومن له علاقة بالفضيحة التي أثارها تقرير الخبراء.
 
قال الفريق، إنه تم تحويل 423 مليون دولار من الوديعة السعودية بشكل غير قانوني لشركات خاصة، ورأى في الجوانب غسيل أموال يحدث.. لماذا بدوا مدوخين من التقرير، فقبل ظهوره كانت تقارير ورسائل رئيس اللجنة الاقتصادية حافظ معياد تقول أهم مما قاله الخبراء، لكن زامر الحي لا يطرب كما يقول العرب في مثلهم.. لاحقاً أكد مدير البنك الأهلي في عدن أن تجربة التدخل المباشر في السوق من خلال الوديعة السعودية، هي تجربة فاشلة بكل المقاييس، ولأسباب مفهومة لم يشأ الرجل الإشارة إلى عمليات الفساد، واكتفى بالقول إن البنك اعتمد على وسيلة وحيدة، هي الوديعة السعودية، للحفاظ على سعر صرف الريال -الجديد- وأهمل بقية أدوات السياسة النقدية.. وقبل أن يقول الخبراء إن الفساد الذي تمارسه حكومة اليمن يؤثر سلباً على وصول الإمدادات الغذائية الكافية، أشار إلى ذلك بيان مجلس الأمن في منتصف سبتمبر 2020، حيث طالب شركاء اليمن ضخ النقد الأجنبي بصورة منتظمة في البنك المركزي، هل كان يعتقد أن الوديعة لا تكفي؟ لا، كان يدرك أنها تنهب بانتظام، والسلع الأساسية تتدفق دون أمن غذائي، لأن أسعارها نار نار، ولم يجد لتبريدها منح التجار دولارات الوديعة بسعر تفضيلي.
 
في بداية العام 2018، أودعت حكومة المملكة العربية السعودية ملياراً و890 مليون دولار وديعة لدى البنك المركزي اليمني في عدن لضمان استيراد- وتثبيت أسعار السلع الأساسية لملايين المستهلكين اليمنيين، وتحسين وضع العملة اليمنية.. فإذا بالبنك يمنح تجاراً وشركات تجارية ملايين الدولارات بأسعار تفضيلية لأغراض استيراد تلك السلع، ليتمكن الفقراء من شرائها.. قال الخبراء إن البنك غير قواعد التعامل بصرف العملات الأجنبية، وتلاعب بسوق الصرف، وقام بعمليات مخططة مقصودة محبوكة لغسل أموال لجزء من الوديعة.. والنتيجة أن البنك خسر، والتجار كسبوا أكثر من 420 مليون دولار على حساب المواطنين الذين لم يحصلوا على تلك السلع بأسعار تحتملها دخولهم اليومية أو الشهرية، أما خسارة البنك فمضاعفة، فإلى جانب خسارته ملايين الدولارات خسر سمعته، وشوه معه صورة الشرعية.
 
لاحظوا بم رد المدوخون.. البنك المركزي اليمني اعتبر تقرير الخبراء مجموعة مزاعم.. ادعاءات.. استنتاجات مضللة.. وإنه صدر دون تطبيق القواعد والإجراءات المنهجية الواجب اتباعها في الوصول إلى الحقائق والنتائج المنطقية! وإضافة إلى جهل التقرير بالمنطق الآرسطي، هو أيضا مثير للاستغراب! لكن ثمة أمراً يوحي بالثقة، فمجلس إدارة البنك، أمامه عروض من مدققين خارجيين دوليين للتدقيق في حساباته منذ نقل من صنعاء إلى 2020.. وهذا جيد.. أما غير الجيد فهو أن الدكتور محمد منصور زمام المحافظ الأسبق للبنك، اقتصر في رسالته لمنسقة فريق الخبراء على توضيح فقرات في التقرير تمسه هو شخصيا، وبرأ ساحته، أما التغيرات السلبية التي طرأت على أسواق العملات بداية من فبراير…