عقوبات هزيلة وطفولة منتهكة: براءة الطفلة جنات تُسحق تحت وطأة فساد المحاكم الحوثية

  • الساحل الغربي - خاص
  • قبل 21 ساعة و 48 دقيقة

قضية مؤلمة تعكس واقعًا مترديًا يرزح تحت وطأته اليمن، حكمت المحكمة الجزائية الابتدائية في صنعاء، التي تسيطر عليها المليشيا الحوثية، بالسجن لمدة 15 عامًا على أحمد حسين نجاد بتهمة اختطاف واغتصاب الطفلة جنات السياغي.. جريمة تهز كل ضمير إنساني، لكنها تكشف مرة أخرى عن هشاشة النظام القضائي وترديه في ظل الفوضى والهيمنة السياسية؛ فقد باتت القرارات القضائية الصادرة في هذه المناطق لا تعدو كونها ستارًا هشًا يوارى خلفه الفساد والانحراف عن مسار العدالة الحقيقية.
 
كيف يمكن لعقوبة بخسة كهذه، تُعنى بحياة طفلة لم تتجاوز التاسعة، أن تكون عدالة؟! الطفلة التي اختُطفت واغتُصبت في يونيو الماضي، في جريمة وحشية أثارت غضباً عارماً في المجتمع، لا يكفيها حكم بالسجن والغرامة لإعادة حقوقها المسلوبة وكرامتها المجروحة؛ أي منطق هذا الذي يضع معاناة طفلة في كفة، و15 عامًا من الحبس في كفة أخرى؟ وكأن المجرم سينال "إجازة" من مجتمعه، ليعود بعد انقضاء العقوبة وكأن شيئًا لم يكن.
 
وهنا تتجلى السخرية: في حين تُسحق براءة الأطفال، وتُنتهك كراماتهم، يواجه المجتمع قرارات قضائية تُسقط ما تبقى من إيمان بالعدالة؛ وما يزيد الطين بلة هو "التعويض المالي" الذي حكم به القاضي.. ستة ملايين ريال كتعويض؟ وكأن ألم العائلة وجراح الطفلة يمكن قياسهما بالنقود! يُصدم المرء من هذه الحسابات الباردة التي تحاول السلطات الحوثية من خلالها تقديم مشهد محاكمة كاذب، وهم يدركون أن "العدالة" التي يقدمونها مغلفة بأغلفة زائفة.
 
لا عجب أن والد الطفلة، المنكوب بألم لا يوصف، رفض الحكم وانتقده بشدة.. فكيف لا، وقد أضحى النظام القضائي قفازًا باردًا في يد آلة سياسية لا همّ لها سوى إرضاء قوى النفوذ على حساب أرواح الأبرياء؟ إن السجن والغرامة هنا لا تمثل إلا صفعة على وجه المجتمع اليمني بأسره؛ جرائم كهذه لا يمكن التعامل معها إلا بعقوبات رادعة، فكيف لمجتمع يئن تحت وطأة الحروب والنزاعات أن يطيق مزيدًا من الإجرام دون أن يرى أي بصيص للعدالة الحقيقية؟
 
إن الحكم الذي صدر ضد الجاني هو بمثابة مرآة عاكسة لفشل سلطات الحوثي، فهو حكم يذكرنا بأن مصير الأطفال في اليمن، اليوم، أضحى بين أيدي من لا يقدّرون معنى الطفولة أو حرمة البراءة؛ حين تكون الجرائم بهذه الوحشية، لا يمكن للمجتمع إلا أن ينتظر أحكامًا تعكس هول الكارثة لا مجرد "إصلاحات تجميلية" تقدمها المحاكم.
 
لن تكون قضية ”جنات السياغي“ الأخيرة ما دامت التشريعات عاجزة، وما دامت السلطات المعنية غير قادرة على ردع الجناة؛ وفي ظل غياب إرادة حقيقية لحماية الأطفال، ستظل هذه الحوادث صدى لمجتمعٍ يتآكل من الداخل، ويتنفس الفساد والقمع بدلًا من العدل والمساواة.

ذات صلة