المعتذرون للرئيس صالح... بعد خراب اليمن

11:10 2021/11/29

شهادات واعترافات أدلى بها كتاب، صحافيون، قادة أحزاب، نشيطون سياسيون، أعضاء في مجالس النواب والشورى والبلديات، وضباط جيش وأمن.. كان هؤلاء من أشد خصوم الرئيس علي عبد الله صالح والحزب الذي يتزعمه، وأكثرهم حماسا في مهرجان: الشعب.. يريد.. إسقاط النظام!
 
هذه الشهادات والاعترافات التي تكاثرت في السنوات الأخيرة تثير غضب العصابة الحوثية، كما تثير غضب الذين ما يزالون يكابرون، ويحتفلون سنويا بمهرجان إسقاط النظام، وقد كانوا يلحون على الرئيس هادي أن يصدر قرارا جمهوريا ينص على أن يكون 11 فبراير يوما وطنيا، وإجازة رسمية، مثل يوم 22 مايو، و30 نوفمبر و14 أكتوبر و26 سبتمبر.
 
على أننا كنا نود أن لا نذكر أسماء، كي لا نثير نقمة العصابة الحوثية عليهم، ونقمة المكابرين على أصحابها، لكن قد قالوا ما قالوا، وكتبوا ما كتبوا في منابر علنية، بأسمائهم وصفاتهم، فهم شجعان بما يكفي وصادقون في ما قالوا وما كتبوا.. وقبل عرض الشهادات والاعترافات، أو قل حالات الاعتذار، نود أن نشير إلى أمرين:
 
الأمر الأول، هو أن الحالات العشر التي سنذكرها هي عبارة عن شواهد لضرب المثل، وهي قليل من كثير، ونعني هنا بالحالات العشر الكاتب المعارض المستقل فكري قاسم، الصحافي المعروف محمد سعيد الشرعبي، الكاتب الصحافي ماجد الداعري، القيادي الناصري عبدالله فرحان، نزار أنور وهو من مؤسسي الحراك الجنوبي، وشارك مشاركة فعالة في مهرجان الشعب يريد، السفير السابق إلى سوريا عبد الوهاب طواف، المدافع عن حقوق الناس عارف ناجي، مدير عام مديرية الدكتور أحمد عقيل باراس، عضوا مجلس النواب احمد سيف حاشد هاشم، وشوقي القاضي الممسك بالعصا من النصف.
 
الأمر الثاني، الذي نود الإشارة إليه هو أن الاعتذار بعد خراب اليمن لا يفيد، إلا من جهة العبرة والعظة، وهذا القول لا يرمي إلى شماتة أو مغامزة بالغدرة، كما يقول اليمنيون في أمثالهم. 
 
لنأتي الآن إلى نماذج مما كتبه التسعة، والأول فيهم -وهو أصرحهم وأشجعهم الكاتب فكري قاسم.. والقراء في غنى عني، لأنه قد كتب لهم غير مرة معتذرا على مشاركته في ما سمي إسقاط نظام الرئيس علي عبد الله صالح، وما يزال يهاجم ممارسات العصابة الحوثية، والإخوان المسلمين معا.
 
الثاني (محمد سعيد الشرعبي) كتب: ‏عارضنا، وثرنا على نظام صالح.. فلم يجرؤ إعلامه، أو أنصاره على اتهامنا بالخيانة، أو التشكيك في وطنيتنا كما يفعل سفهاء تنظيم الإخوان بسبب موقفنا المعارض لفسادهم وجرائمهم.. إن دناءة أنصار تنظيم الإخوان ليس لها قاع.. الإخوان في عام 2011 زعموا بأنهم مع دولة مدنية حديثة، وفي عام 2021 أعلنوا انحيازهم لدويلة الميليشيا.
 
 الثالث (ماجد الداعري)، توقف عند الأخبار الموسمية التي تبشر بصرف راتب شهر أو شهرين في السنة، وتمتدح الصرافين، فقال: الرئيس الراحل علي عبدالله صالح حكم اليمن 33 عاما، لم يتحدث يوما عن صرف المرتبات، وقد كانت تصرف بانتظام نهاية كل شهر، لم يتحدث عن الإكراميات، وعن الأجور الإضافية التي كان يدفعها بأنها إنجاز، خلال فترة صالح كانت تدفع المرتبات شهريا، رغم أن نظامه لم يطبع حتى ثلثي الأموال المطبوعة عبثا في عهد الشرعية اللئيمة!
 
