ظن الحوثيون أن السلاح وسيلتهم المثالية لتحقيق نتائج مثالية في الميدان السياسي.
اجتاحوا به مدن البلاد وخلفوا وراءهم دمارا مهولا وثارات بالجملة ستظل تلاحقهم لتاريخ طويل كأسوأ مصير محتوم يختاره غرور القوة لأصحابه.
قبل انقلابهم المتهور على السلطة في 2014 كان السلاح في الميدان السياسي اليمني الخطيئة الكبرى التي كانت تحاول كل الأطراف المتصارعة على السلطة في اليمن أن تبرأ منه.
أو على الأقل؛ كانت كل الأطراف السياسية في البلد تحاول ألا تجاهر بخيارها المسلح لتحقيق مكاسبها السياسية المأمولة؛ ولكن التهور والجنون المبنيين أساسا على قصر النظر وعلى ضيق الأفق؛ انتجا هذه النثرة الحوثية المدمرة لتكون نقطة تحول كبرى باتجاه المجهول، الخطر الذي جعل السلاح يتدفق إلى الميدان بغزارة مرعبة كخيار وحيد من أجل حسم مسألة الصراع على كرسي الحكم في اليمن المغمى عليه الآن.
هيا ماذلحين؛ وبعد هذه الكلفة الباهظة لثمان سنوات من الحرب، كم من الوقت سنحتاج الآن لنزع السلاح من يد كل المليشيات المتواجدة في الميدان اليوم؟
السلاح أصبح الآن في متناول الجميع؛ ووجوده في الأيادي أكثر من وجود الساعات في معاصم الكفوف وأكثر من أي شيء آخر في البلاد.
أكثر من دباب الغاز في البيوت، أكثر من أقسام الشرطة في المدينة الواحدة، أكثر من تعداد سكان اليمن أيضا، ومع هذا ما يزال الحوثيون مستمرين في الجنون ويعتقدون أن سقوط مأرب في أيديهم سيكون هو النتيجة المثالية لحصر القوة في أيديهم، وهذا وهم آخر يساهم في مزيد من التعقيد وفي مزيد من الثارات التي لن يكون بوسع أي مصالحة وطنية إزالة آثاره طالما وان السلاح ما يزال منفلتا في أيادي جماعات مليشاوية لا تؤمن بفكرة الدولة الوطنية الجامعة.
والسؤال: هل تدرك جماعة الحوثي نتائج وعواقب كارثة ما قامت به في الركون على السلاح وعلى غرور القوة في الميدان السياسي؟ وإلا عادهم مترسين وراء أوهام الحق الإلهي؛ الذي لو كان موجودا أصلا، لكان جعل الأمور تسير لصالح تمكين الكهنوت من دون حرب ومن دون حتى طلقة رصاص واحدة!