اليمن في حسابات «محور المقاومة»: قراءة في الاتصال الحوثي–الإيراني

  • خاص - الساحل الغربي:
  • قبل 22 ساعة و 8 دقيقة

في توقيت إقليمي بالغ الحساسية، عاد الخط الدبلوماسي بين صنعاء وطهران إلى الواجهة عبر اتصال هاتفي أجراه عبدالواحد أبو راس، القائم بأعمال وزارة الخارجية في حكومة الحوثيين غير المعترف بها، مع وزير الخارجية الإيراني سيد عباس عراقجي؛ اتصال يتجاوز في دلالاته الإطار اليمني الضيق، ويعكس إعادة تفعيل واضحة لخارطة الاصطفافات الإقليمية في مرحلة شديدة الاضطراب.
 
وبحسب ما نقلته وكالة «تسنيم» الإيرانية، ركز أبو راس على التطورات المتسارعة في جنوب اليمن، محذراً مما وصفها بـ«إجراءات تقف خلفها أطراف معادية» وفق رواية صنعاء، في محاولة واضحة لنقل المشهد من سياقه المحلي إلى دائرة الأمن الإقليمي، وتدويل أي تصعيد محتمل باعتباره جزءاً من صراع أوسع.
 
دعم الحليف وتجميل الدور
 
من جهته، حرص عراقجي على تثبيت خطاب مزدوج يجمع بين دعم سياسي صريح لحلفاء طهران في اليمن، وتأكيد «وحدة الأراضي اليمنية».. وهو خطاب يعكس مسعى إيران لتقديم نفسها كطرف داعم للاستقرار لا للتقسيم، في وقت تواجه فيه اتهامات يمنية وخليجية ودولية باستخدام الملف اليمني كورقة ضغط في صراعات النفوذ الإقليمية.
 
إصرار عراقجي على أن الحل يكمن في «رفع الحصار بالكامل» يؤكد ثبات الموقف الإيراني الداعم للمليشيا الحوثية، ويعيد توجيه الضغوط نحو التحالف العربي والمجتمع الدولي، اللذين يواجهان معادلة معقدة: إنهاء الصراع دون السماح بفراغ أمني أو سياسي تستثمره طهران وحلفاؤها.
 
ما وراء الاتصال
 
لا يمكن فصل هذا الاتصال عن السياق الأوسع المتشابك: التوترات في البحر الأحمر، والضربات غير المباشرة بين إيران وخصومها، ومحاولات إعادة ترتيب موازين القوة في المنطقة بعد أشهر من الحرب المفتوحة في غزة.
 
في هذا الإطار، يبدو الاتصال الحوثي–الإيراني حاملاً لوظيفة مركّبة: طمأنة الحلفاء، وتحذير الخصوم، وتأكيد أن أي تسوية في اليمن لن تمر دون أخذ مصالح «محور المقاومة» في الحسبان.
 
الحوثي بين القلق والارتهان
 
في المحصلة، يشكل هذا الاتصال حلقة جديدة في سباق صامت تُرسم فيه ملامح المرحلة المقبلة لليمن، بين تسوية شاملة مؤجلة، أو انفجار جديد قد يبدأ من الجنوب ولا يتوقف عند حدوده.
 
وفي هذا المشهد، يظهر الحوثي كوكيل قَلِق أكثر منه لاعباً واثقاً.. يطلب تطمينات من المركز، ويبحث عن غطاء سياسي إيراني قبل أن تتغير موازين القوة على الأرض، في وقت تتسارع فيه التحولات الإقليمية وتضيق فيه هوامش المناورة.

ذات صلة