هجوم جديد في اليمن وعقوبات أوروبية أميركية.. الطائرات الإيرانية المُسَيَّرة: لماذا تثير القلق والمخاوف؟

  • الساحل الغربي، بي بي سي عربي:
  • 07:06 2022/10/22

تعرض ميناء الضبة النفطي على بحر العرب في محافظة حضرموت شرق اليمن لهجوم إرهابي باستخدام طائرتين مسيرتين مفخختين، في أحدث عملية هجومية باستخدام هذا النوع من السلاح الذي استخدمته إيران ومليشياتها في المنطقة لتنفيذ هجمات عابرة واعتداءات متتابعة خلال العامين الماضيين بصورة خاصة ومكثفة.
 
ويسأل تقرير لمحطة بي بي سي عربي عن السبب في  تزايد المخاوف والقلق عبر مناطق وأقاليم واسعة وصولا إلى أوكرانيا من الطائرات الإيرانية المسيرة وفرضت عقوبات أميركية أوروبية على هذا القطاع في إيران على خلفية التداعيات العسكرية في أوكرانيا.
 
هجمات عابرة
 
في وقت مبكر من صبيحة يوم 14 سبتمبر/أيلول من 2019 تعرض معمل بقيق السعودي الذي يعتبر أكبر محطة لمعالجة النفط في العالم لهجوم بعدد كبير من الطائرات المسيرة وصواريخ كروز ( مجنحة)، وفي نفس الوقت تعرضت منشأة خريص النفطية لهجوم مماثل مما أدى الى تراجع انتاج السعودية من النفط إلى النصف، إضافة إلى إلحاق دمار كبير في المنشأتين.
 
وقالت السعودية إن ما لا يقل عن 18 طائرة مسيرة و8 صواريخ استخدمت في الهجوم واتهمت إيران بالوقوف وراء الهجوم الذي تبنته جماعة أنصار الله الحوثية في اليمن.
 
كما اتهمت الولايات المتحدة طهران بالوقوف وراء الهجوم وقالت إن الطائرات والصواريخ التي حلقت على ارتفاع منخفض قدمت من جهة الشمال.
 
ونقلت وكالة رويترز عن مصدر في الشرق الأوسط اطلع على تحقيقات أجرتها إحدى الدول عن الهجمات، أن موقع انطلاق الهجمات كان قاعدة الأهواز الجوية في جنوب غربي إيران، والتي تقع على بعد نحو 650 كيلو مترا إلى الشمال من بقيق.
 
وفي 30 يوليو/ تموز من عام 2021 تعرضت ناقلة النفط "ميرسر ستريت"، التي يملكها رجل اعمال إسرائيلي، إلى هجوم بطائرة مسيرة في بحر عمان أدى إلى مقتل اثنين من أفراد طاقمها.
 
وقالت القيادة المركزية للقوات المسلحة الأمريكية (سينتكوم) إن استنتاجات الخبراء تؤكد أن الطائرة المسيرة التي استخدمت في الهجوم كانت إيرانية الصنع.
 
وحسب بيان للقيادة، فإن الناقلة تعرضت لهجومين فاشلين بطائرات مسيرة مساء 29 يوليو/ تموز، وفي اليوم التالي نجح الهجوم في إصابة الناقلة.
 
وأشارت استنتاجات الخبراء إلى أن الطائرة المسيرة كانت تحمل متفجرات ذات استخدام عسكري وتسببت بتفجير أدى إلى إلحاق أضرار كبيرة بالسفينة.
 
وبعد إجراء فحوصات كيميائية، تم تحديد نوعية المتفجرات المستخدمة وهي من نوع RDX شديدة الانفجار.
 
وأظهر تحليل حطام الطائرة إلى أنها مطابقة للنماذج السابقة من بقايا الطائرات المسيرة الإيرانية.
 
