سجون الحوثيين «مقابر الأحياء» (3) : سجن قلعة العامرية في البيضاء

  • الساحل الغربي، سلسلة تقارير/ ماجد الحيلة
  • 11:07 2020/12/10

قلعة العامرية، التي تعد ثاني أهم موقع أثري في رداع بعد قمة جبل "أحرم" بمحافظة البيضاء، يرجع تاريخ بنائها إلى عهد الملك الحميري شمر يهرعش، سنة 243 ميلادي، أي قبل الإسلام.
 
حولتها مليشيا الحوثي إلى سجن كبير لمعارضيها من أبناء محافظة البيضاء، وكذلك للمعتقلين الذين تختطفهم المليشيا من الطرقات أثناء سفرهم من وإلى العاصمة صنعاء ومحافظات أخرى.
 
وقامت المليشيا بتقسيم القلعة إلى عدة سجون، منها قسم للمعارضين لهم من أبناء محافظة البيضاء، وقسم لإخفاء معتقلين على خلفية مشاكل شخصية بينهم وبين قيادات من مليشيا الحوثي بعد تلفيق التهم الكيدية لهم كالانتماء للقاعدة أو التخابر لمصلحة الحكومة والجيش اليمني.
 
اقرأ سلسلة تقارير:
 
 
 
 
كما خصصت مليشيا الحوثي جزءاً من سجن قلعة العامرية قسم استقبال مبدئي لمئات المعتقلين الذين تقوم بتحويلهم بعد فترة وجيزة إلى سجون بمحافظات أخرى.
 
ناهيك عن الزنازين الانفرادية وغرف التعذيب التي خصصتها مليشيا الحوثي لاستجواب وتعذيب المختطفين.
 
يبلغ عدد المعتقلين في سجن قلعة العامرية أكثر 500 مختطف بينهم أطفال وكبار سن.
 
وبحسب الشهادات التي تصف تعامُل مليشيات الحوثي مع المعتقلين: (س. م)، 49 عاماً، معتقل سابق في قلعة العامرية يقول: “كنا محتجزين في سجن القلعة برداع وكانت المليشيا تتعمد تركنا في هذا المبنى حتى نكون ورقة تأمين لهم كيلا يستهدفهم الطيران، حشرونا في غرفة صغيرة لا تتجاوز مساحتها 4×3 متر مع 22 معتقلاً من عدة محافظات، كنا في عِداد الأموات لمدة 6 أشهر”. 
 
ويضيف: “صادروا الأموال الخاصة بالسجناء، عشنا في الظلام الدامس لا مصابيح ولا شمع، مُنع عنا المنظفات والصابون والشامبو، أما مياه الشرب فملوثة، ونحصل عليها من حمام الزنزانة وكثيراً ما كانت مختلطة بمياه المجاري”.
 
(وائل) سجين آخر أفرج عنه يقول: “يُرمى كثير من المعتقلين في السجن دون حتى التحقيق. تحقق المليشيا مع البعض ساعات متواصلة مع الضرب المبرح، يتنوع التعذيب من الضرب بالأيدي على الوجه والضرب بالأسلاك الكهربائية والعصي على الظهر والمؤخرة وفي مناطق حساسة في الجسم، يصل التعذيب حتى التجريد من الملابس ووضع المعتقل على سطح السجن وصب الماء البارد عليه وتركه حتى يتجمد من البرد”.
 
ويعاني المرضى المعتقلون داخل سجن قلعة العامرية ظروفاً صحية صعبة جراء انقطاع الدواء عنهم. وكذا عدم وجود حمامات داخل بعض الزنازين مما يضطر المعتقلين لقضاء حاجتهم بزاوية من زوايا الزنزانة تنتج على إثر ذلك أمراض وأوبئة تصيب معظم المعتقلين، حسب شهادة الضحايا.
 
أما عن التغذية، فتكاد تكون شبه منعدمة، إذ تقوم مليشيا الحوثي بتقديم وجبة واحدة يومياً لكل ثلاثة معتقلين، وهذه الوجبة لا تكفي لشخص واحد ولا تأكلها حتى الحيوانات، حسب وصف بعض الضحايا.
 
وفي ذات السياق، قامت مليشيا الحوثي في محافظة البيضاء بتحويل مبنى بنك الإنشاء والتعمير هو الآخر إلى سجن، يقبع بداخله المئات من أبناء المحافظة المعارضين لسياسة المليشيا، وحولت بدروم البنك إلى غرف تعذيب واستجواب المختطفين.
 
بالإضافة إلى وجود سجن بجانب كل نقطة تفتيش حوثية على طول خط السفر الذي يربط محافظة البيضاء بالمحافظات الأخرى، وفيها يتم احتجاز المسافرين لأيام قليلة حتى يتم نقلهم إلى سجون أوسع، كسجن قلعة العامرية وسجن النادي الأحمدي، وسجن بنك الإنشاء والتعمير.
 
وبحسب التقارير؛ تكاد تكون محافظة البيضاء منفى لأبنائها، وذلك لكثرة السجون فيها، حيث تقوم المليشيا الحوثية باستخدام المساجد، والقلاع القديمة، والكليات، والنوادي، وغيرها من المنشآت المدنية الأخرى كسجون ومراكز استقبال مبدئية لإخفاء آلاف المختطفين ونقل معظمهم من محافظة البيضاء إلى شبكة السجون الرسمية لدى المليشيا في صنعاء وصعدة ومحافظات أخرى.
 
كما أن هذه المعتقلات السرية وغير القانونية تُدار بعيداً عن القضاء وبصورة مخالفة للدستور اليمني والاتفاقيات والمبادئ الدولية، ومنها المعايير المتعلقة بالسجناء وظروف حبسهم الواردة في اتفاقية 1957 الخاصة بالمعاملة النموذجية للسجناء، كما تخالف القواعد الأساسية لمعاملة السجناء لعام 1990 والمبادئ الخاصة بحماية كل السجناء الموضوعين تحت أي شكل من أشكال الحبس لعام 1988.

ذات صلة