01:23 2020/12/02
09:57 2020/11/11
من أساليبهم: اختلاس المال العام والخاص!
12:05 2020/12/01
لم أكن أتوقع جواب صديقي "ف" الذي كانت تربطني به علاقة صداقة وثيقة جداً أثناء دراستنا الجامعية على اتساع هوة الاختلاف فيما بيننا فكرياً، تلك العلاقة التي جعلتنا نتقاسم كل شيء: الأكل، والمبيت، وحتى الهموم ذاتها، في توقيت كانت تقسو فيه تكاليف الحياة قليلاً، فلا نستطيع إيجاد المكان الذي يوفر لنا وجبة الغذاء بعد يوم دراسي ثقيل، مما دفعني إلى فتح حساب في مطعم يقع إلى جوار الجامعة، بعد الاتفاق معه على التسديد نهاية كل شهر ميلادي، ولقد كنت معتمداً في مغامرتي تلك على حوالات تأتيني من أقارب خارج الوطن..
وذات شهر تأخرت تلك المعونة مما جعلني أضرب في مناكب الأرض بحثاً عن تدابير أخرى للقيام بالسداد، حفظاً لماء الوجه، وإتماماً للوعد المقدس الذي قطعته مع صاحب المطعم الذي أحس بنا في زمن متوحش، لكن الصادم في الأمر وما لم أكن أتوقعه أثناء تعاطي الحوار مع صديقي "ف" في الموضوع ذاته هو مقترحه بأن لا أعطي الموضوع أكبر من حجمه، وأنه بالإمكان تأجيل السداد أو الإنكار نهائياً، وحين لاحظ صديقي تكدر صفوي لما طرحه عليَّ، فوجئت به يشهر في وجهي آية يتكئ عليها في شرعنة سلوكه اللا مسؤول قائلاً إن الله يقول لنبيه: {خذ من أموالهم صدقة تزكيهم وتطهرهم بها}، مؤكداً أن الأخذ هنا لا بد أن يكون بالقوة.
المؤلم في تخريج صديقي للآية يكمن في أن هذا التخريج صادر عن اعتقاد يؤمن به، لا سيما بعد سفره في الأيام الأخيرة إلى صعدة لتجديد البيعة، الأمر الذي نتج عنه تحوُّل كبير على مستوى الشخصية والقناعات وعدائية موقوتة لكل من خالفه وجهة نظره.
استدار بنا الزمان، تخرجنا من الجامعة، ولكن علاقتنا استمرت وطيدة، بالنسبة لي تقدمت للجامعة لمواصلة برنامج الدراسات العليا، بينما كان صديقي "ف" يرتاد الجامعة، وما هي إلا أشهر معدودات حتى تحدد موعد زفافه واستعداده للسفر إلى إيران لمواصلة دراساته العليا.. استغرق تجهيز زواجه والاستعداد للسفر قرابة أسبوعين، سرعة الإنجاز هذه ذكرتني بعملية بساط الريح لتهجير يهود اليمن إلى إسرائيل.
والمعنى المراد مما سبق أن صديقي "ف" وبعد مرور ما يقارب العشر السنوات من ابتعاثه للدراسة في إيران وبعد حصوله على الماجستير والدكتوراة أتفاجأ أنه لم يعد حوثياً، لقد انتقل إلى طور آخر وأصبح إمامياً متشدداً، ويظهر على قنوات آل البيت الإيرانية ولم يعد يربطه أي علاقة بأصدقائه القدامى.
هذا الابتزاز يشبه إلى حد كبير ما يقْدِم عليه الحوثيون من ابتزاز للشعب اليمني وسياسة التجويع الممنهجة بشتى الطرق وسائر الوسائل المختلفة بقصد تركيعه وتطويعه لكل القرارات الظالمة التي سيقدم عليها الحوثيون فيما بعد بعيداً عن أي رادع يردعهم أو حسيب يوقف تنمرهم واستعداءهم وتحكمهم المتسلط على كل مصادر الدخل للمواطن، فمن نهب المؤسسات الحكومية والسيطرة على إيراداتها إلى الاستحواذ على المؤسسات الخاصة وإثقال كاهلها بالإتاوات والجبايات اللا مشروعة..