وأضافت "سينتكوم" أنها قدمت الأدلة للخبراء البريطانيين والإسرائيليين، وأن استنتاجات الخبراء في البلدين كانت متطابقة مع استنتاجات الخبراء الأمريكيين.
قفزة كبيرة
 
الهجوم الأخير، بحسب تقرير بي بي سي، والذي نفت إيران مسؤوليتها عنه يشير إلى قفزة كبيرة في قدرات إيران في استهداف، ليس أهداف أرضية ثابتة فحسب، بل أهداف متحركة على بعد مئات الكيلومترات عن أراضيها.
 
ونقلت محطة سكاي نيوز البريطانية عن خبير شؤون الشرق الأوسط في مؤسسة جينز قوله "إن إيران تقول إنها توجه الطائرات المسيرة المتقدمة عبر الأقمار الصناعية لكن المشكلة أن الإيرانيين لا يملكون أقمارا صناعية وبالتالي لا بد أن تتحايل على العقوبات الدولية للحصول على ترددات من أقمار صناعية للاتصالات. لكن الحل الأسهل أمام الإيرانيين هو أن تقوم المحطة الأولى لتوجيه المسيرة بتسليم قيادتها لمحطة متقدمة قد تكون على الأرض أو على متن سفينة لزيادة مدى عمليات الطائرة المسيرة".
 
وفي كل الأحوال الهجوم على السفينة سواء جرى بتوجيه المسيرة عن طريق الأقمار الصناعية أم عبر محطة في عرض البحر، يمثل نقلة نوعية في قدرات إيران في هذا المجال.
 
لم تكتف إيران التي يقال إنها تملك برنامجاً ضخماً لإنتاج الطائرات المسيرة بتسليح مختلف صنوف قواتها بهذه الطائرات، بل تتهم بأنها زودت الجماعات المسلحة الموالية لها في الشرق الأوسط بعدد كبير من هذه المسيرات من مختلف الأنواع والصنوف.
 
فالمسيرات الإيرانية الصنع أو التي تنتج بخبرة إيرانية تستخدمها المليشيات الحوثية في شن هجمات على مختلف الأهداف في السعودية وصولاً إلى الإمارات العربية المتحدة، إضافة إلى استخدامها الواسع في شن هجمات مدمرة على قواعد ومقرات القوات اليمنية التابعة للحكومة اليمنية الشرعية، مثل الهجوم على ميناء الضبة النفطي بحضرموت 21 أكتوبر، والهجوم على قاعدة العند في شهر أغسطس/ آب 2021 والذي أدى إلى مقتل 30 جنديا وإصابة 60.
 
كما أن عدداً من الجماعات المسلحة العراقية الموالية لإيران مثل "كتائب حزب الله" تملك طائرات مسيرة. وقد تعرضت القواعد الأمريكية في العراق لعدد من الهجمات من قبل هذه الجماعات بطائرات مسيرة مثل الهجوم الذي تعرضت له قاعدة عين الأسد في أوائل العام الجاري وغيرها من الهجمات التي استهدفت مطار أربيل وغيرها من الأهداف في إقليم كردستان العراق، بحجة وجود قوات أمريكية فيها.
 
كما يملك حزب الله اللبناني عددا كبيرا من الطائرات المسيرة منذ فترة طويلة وإن حملت أسماء مختلفة عن الأسماء الإيرانية لكن الخبرة والتقنية والمواصفات لا تختلف كثيرا عن نظيراتها الإيرانية.
 
"طائرة الكاميكازي"
 
أكدت وزارة الدفاع البريطانية يوم 14 سبتمبر/أيلول الماضي ما أعلنته أوكرانيا عن إسقاطها مسيرة إيرانية الصنع من طراز شاهد -136 خلال المعارك ضد القوات الروسية.
 