ومما كتبه الكاتب والسياسي الناصري عبدالله فرحان، قوله: عذرا يا علي عبد الله صالح، فمنذ نعومة اظفاري لم اثن عليك ولم امدحك.. انتقدتك وعارضتك وافرطت بالخصومة ضدك، وهتفت بإسقاطك في ساحات تعز، صنعاء، اب، ذمار، وصولا الى بوابات قصرك، وامام فواهات بندقيات حراستك.. وعند كل هتاف كنت تتقدم بمبادرات، وكنا نرفضك جملة وتفصيلا دون الالتفات الى مبادراتك، ظنا منا أن احلال خطباء المنابر، واصحاب رؤيا الرسول والصحابة في المنام، بديلا لك، سيقيمون العدل، ويعيدون لليمن جنة عن يمين وجنة عن شمال، وسوف ننام تحت الاشجار بأمن وسلام، حتى الكلاب لن تعوي علينا لتوقظنا من منامنا.. ومع ذلك كنت انت يا صالح تخبرنا أن هؤلاء الذين نعول عليهم ليسوا سوى إرهابيين، تجار حروب سيعيثون في الارض فسادا، وكنا حينها نلعنك، ونسخط عليك، ونزداد تمسكا بهم، ونتقرب منهم لنقتبس منهم النور، ليهدونا إلى الطريق المستقيم.. اليوم يا علي عبد الله صالح نعود لنعترف لك بالخطيئة، نشهد أنك -بكل خطاياك- أمام سفالتهم وارهابهم وعبثهم وبلطجتهم ملاك منزل من السماء، فعذرا يا صالح، عذرا يا صالح، فلقد كنت أفضلهم.
 
الخامس (نزار أنور- عدن) كتب مقالا موجعا، وفيه: أخطأنا عندما خرجنا في يوم من الأيام كي نطالب بإسقاط الدولة.. الشعب، يريد إسقاط النظام، كان شعارا غبيا أحمقا.. لم ندرك وقتها حقيقة ما يقف خلفه من دمار.. كانت أخطاء وعيوب ومساوئ هذه الدولة يمكن اصلاحها، ولكن ليس بتلك الطريقة التي فكرنا في يوم من الأيام أننا سنصلح بها الدولة وأحوالنا، فكنا مثل الذين يفسدون في الأرض وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا!!
 
مما كتبه وقال السادس (عبد الوهاب طواف)، قوله -يخاطب العصابة الحوثية- : يكفي علي عبدالله صالح فخرًا أنه حكم 33 عامًا ولم يُعرف نفسه إلا بثلاثة أسماء شائعة: علي. عبد الله. صالح.. لم يحتجب عن الناس.
 
ويتذكر، ويتحسر السابع (عارف ناجي) : كنا من أوائل من خرج في الربيع العربي لإسقاط نظام علي عبد الله صالح من أجل غد أفضل، من أجل نظام يسوده العدل والمساواة.. اليوم نقول للرئيس صالح إن من تسلق على (ثورة إسقاط النظام) تفوقوا في الفساد، أكثروا القتل والدمار والخيانة، واستباحوا السيادة الوطنية.. لذلك نتأسف لأننا خرجنا.. لقد صار يحكمنا فاشلون لا يملكون من القيادة والكفاءة سوى فسادهم... فرحمة الله عليك يا صالح.
 
وقال الثامن (الدكتور أحمد عقيل باراس) كان يحدونا أمل أن أولئك الذين تخلينا عن زعيمنا لأجلهم يستطيعون تقديم مشروع وحدوي حقيقي نقنع به انفسنا لنستمر في عشقنا للوحدة لكن لم نجد منهم أبداً أي ملامح لأي مشروع.
 
وتساءل التاسع (أحمد سيف حاشد هاشم): لماذا كلما هاجم الحوثيون صالح وحزبه مالت الناس إليه حتى من كان إلى عهد قريب ضده.
 
أما العاشر، المداهن (شوقي القاضي -إخواني) فيقول لك: نتفق أو نختلف مع الرئيس السابق صالح إلا أن ما يميزه أنه كان يصنع أمراً واقعاً حتى في القضايا التي كان الإقليم أو الدولي يرفضها، لكن مع ذلك تعترف جميع دول العالم بالواقع المفروض على الأرض، وهذا هو المنطق الذي تؤمن به الدول والعالم أجمع.
 
الخلاصة: نعيش في عصر تحت الصفر إذا ما قارنا بعصر  الرئيس صالح.. لم يبنوا مدرسة جديدة، ولا شقوا طريقا بطول ذراعين حتى، وكيس القمح الذي كان بسبعمائة ريال صار سعره اليوم أكثر من خمسين ألف ريال، وكان الدولار يساوي 25 ريالا واليوم 700 ريال، وكنت تتنقل حرا أينما شئت، وتسافر من صنعاء إلى حضرموت آمنا مطمئنا، فصرت مهددا بالقتل أو السرقة لو ابتعدت عن بيتك ربع فرسخ.. ويقول لك مسيرة قرآنية.. ويقول لك فبراير وشرعية.. شردوا عن صالح فتشردوا في أقطار الأرض. سلام عليك يا صالح في ديسمبر وفي كل شهر وفي كل يوم وفي كل ساعة.