من قتبان إلى لندن… رحلة تمثال يمني نادر عبر الزمن والحدود
عدن، الساحل الغربي:
قبل 2 ساعة و 35 دقيقة
سلط الباحث اليمني في علم الآثار عبدالله محسن الضوء على واحدة من أثمن القطع الأثرية اليمنية المنهوبة، وهو تمثال نادر لامرأة من مملكة قتبان يعود إلى القرن الثالث قبل الميلاد، ويُعرف باسم «ذات التاج»، ويُعد من أكمل وأرقى الأعمال النحتية اليمنية القديمة التي وصلت إلى المتاحف والمعارض العالمية.
وقال محسن إن التمثال الاستثنائي، المصنوع من المرمر والبرونز، غادر اليمن قبل عام 1970 وانتقل بين فرنسا وسويسرا، قبل أن يُعرض في عام 2017 في معرض باد لندن بساحة بيركلي، أحد أبرز الفعاليات الفنية المتخصصة في الآثار القديمة بأوروبا.. وقد حظي التمثال باهتمام عدد من الباحثين البارزين، بينهم كليفلاند ودي ميغريه.
وبحسب وصف «مؤسسة فينيكس للفن القديم»، يتميز التمثال بتكوين فني نادر يجمع تفاصيل نحتية دقيقة مع إضافات برونزية تشمل الشعر والتاج والأقراط والأساور.. ويظهر التمثال لامرأة تقف بثبات فوق قاعدة صغيرة، ترتدي فستاناً طويلاً وتاجاً بارزاً، فيما تتدلى من أذنيها أقراط برونزية كبيرة على هيئة صدفة؛ كما صيغ شعرها من البرونز بتفاصيل دقيقة تتضمن ضفيرة خلفية وحلية أمامية.
وتبرز ملامح الوجه بتفاصيل لافتة. جفون محفورة بعمق، وعيون مرصعة بمادة داكنة يُرجح أنها البيتومين، وحدقات منفصلة منحوتة بعناية، إضافة إلى حاجبين رفيعين وعظام خدين بارزة وأنف مستقيم وشفتين دقيقتين، ما يمنح التمثال مظهراً هادئاً يعرف في علم الآثار بوضعية «الملكة العابدة».
وتُظهر وضعية اليدين –إحداهما ممدودة والأخرى ممسكة بشيء غير ظاهر– إشارة طقسية شائعة في النحت اليمني القديم، بينما يعكس التناقض بين دقة نحت الوجه وبساطة الجسد السمة الفنية المميزة لتماثيل جنوب الجزيرة العربية خلال تلك الفترة؛ ويرجّح الباحثون أن التمثال ينتمي إلى سياق جنائزي، إذ عُثر على تماثيل مشابهة في مقابر يعود استخدامها إلى العصر القتباني.