ميناء المخا يستقبل أكبر سفينة منذ 14 عاماً.. ويدشن ثورة اقتصادية وطنية صامتة

  • خاص - الساحل الغربي
  • 02:28 2025/04/15

‏فيما تمضي جماعة الحوثي في خنق البلاد عبر موانئ الخُمس والجبايات ينبثق ميناء المخا من رماد الصمت معلناً عودة الحياة إلى رئة اليمن البحرية الغربية.. يستقبل الميناء أكبر سفينة تجارية منذ أربعة عشر عاماً في مشهد لا يُكتب بالحبر بل بجهد الرجال الذين يؤمنون بأن الانتصارات تُبنى بالتنمية لا بالسلاح فقط وبالمشاريع لا بالشعارات.
 
لم يكن مجرد ميناءٍ ورصيفٍ طال غيابه عن هدير الرافعات بل لحظة تاريخية أعلنت انبعاث المخا من جديد، بجهد وإصرار العميد ‎#طارق_صالح الذي أعاد للميناء المهجور نبضه وجعل منه بوابة اقتصادية مفتوحة لكل اليمنيين، وردّ الاعتبار للساحل الغربي كخيار بديل ومشروع وطني متكامل؛ في المقابل تواصل مليشيا الحوثي إغلاق ميناء الحديدة في وجه التجارة مع تراجع السفن عنه بفعل التصنيف الإرهابي والعقوبات الأميركية، التي وإن تأخرت إلا أنها بدأت تخنق حنجرة المليشيا التي تنفّست طويلاً أوكسجين الحرب من البحر.
 
منذ أواخر مارس لم تجرؤ سفينة تجارية على الاقتراب من الحديدة بين مطرقة العقوبات وسندان الابتزاز الحوثي.. فالمليشيا تمنع التجار في مناطق سيطرتها من استخدام ميناء عدن وتُجبرهم على المرور عبر نقاطها التي تُنهب فيها الشاحنات كما تُقسم الغنائم؛ بينما يفتح ميناء المخا ذراعيه بلا ابتزاز، ينقل السلع بلا رسوم فاسدة ويُعيد للبحر وظيفته الطبيعية كمنفذٍ للحياة لا حصّالة لجبايات الموت.
 
ولأن الفارق كبير بين من يرى في البحر مورداً وطنياً ومن يحوله إلى صندوق أسود، فإن إنجاز المخا لم يكن وليد الصدفة بل ثمرة لرؤية وطنية حملها العميد طارق الذي لم يكتفِ بالبندقية، بل أمسك بمعول الإعمار راهن على الميناء كنافذة اقتصادية تصل تعز بعدن وتمتد إلى ريف الحديدة وسهول الحجرية بأمل جمهوري جديد؛ بينما يئن ميناء الحديدة تحت حصار حوثي باسم "المجهود الحربي" ويدفع التجار ثمن كل شحنة مرتين: نقداً ثم إذلالاً.
 
تتحرك رافعات المخا بينما تترنّح المليشيا في صمت. ترتفع أعمدة الشحن بينما تتلاشى التجارة في مرفأ حوّله الحوثي إلى ثكنة بحرية وجباية حرب وورقة ابتزاز؛ هي لحظة فارقة لا تقل أهمية عن نصر عسكري، بل قد تكون مدخلاً لإسقاط ستوكهولم وتجفيف شريان تمويل الحوثيين، إذا أحسنت الحكومة استثمارها ووفّرت للقطاع الخاص بيئة يمكن أن يتنفس فيها الاقتصاد كما يتنفس اليمني كرامته خارج طوابير الإذلال.
 
إنها ليست فقط عودة ميناء إنها بداية ثورة اقتصادية يمنية وكف تنزع عن البحر عمامة الطائفية وتعيد إليه ملامح الدولة؛ ومع كل حاوية تُفرغ في المخا تسقط خُرافة الحوثي ويُكسر طوق ستوكهولم ويتحوّل الساحل الغربي إلى جبهة أمل.
 
يُسجَّل التاريخ في هدير الرافعات وتُصنع الكرامة في عرق الرجال لا في شعارات الموت... لنعرف الفرق بين من يرى في البحر شريان حياة، ومن لا يرى في البحر إلا مده الدموي وجزره الطائفي.

ذات صلة