ويعد النهب الحوثي واحداً من الوسائل والأساليب التي ساعدت المليشيات الموالية لإيران في جني الأموال الطائلة وتحقيق ثروات صخمة، منتهجة في سبيل ذلك العديد من الأساليب التي تدر عليهم الاستقطاع السريع للأموال.
ولعل من أبرز تلك الأساليب:
نهب الخزينة العامة للبنك المركزي، وما نجم عن هذا الإجراء من اضطراب ونتائج سلبية للاقتصاد اليمني بشقيه الكلي والجزئي، وهو ما أدى في نهاية المطاف إلى العجز التام عن دفع رواتب وأجور موظفي الدولة، وارتفاع نسبة الفقر إلى ما يربو عن 85 %، والتسبب في تضييق فرص الحياة، وإلحاق الضرر النفسي والمعنوي بكوادر الوطن، وما تبع ذلك من تهجير للعقول اليمنية، ولربما ينطلقون في توحش أساليبهم تلك من تخريج صديقي السابق ويعتقدون في -التوقيت ذاته- أنهم بأفعالهم تلك إنما يعملون على تزكية أرواح اليمنيين والارتقاء بهم إلى مقام التطهير.
ومن أساليبهم التعسفية في تجويع اليمنيين، التحكم الممنهج بالمعونات الإغاثية والمساعدات الإنسانية التي تقدمها المنظمات ومراكز الإغاثة العربية والأجنبية وحرمان آلاف الأسر اليمنية المستحقة، وقيامهم ببيع تلك الحصص في السوق السوداء تحت غطاء المجهود الحربي، وتوزيع ما تبقى من الحصص على الموالين لهم، وحرمان السواد الأعظم من أبناء الشعب اليمني الذي يئن تحت وطأة الفقر وسياسية التجويع..
ومن تلك الأساليب الشيطانية التي انتهجها الحوثيون في عدوانهم الداخلي على أبناء اليمن، استخراج أحكام قضائية باعتبار السلطة القضائية تحت قبضتهم تلك الأحكام القضائية تبيح لهم انتزاع ومصادرة الممتلكات الخاصة بخصومهم السياسيين ومصادرة رأس المال اليمني التابع لوزراء ومسؤولي الدولة التابعين للنظام السابق دون أي مسوغ أو محاكمات قانونية عادلة.
ومن الأساليب اللا إنسانية الاتجار بآلام اليمنيين والتلاعب بأسعار الغاز اليومي والمشتقات النفطية واصطناع الأزمات المتكررة وتشجيع السوق السوداء وابتكار الأساليب الرخيصة للنيل من كرامة اليمني وإحكام القبضة عليه في نطاق دائرة الاحتياجات اليومية والقضاء المبرم على كل طموحاته وأحلامه بتحقيق أسباب العيش الرغيد، ولعلهم يرون في تخريج صديقي مندوحة تبيح لهم السلب والنهب للأموال العامة والخاصة والاتجار بآلام البشر وأعضائهم كذلك.
ومن أساليبهم تلك التي يحاولون بها قصم ظهور أبناء الشعب اليمني وقتل كل أحلامهم بالتحصيل العلمي والمعرفي؛ ارتفاع رسوم الدراسة الجامعية، ومضاعفة الرسوم المتعلقة بالدراسات العليا، ووضع الحواجز المتمثلة بالتكاليف المادية الباهظة التي تحول دون تحقيق أحلامهم المشروعة بمواصلة التعليم، ناهيك عن خصخصة كل المرافق الحكومية وتخصيص نسب عالية لصالح ما يعرف بالمجهود الحربي.
ومن أساليبهم الظالمة مداهمة واعتقالات ومصادرة أموال التجار والصيارفة بذريعة تداول أوراق العملات النقدية الجديدة في المحافظات والمناطق الواقعة تحت سيطرتهم في الوقت الذي قاموا بصرف رواتب المقاتلين معهم منها، والتعميم على التجار بقبولها وتصريفها وغير ذلك من الإجراءات التعسفية في غسيل الأموال، في استباحة للأموال العامة والخاصة على ضوء تخريج خاطئ للآية وفتوى دينية صادرة عن الخميني تبيح للشيعي استباحة أموال السني ونهب ممتلكاته شريطة أن يقتطع منها الخُمس للمرجعية الشيعية وبالتأويل المغلوط للنص المقدس يقتطعون بشكل يومي رطلاً من أجسادنا المتعَبة.