المراكز الصيفية الحوثية: عباءة التعليم لتفخيخ العقول وابتلاع الطفولة في أتون الحرب

  • عبدالصمد القاضي، الساحل الغربي:
  • 01:44 2025/04/16

في خضم أزمة إنسانية وتعليمية خانقة يعيشها اليمن، تمضي مليشيا الحوثي في تدشين مراكزها الصيفية بمناطق سيطرتها، مستغلة عطلة المدارس لتحويل الأطفال إلى أدوات بشرية في مشروعها الطائفي المستورد من إيران.. تتحول هذه المعسكرات إلى منصات ممنهجة لغسل أدمغة الناشئة وتلقينهم شعارات الكراهية والعنف وتمجيد زعماء الجماعة، وتحريضهم على حمل السلاح استعداداً للزج بهم في ساحات القتال.
 
في محافظة تعز دشّنت المليشيا السبت 5 أبريل الجاري معسكراتها الصيفية في منطقة الحوبان، وسط عزوف شعبي لافت.. "محمد مطهر"  أحد سكان مديرية التعزية، يؤكد تراجع نسبة الاستجابة إلى أدنى مستوياتها، قائلاً: إن الناس باتت تدرك العلاقة المباشرة بين هذه المعسكرات وافتتاح المقابر سنوياً.
 
بالتوازي أطلقت مليشيا الحوثي حملة ميدانية في مديرية ماوية، عبر لجان من مشرفي العزل لاستقطاب طلاب المدارس ومن سبق لهم الالتحاق بدورات سابقة، والزجّ بهم قسراً في هذه المراكز.. أحد الشهود ويدعى "سيف قائد" كشف أن مشرف الحوثيين في مقبنة "أبو هاشم الحساني" شكّل فرق ميدانية لجمع الأطفال بالقوة، ورغم ذلك لم يتجاوز عدد المجندين من المديرية بأكملها 14 طفلاً خلال أسبوع.
 
ويحذر أولياء الأمور من المخاطر الجسيمة التي تحيط بأبنائهم، مؤكدين أن هذه المعسكرات ما هي إلا معابر إجباريّة نحو الجبهات.. "سعيد صبر" من محافظة إب، يرى أن هدف المليشيا هو تجنيد الطلبة وإعدادهم نفسياً وبدنياً للحرب، داعياً الأسر إلى مقاطعة هذه المراكز التي تسعى لتحويل الأطفال إلى وقود بشري لمعارك طائفية عبثية.
 
وفي صنعاء تفرض المليشيا ضغوطاً متصاعدة على المشايخ وعقال الحارات ومدراء المدارس لدفع الأطفال إلى تلك المعسكرات.. "تهاني خالد" وهي أم لطفلين، تؤكد أن مدير مدرسة حمراء حلب في حي الخفجي أبلغها أن تسجيل أبنائها في العام الدراسي مشروط بإحضار شهادة من المراكز الصيفية، لكنها رفضت الانصياع، قائلة: "لن أدفع بأبنائي إلى معسكرات الهلاك ولو كلفني ذلك حرمانهم من التعليم".
 
المحتوى التدريسي في هذه المعسكرات يخلو من أي بعد أكاديمي ومنهجي حقيقي، ويركز على تمجيد زعماء الحوثيين – خصوصاً الهالك حسين الحوثي وعبدالملك الحوثي – والتحريض ضد دول الجوار وغرس مفاهيم "الولاية الإلهية" والعداء للجمهورية والدولة الوطنية، مع تدريبات مكثفة على الصرخة الحوثية بدلاً من النشيد الوطني، وورش في استخدام السلاح الخفيف ومقاطع مرئية من الجبهات لإثارة الحماسة القتالية وغسل أدمغة المغرر بهم.
 
رئيس منظمة سام توفيق الحميدي، أكد لـ "الساحل الغربي" أن المعسكرات الصيفية الحوثية ليست سوى أداة لإعادة إنتاج الجماعة داخل المجتمع، ومحاولة لرفد الجبهات بالمقاتلين الجدد؛ وأشار إلى أن هذه المعسكرات تُدار بإشراف وزارة الدفاع الحوثية، ما يعرض الأطفال لخطر الاستهداف المباشر، خاصة مع توسع الضربات الجوية الأميركية إلى الأرياف.
 
وأضاف الحميدي أن المليشيا لا تعبأ بسلامة الأطفال بل توظفهم إعلامياً وتستغل معاناتهم سياسياً، داعياً الأسر في مناطق الحوثي إلى الهروب بأبنائهم إلى القرى أو المناطق المحررة، وناشد الحكومة الشرعية بتفعيل أدواتها الإعلامية والتوعوية.
 
وبحسب تقرير صادر عن وزارة حقوق الإنسان، افتتحت المليشيا أكثر من 6,000 مركز صيفي، استقطبت خلالها أطفالاً تتراوح أعمارهم بين 10 و17 عاماً، معظمهم من طلاب التعليم الأساسي؛ فيما كشف تقرير لمنظمة "ألف باء" أن 9,100 مدرسة – مغلقة ومفتوحة – تم تجهيزها هذا العام لاستقبال ما يقارب مليون و500 ألف طالب وطالبة.
 
وتؤكد تقارير أممية أن المليشيا جندت أكثر من 10,200 طفل خلال السنوات الماضية، معظمهم من هذه المعسكرات والمدارس، فيما قتل ما يزيد عن 2,600 طفل على جبهات القتال الحوثية، في ظل صمت دولي مريب، وعجز حكومي في حسم المعركة واستعادة الدولة.
 
المراكز الصيفية الحوثية، ليست سوى عباءة دينية لتفخيخ العقول الطرية، وابتلاع الطفولة في أتون الكراهية والموت، في مشهد يجسد أبشع صور الاستغلال الطائفي والجنائي للأطفال، وسط غياب الردع، وغياب الضمير.

ذات صلة