اليمن.. بين أصالة الوطن وعهد المواطنة

10:00 2020/11/23

كلمتان خفيفتان على اللسان عميقتان في الوجدان لا يستشعرهما إلا من تشبع عظمة الوطن وتمتع بفضائل المواطنة في حياته اليومية دون عائق يعيقه، عدا لوائح النظام والقانون التي توجب الالتزام بها تنظيماً لعلاقة الأفراد ببعضهم وعلاقتهم بالنظام العام.
 
فالوطن، هو ذلك البيت الكبير الذي يجمعنا بمختلف مشاربنا بيضاً وسمرا، ذكرا وأنثى، سياسيا وجنديا، معلما ومهندسا، فلاحا وعاملا... بمعنى آخر هو مساحة الأرض الطاهرة التي نعيش على ترابها، والسماء التي نستظل بظلها، والحدود البرية والجوية والبحرية التي تحصننا من بطش الطامعين بثرواتنا وتاريخنا وحضارتنا ومواردنا.
 
وحسبنا شرف الوطن أن منحنا هويته التي نعرف ونميز بها عن سائر الشعوب، وحسبنا أن حفظ لنا، أصالةً، حقوقا خدمية، كحق التعليم والصحة، والتملك والبناء، والشراء والبيع، والتنقل والاستمثار، وحقوقا أخرى سياسية كحق المشاركة وتقلد المناصب، وحق الترشح والاقتراع، وحق التمثيل في مجالسه النيابية والرئاسية، ناهيك عن حق حرية الرأي والمعتقد، بالمقابل أيضا له علينا حقوق إلزامية تمثل الجانب الأهم في مقالنا هذا، والتي تنقسم إلى شقين أحدها معنوي والآخر مادي يتفاعل كل منهما بالآخر ويكمله.
 
فباستناد إلى مدلول المواطنة التي منحتنا حقوقا اجتماعية وثقافية وسياسية واقتصادية يتوجب علينا تجاه الوطن، الشعور بالانتماء الصادق والولاء المطلق له دون غيره، وكذلك الاعتزاز بتاريخه وتمثيله التمثيل اللائق بحضارته امام المجتماعات الاخرى، بالإضافة إلى تمجيد رايته ونشيده، واحترام رموزه وقياداته، ونشر روح الوطنية والمواطنة واخلاق التسامح والإيثار بين اخوته.
 
واستنادا أيضا لمشاعر الانتماء والولاء وتثمين الخدمات والحقوق التي حفظها لنا الوطن، يتوجب علينا حمايته وحماية وحدته الوطنية، والحفاظ على مكاسبه ومكتسباته، والدفاع عن سيادته واستقلاله، والاستماته دونه بوجه كل غاصب وغاز، فالوطن ملكنا وحدنا وكل ما فيه من خيرات حق لأبنائه يتوارثونها جيلا بعد جيل، وبذات الوقت هي مطمع لكل قوى الهيمنة الاستعمارية.
 
فالوطن مصدر قوتنا وهويتنا، وملهم عزنا وافتخارنا، وفضاء سكننا ومسكننا، ومتى سلب منا أو انتهك استقلاله وانتقصت سيادته، اصبحنا تابعين مشردين بلا مأوى، غرباء مجهولين بلا هوية، فقراء نتسول انسانيتنا وقوت عيشنا على منافذ البلدان، نشحتها حق العيش على اراضيها دون أي حقوق، وبعضها قد يكفل لنا حقوقا تقيدها قوانينها الداخلية، بعكس تلك المطلقة التي كنا تتمتع بها قبل أن يسلخ منا وطننا.
 
لنا في ذلك امثلة حية لشعوب في لحظات تهاون وتخاذل خسرت اوطانها، فأضحت نازحة على حدود الغير ولاجئة في اوطانها، تستجدي أدنى حقوق المواطنة وسبل العيش الكريم... شعوب باتت تتسول اليوم هوية تعوض خسرانها العظيم، وليس حال الشعب الفلسطيني والعراقي والصومالي ببعيد عنا، ولا بعيد عنا حال شعب الهنود الحمر الذين ابيدوا على ارضهم ليحيا المحتل الغاصب.
 
ايضا شعوب سلخت عنها اوطانها بفعل خيانة البعض من ابنائها، الذين مكنوا العدو منه فاغتصب ارضه وعرضه، وصادر حقوقه ومستحقاته، وشوه قيمه وهويته، وطمس حضارته ومعتقده، فباتوا اليوم بالعراء ينشدون وطنا، وبات شعبهم يتجرع ويلات المحتل، ويدفع ثمن خيانتهم.
 
اليوم نحن نعيش حالة مشابهة لتلك الشعوب، حيث خان بعضنا اليمني وطنه ونظامه الجمهوري، فارتمى بحضن الحوثية وارتهن لمخططاتها، لتدمر هويتنا وحضارتنا ومعتقدنا، وهذا المخطط ليس وليد اليوم أو اللحظة، بل له رواسب تاريخة وحقد دفين، يعود لحضارة اليمن العظيمة ولدور اليمنيين ايضا في الفتوحات الاسلامية وبدك حصون فارس واسقاط امبراطورياتها الكهنوتية.
 
نحن يا معشر اليمنين... وطن كاليمن بتاريخه وحضارته وامجاده، ألا يجعلنا نتساءل ماذا قدمنا له؟، وهل برأيكم يستحق منا أن نتركه فريسة تتناهشه ذئاب الاجندة؟، أفلا يستحق منا أن نوحد صفوفنا ونشد عزائمنا للدفاع عنه؟، على الاقل اذا لم يكن من اجله فمن اجل هويتنا وتاريخنا واعراضنا ومعتقدنا الاصيل.
 
علينا اليوم كيمنيين أن نسمو على خلافاتنا ونتوجه صادقين لمعركة الخلاص والتحرر من سطوة السلالة الرجعية!!!، فتلك السلالة بقدر صبغتها الدينية لا تحمل لنا خيرا، فهي أدوات لاجندة توسعية تهدف لاستعبادنا ومصادرة حقنا بالعيش الكريم، اجندة جل اهدافها اخضاعنا لفكر يتناقض مع كل الشرائع السماوية والوضعية، والانحراف باعرافنا الاصيلة إلى منحدر الانحلال القيمي.
 
إنه اليمن يا معشر اليمنيين... فهبوا لنصرته وانتشاله من نفق الظلمات الذي إذا تقاعستم عن معركته المقدسة فلن تروا نور الحرية والكرامة بعد ذلك... إنه اليمن يا سادة العرب ويستحق منا التضحية من أجله!!!