مليشيات الحوثي تحول مزارع المواطنين في الحديدة من جنان خضراء قبل أعوام إلى صحراء قاحلة – (تحقيق ميداني)

  • الساحل الغربي - خاص
  • 12:00 2020/04/02

الحديدة - منبر المقاومة فيصل حسان: كان عبده سالم واحدا من أشهر مزارعي الحمضيات في مديرية التحيتا، إذ كانت مزرعته تحتوي على 10 آلاف شجرة ليمون. وعائداتها المالية مصدر رزق له ولأبنائه الذين يربو عددهم على خمسة عشر فردا من الذكور والإناث، فيما يعمل فيها ثلاثون عاملا، يجنون 500 سلة من الليمون يوميا.
 
لم يكن ذلك فحسب، وإنما مصدرا لعائلات أخرى، يعمل معيلوها في تنظيف حباتها وتخزينها داخل صناديق لشحنها إلى مدن أخرى، أما الحاج سالم فقد كانت عائداته اليومية من مبيعات المزرعة 3 ملايين ريال.مساحاتها الخضراء الشاسعة والمبهجة للنفوس، كانت أيضا مقصدا للعائلات الباحثة عن أماكن للتنزه والهاربة من قيض الطقس الحار لمديرية التحيتا.لكن كل ذلك لم يعد موجودا الآن، إنما غدت صحراء قاحلة، تنثر الرياح منها أتربة جافة، ويصعد منها زمهريرا تنبعث معه رائحة الموت المخبأ تحت التراب، بعدما اجتاحتها مليشيات الحوثي وحولتها من أشهر مزارع الليمون بالتحيتا إلى أكبر حقل للألغام والعبوات الناسفة، فأصاب العطش أشجارها، وماتت بعد إن منعت مالكها من القيام بريها وسقايتها.بوجه رسمت ملامحه تجاعيدا من الحزن والألم والفاقة، يمكث الحاج عبده سالم في منزله وحيدا، فقيرا، يطالع مزرعته من بعيد بعيون دامعة، ويتحسر نادما على ماأصابها من غدر المليشيات الحوثية.عبده سالم لم يكن وحده من طالته أذية المليشيات التابعة لإيران، الدولة الراعية للإرهاب العابر للحدود، إنما هناك عشرات المزارعين، ممن كانوا يملكون مزارع الفل في المغرس ومثلهم من مزارعي النخيل في الجاح بمديرية بيت الفقيه.نتذكر هنا عبدالله فتيني، سائق الدراجة النارية في شوارع الخوخة، لقد غدت دراجته مصدر رزقه الوحيد، بعدما دمرت مليشيات الحوثي مزرعته في منطقة الجاح، وحولتها إلى حقل للموت.كان الوقت ظهرا عندما التقيت عبدالله، قال أنه عمل نحو سبع سنوات في رعاية مزرعة للنخيل، يسقيها ويتابع ارتفاع جذورها عن الأرض إلى أن بدأت في السنة السابعة تظهر عليها طلع الثمار لأول مرة.كانت المزرعة التي تضم ألف نخلة على وشك أن تحمل حبات البلح الذي يتحول إلى التمر، لكن هجوما ليليا لمليشيات الحوثي حال دون ذلك، إذ تمركزت بداخلها وحفرت الخنادق وزرعت في أطرافها الألغام ومنعت عبدالله من الإقتراب منها، بل هددته بالموت إن فكر ثانية بالعودة إليها.فر عبدالله مع عائلته للنجاة بنفسه، ومكث في الخوخة، ثم اشترى له ما تبقى من المال دراجة نارية كمصدر وحيد للرزق.لقد مضى عامان على ذلك، وهي فترة تكفي بموت وخراب كافة أشجار النخيل التي قضى سنوات في رعايتها حتى وصلت إلى مرحلة الثمرة.يروى فتيني، لمنبر المقاومة،كيف شعر وكأن دم قلبه ينسكب على الأرض،" قالها بحسرة، لقد ذهب شقائي عمري"وانا انتظر محصول مشروعي الخاص، مزرعتي التي كانت تظم الف شجرة انتهت تماما".تحدث عبدالله بصوت متهدج، يخالطه البكاء وتسائل قائلا من يعوضني بدلا عن مزرعتي التي دمرتها المليشيات.وعبدالله كما عبده سالم ليسا وحيدان من فقدا مزرعتهما ، إنما المئات ممن فقدوا مزارعهم وأموالهم، بل هناك من فقدوا أرواحهم بداخلها، بعدما أغرقتها ذراع إيران بالألغام والعبوات الناسفة.

ذات صلة