مسرحيات مارتن غريفيث «الملغوم»

04:35 2020/11/24

سنتان وثمانية أشهر ومبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث، يصول ويجول، ويتجشم وعثاء المسافات لعواصم كثيرة، من الحديدة وصنعاء إلى الرياض وجنيف وباريس ونيويورك، بزعم أنه يسعى في أزمة اليمن. وأخيرا تفتق عبقريته عن أعظم حل: وقف إطلاق النار وفتح المطارات والموانئ، ثم السلام على من اتبع الهدى.
 
تخيلوا، لو نسأل طفلاً في مدرسة ابتدائية، عن حل مشكلة اليمن، لما دار في ذهنه المطارات والموانئ. ولكن هذا لمع في ذهن غريفيث، وقدمه حلا ناجعا، بينما هذا الحل، ما غيره، يعاظم الأزمة ويزيدها تعقيدا وسوءا، فالحوثيون، طوال تمردهم، لم ينقصهم إلا فتح المطارات والموانئ، ليأخذوا راحتهم وليشرعوا انقلابهم وتيسير سبل اتصالهم بالحرس الثوري الإيراني ليمدهم بمزيد من آلات الدمار وثقافة الموت ومتفجراتها. ويغتصبوا اليمن لعقود. وحل غريفيث يحقق أهم مطلب للحوثيين، ولا يريدون غيره. وهذا الحل كان ممكنا تحقيقه في أسبوع، فلو وافق التحالف العربي على فتح المطارات والموانئ لوافق الحوثيون فورا على وقف إطلاق النار، ولما تطلب الأمر سنتين وثمانية أشهر، بلياليها السود، يمضيها السيد غريفيث متسكعا في عواصم العالم.
 
وهذه العروض المسرحية والتلكؤ يعني أن الأمم المتحدة «ملغومة» بأدوات وثقافة «أومباوية» وسبق أن أعطت الأمم، ممثلة بمبعوثها البائد السيئ الصيت جمال بن عمر، ولائية مخلصة للمرشد خامنئي.
 
وحل الأزمة واضح، أن يقنع غريفيث ميليشيات الحوثي بأن تلقي السلاح وأن تنخرط في العملية السياسية السلمية، لا أن تصوب السلاح إلى رؤوس اليمنيين، لكن غريفيث، اختار أن يخاتل و«يطبطب» على الحوثيين، إن لم يشجعهم على مواصلة التمرد.
 
وعملية تبادل الأسرى التي قدمها غريفيث على أنها فتح مبين ليست اختراقاً، فتبادل الأسرى مسألة طبيعية ولا تحتاج لسنوات، إذ يفترض أن كلا الطرفين، الشرعية والحوثي، لديهما الرغبة بتبادل الأسرى، لأسباب مصلحية وليست إنسانية فقط. بل إن عملية تبادل الأسرى أعطت للحوثيين صيتاً أن الأمم المتحدة تعتمدهم ندا وحكومة شرعية. وهذا ما يطمح له الحوثيون طوال تمردهم. ومبعوثو الأمم المتحدة كافأوا الحوثيين واعترفوا، عمليا بهم، حكومة موازية، ولم يعاملوهم على أنهم ميليشيات متمردة تختطف السلطة بقوة السلاح وأساليب قطاع الطرق.
 
وتر
 
صنعاء مدينة الشعر الشاهقة
 
حزنى، إذ الهواء بارود، والليل رعود الخوف
 
والمآقي تشتعل بلهب الدمع
 
 
- كاتب سعودي
 
* عن "اليوم": 21/ 10/ 2020