يبدو أن الذين سوّقوا -وما زالوا- بأن الحوثيين في طريقهم لبناء دولة في المناطق التي يسيطرون عليها معللين ذلك باحتكاره للعنف المطلق وسيطرته الشاملة على كل نواحي الحياة لم يتفاجأوا بخطاب المشاط، منتحل صفة رئيس الجمهورية، الذي أفصح من خلاله عن عدم دفع ربع المرتب الذي سبق والتزمت به جماعته، معللاً ذلك بما أسماه العدوان وكوفيد 19!

 

أولئك المبشرين تناسوا أن طبيعة وظيفة الدول تحددها طبيعة الأنظمة، فالأنظمة المحترمة تجعل من الدولة أداة لتحقيق رفاه وسعادة مجتمعاتها، بينما الأنظمة الوقحة تسخر الدولة لقمع واستلاب المواطنين واستغلالهم وتجريدهم من كرامتهم.. فما بالكم حين تكون الأنظمة ثيوقراطية ترى في الآخر المختلف خصماً يجب التخلص منه والقضاء عليه!

 

المشاط اختصر في خطابه المتلفز أدبيات الجماعة ومشروعها وفهمها لطبيعة الدولة ووظيفتها.. فالدولة في أبجديات الجماعة أداة للسطو على ممتلكات المجتمع وإخضاعه وتكريس سلطة القسر وتأليه وتأبيد كهنتها. 

 

إن المتفحص لمحتوى خطابه سيجد بأنه تحدث فيما معناه، أيها الناس لقد خلقنا الله حكاماً لكم، وخلقكم محكومين، فادفعوا وأطيعوا وابتهلوا كي نرضى عنكم أو فإنا لكم بالمرصاد. حتى إننا نجد أن مفهوم السلطة لديه ولدى جماعته لم يعد يعني تدبير شئون الرعية كما نجده في أدبيات المذاهب الإسلامية، وإنما استغلال الرعية وإذلالهم.. تلك الشواهد اليقينية تؤكد حقيقة واحدة، بأن الجماعات والمليشيات غير قادرة على التحول لدول حتى وإن رغبت بذلك.

 

#فيسبوك