نهبوهم في النادرة وأوقف قلب زوجها في إب وخنقت قذيفةٌ طفلها في تعز.. تسأل عيشة: «أين المفر من جرم الحوثيين؟»
- تعز، الساحل الغربي، عبدالمالك محمد، عبدالصمد القاضي:
- 05:15 2021/11/02
[* الصورة الرئيسية، رمزية، ولكنها أيضا ليست بعيدة عن الجرائم الحوثية بتعز، وتعود لسيدة فجعت بأطفالها، حيث سقط ضحايا مدنيون بينهم أربعة أطفال من أسرة واحدة، ظهر السبت 30 اكتوبر/ تشرين الأول 2021، جراء قصف حوثي على حي الكمب وسط مدينة تعز.]
لا مفر من جرائم المليشيات الحوثية. هذا ما يحكيه واقع حال أفراد عائلة محمد محمد يوسف الذين تعرضوا للنهب والتنكيل في مسقط رأسهم بمديرية النادرة محافظة إب، ولم تخطئ المليشيا طريقها إليهم حتى بعد نزوحهم إلى مدينة تعز.
توفي محمد يوسف، رب العائلة، متأثراً بإصابته بأزمة قلبية عام 2016، لم يحتمل قلب الرجل التنكيل والنهب الذي طال أملاكه وعائلته على يد مشرف الحوثيين في النادرة فتوقف إلى الأبد.
أما شقيقه سلطان والذي اختطفه الحوثيون فأوقفت المليشيا عنه الحركة بعدما أعادته مشلولاً.
تفتح عيشة لـ"لساحل الغربي" جعبة مأساتها قائلة: «سبب وفاة زوجي هو نهب مسلحين من عناصر الحوثيين للمحل التابع لأسرته واختطاف أخيه. بعد تلك الحادثة تضاعفت حالته النفسية والصحية حتى أصيب بالجلطة، ولم يكن قد تعافى منها حتى أصيب بجلطة أخرى حين شاهد أخاه وقد أعاده الحوثيون مشلولاً».
| تسهر ليلاً بجوار ابنها وفي النهار تبحث عن مصدر دخل لأطفالها الأربعة، ولعل لسان حالها يقول: «أين نذهب من جحيم المليشيات؟»
وضِعت المرأة، التي أفقدتها المليشيا زوجها باكراً، في مواجهة الحياة وحيدة، باستثناء حضور طفلها الأكبر أحمد الذي لا يزال في عامه الـ15.
بعد عام من وفاة الأب، استأنف المشرف الكهنوتي مضايقاته للأسرة بكل الوسائل التعسفية، لم يدع ذلك المسخ للأم والطفل اليتيم فرصة للبقاء، كما أن "عيشة" لم تكن على استعداد للمزيد من الخسارات؛ فقررت الهروب بمن تبقى.
لاحقت قذائف الإجرام الحوثي أحمد إلى بقالة بدأ يعيل أسرته من عمله فيها
في 2017 قصد أحمد وعائلته إلى مدينة تعز نازحاً، وهناك أجبر أن يسبق سنه ويحمل على كاهله أعباء إعالة العائلة.
بصوت مرتعش تضيف عيشه: «كان أحمد يتنقل من محل إلى آخر باحثاً عن عمل يتوافق مع دوامه المدرسي، استمر بالبحث عن عمل كثيراً حتى صادف بقالة يمتلكها أحد أبناء منطقته بحي الأشبط شرق تعز».
ظل أحمد يعمل في البقالة في فترة المساء بعد عوته من المدرسة، ولمست العائلة تحسناً طفيفاً في معيشتها، عدا أن المليشيات، وكما لو أن هذا أغاظها، لم تلبث أن أمطرت حي الأشبط بالقذائف، وسقطت إحداها على البقالة حيث الطفل أحمد.
كان الحي شبه خالٍ إلا من أطفال يلعبون في ساحة خالية، ولم يستطع أحمد أن يشاركهم اللعب، قبل أن يتحول الحي إلى جحيم.
دفعت إحدى القذائف بأحمد خارج البقالة، وتوزعت الشظايا في وجهه وصدره والقصبة الهوائية وكسور في اليدين، وبالقرب قتل طفلان وأصيب أكثر من أربعة آخرين، وأعمار جميعهم أقل من 15 عاماً.
كانت والدته تسمع القذائف تتساقط على الحي وتتبعها بالدعاء أن يحفظ الله طفلها، مرت نصف ساعة حتى تلقت اتصالاً هاتفياً أن أحمد مصاب وأسعف إلى مستشفى الثورة العام القريب من الحي، «قام بإسعافه شباب الحي وحالته خطيرة، وفقد الكثير من الدم» بهذا المكالمة أنهيت.
تتحدث الأم باكية ولا تزال ملامحها محتفظة بعلامات الفجيعة: «الخوف أوقف قدرتي على الحركة وأصيب لساني بالشلل، لم أستطع أن أتحدث عما حدث للذين يقفون حولي سوى كلمات بالدموع تجيب عن أسئلتهم حتى انفجر نياحي بصوت عال: قتلوا ولدي الله يقتلهم».
الحوثي يطاردنا في كل مكان، وتتابع «حين شاهدت طفلي على سرير المشفى، كانت إصابته كبيرة، فقد الكثير من الدماء نتيجة تأخر الأهالي في إسعافه خشية من القذائف المتساقطة ذلك اليوم بشكل جنوني».
تعافت جروح أحمد بما فيها الكسور في يديه، لكنه لا يزال يتنفس عبر قصبة خارجية نتيجة ثقب الشظايا التى أصابت جهازه التنفسي.
على مدار خمسة أشهر، يتردد أحمد على المستشفى بشكل شبه يومي لتلقى العلاج لكن دون فائدة سوى القليل من التعافي وكثير من الوجع، يصارع الجراح بصبر وصمت بينما تعجز الأسرة عن دفع تكاليف العمليات الجراحية.
يقول أحمد، بصوت خافت يكاد لا يسمع من أثر الإصابه: «لا أستطيع الخروج من المنزل إلا إلى مستشفى لتفاقد القصبة البلاستيكية التي التقط بها النفس، ليتني استشهدت أهون مما أعانيه يوماً بعد آخر».
إقرأ أيضاً:
- فيديو مؤلم لطفل يمني مصاب: "الحوثي هجم.. الحوثي هجم"
- صور- "لغم دبابة" حوثي نسف هشام راوح وسيارته في جولة القصر بتعز
- سرق لغم حوثي قدمي «هند» - نازحة أخرى من «الشقب»
- العثور على جثة القاضي نجيب الشجاع بتعز في ركام منزله بعد خمسة أعوام من تفجيره
- مأساة أسرته ووضاعة الحوثي: عن القاضي الشهيد نجيب الشجاع (وقائع وصور)
- ملف (4)- ثالث ضحايا قناصة الحوثي بتعز.. قصة الناجي من 6 رصاصات في جولة القصر
يظل حبيساً في المنزل لظرفه الصحي الحرج، لا عمل يمارسه ولا مدرسة يقصدها ليواصل مسيرته التعليمية، محاصر بين زوايا المنزل لعل نافذة أمل تفتح طريقاً لعلاجه.
أما أمه فقد أكل منها الدهر وشرب تنظر إلى حال ابنها وتعجز عن الكلام، تسهر ليلاً بجواره وفي النهار تبحث عن مصدر دخل لأطفالها الأربعة، ولعل لسان حالها يقول: «أين نذهب من جحيم المليشيات؟».