وقالت الوزارة إنه يرجح أن روسيا قد بدأت في استخدام المسيرات الإيرانية في بداية شهر سبتمبر/أيلول من حملتها العسكرية في أوكرانيا، وأضافت أن روسيا لجأت إلى الدول التي تخضع لعقوبات دولية مثل إيران وكوريا الشمالية من أجل تأمين حاجتها من الأسلحة والمعدات العسكرية.
 
وجاء التأكيد البريطاني بعد يوم من إعلان وزارة الدفاع الأوكرانية عن إسقاطها المسيرة الإيرانية خلال المعارك في منطقة خاركيف شمال غرب أوكرانيا.
 
وكانت الولايات المتحدة قد كشفت في شهر يوليو/تموز أن إيران بصدد بيع المئات من المسيرات لروسيا لاستخدامها في معاركها في أوكرانيا. وأشارت تقارير صحفية أمريكية إلى أن إيران قد شحنت الدفعة الأولى من المسيرات إلى روسيا وتضمنت طرازين والمسيرة شاهد أحدهما.
 
وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على شركة طيران إيرانية قامت بنقل المسيرات إلى روسيا وشركتين إيرانيتين تنتجان المسيرات، حسبما قالت واشنطن.
 
سلاح رخيص وفعال
 
وقد كثفت روسيا استخدام المسيرة الإيرانية الانتحارية شاهد - 136 ضد أهداف حيوية في المدن الأوكرانية مثل محطات توليد الكهرباء والمياه ومحطات تحويل الطاقة الكهربائية في الآونة الأخيرة.
 
وقال مسوؤلون أوكرانيون أن الهجمات الروسية بواسطة المسيرات الانتحارية والصواريخ يومي 17 و19 أوكتوبر / تشرين الأول الجاري قد الحقت الضرر بنحو 40 في المئة من طاقة إنتاج الكهرباء في البلاد.
 
هذه المسيرة الصغيرة التي تزن نحو 200 كليو غرام والتي تشير تقديرات إلى أن قيمتها تتراوح ما بين 20 إلى 50 الف دولار، تعتبر رخيصة للغاية بالمقارنة مع الصواريخ بعيدة المدى أو المجنحة التي استخدمتها روسيا في بداية عملية غزو أوكرانيا.
 
يتم إطلاق هذه المسيرة على شكل أسراب، ولأنها بطيئة ولا تستطيع التحليق على ارتفاعات عالية يتم إعتراض عدد كبير منها بواسطة أنظمة الدفاع الجوي أو المضادات الأرضية وحتى بواسطة الاسلحة الخفيفة، لكن تلك التي تنجح في الوصول إلى أهدافها تسبب دمارا كبيراً، حيث تحمل في رأسها عشرات الكيلوغرامات من المتفجرات وترتطم بالهدف المطلوب مباشرة.
 
وبسبب صغر حجمها ليس من السهل على أجهزة الرادار كشفها رغم سهولة إسقاطها.
 
ونقلت صحيفة الغارديان البريطانية عن مسؤول عسكري أمريكي سابق قوله: "إن المسيرات بالكاد تترك أثراً على هوائيات الرادارات وبالتالي يصعب اكتشافها إلى أن تصبح على ارتفاع ألف قدم فوق رأسك".
 
أما المسيرة الأخرى التي يعتقد أن إيران باعتها لروسيا فهي مهاجر 6 التي تستخدم في مهام المراقبة والاستطلاع والتصوير والهجوم.
 
وقالت وزارة الدفاع الأوكرانية إن دفاعاتها الجوية أسقطت واحدة منها وبسبب سقوطها في البحر لم تتعرض لأضرار تذكر.
 
يبلغ وزن هذه المسيرة 600 كيلو غرام وقادرة على البقاء في الجو لمدة 12 ساعة وتحلق على ارتفاع حتى 5400 متر وسرعتها القصوى 200 كم.
 
وهذه المسيرة مجهزة بكاميرا حرارية وبصرية وتحمل 4 قنابل ذكية دقيقة حسب وسائل إعلام إيرانية.
 

 

ذات صلة