جبهة الـ"إف إم".. الرأي العام فريسة الخطاب الحوثي!

10:05 2020/11/11

بشيء من التتبع (المتابعة) يتحصل تصور حول طريقة عمل ومنهجية استهدافات المليشيا الحوثية وتلقين الإيديولوجية المتطرفة، بالاستفادة من الكثرة الإعلامية الدعائية الأكثر استقبالاً وانتشاراً بين اليمنيين الآن (الإذاعات ومحطات إف إم).
 
معطيات وفوارق
 
تقول المعطيات الأولية البسيطة، إن أكثر من نصف السكان في اليمن يقعون فعلياً في مناطق سيطرة الانقلابيين وضمن نطاق امتداد وتأثير سلطتهم وسطوتهم العسكرية والأمنية والإدارية والإعلامية.
 
هنا جمهور كبير (شعب) من المتلقين والمستقبلين للخطاب والدعاية والرسائل الحوثية الموجهة. ولا يستطيع الإعلام المتلفز أن يعوض عن غياب الإعلام الإذاعي الموجه الذي يغطي مساحات أكثر ويصل إلى عدد متلقين ومستمعين أكبر خاصة في المدن الرئيسية والمناطق الريفية والمحليات.
 
فضلاً عن أن قنوات وفضائيات الضد من الحوثيين والتي تبث من خارج اليمن لا تشكل في الواقع أي جبهة أو جداراً واحداً، ولا تتفق فيما بينها حول أهداف وسياسات ورسائل واعية وجماعية واستهدافية.
 
يتعزز هذا التوجه وأثره المباشر على الجمهور المتلقي؛ في ظل انقطاع الكهرباء، وغياب الصحف والمنابر الأخرى، وحجب كافة المنصات والمواقع الإليكترونية، علاوة على أن مساحة وحجم انتشار واستقبال واستخدام خدمة النت والإقبال على المواقع تبقى محدودة جداً في الداخل حتى في الأيام العادية وقبل الانقلاب.
 
في المقابل هناك استنتاج سلبي للغاية حول طبيعة ونوعية ورسالة إذاعات خاصة (إف إم) نشأت في (محافظات محررة)، ولكنها لا تعكس بالضرورة هُوية واحدة من أي نوع، في مقابلة ومواجهة هُوية شديدة التركيز والانغلاق تكرسها آلة الإعلام الحوثية.
 
حصار اللون الواحد!
 
ويتأكد تعمُّد واعتماد الحوثية على التلقين الإذاعي (وهو هنا بمعنى التدجين حرفياً) من خلال؛ سيطرة اللون الواحد والصوت الواحد والرأي الواحد والمنبر الواحد على البلد المختطف والجمهور المحاصر والرأي العام الذي عدم الخيارات وفقد ترف الاختيار بين البدائل عدا عن كونه لا يجد بدائلَ حقيقيةً وقويةً تزاحم المنابر الكهنوتية في عقر ومعاقل سيطرتها واشتغالها.
 
خلال سنوات خمس تكرس قصور كبير وانصراف أكبر من جانب الشرعية ومؤسساتها الإعلامية عن اجتراح خيارات وبدائل وطرق بث ونشر تصل إلى الجمهور اليمني في الداخل، إلى معظم وغالبية المواطنين الذين يتكدسون في المحافظات المسيطر عليها حوثياً.
 
ولا توجد إلى اليوم إذاعة واحدة باسم الشرعية تصل إلى اليمنيين في نحو 17 محافظة من بينها المراكز والتجمعات السكانية الأكثر والأكبر على الإطلاق في تعز وإب والحديدة وحجة وذمار والبيضاء وصنعاء وعمران وحتى المحويت وصعدة.
 
هذا خلل جوهري وليس عرضياً أو جانبياً. يجب تلافي الأخطاء سريعاً وبصورة تتحاشى تكرار التجارب الفاشلة والمستهلكة والوجوه المدورة والأساليب التقليدية النمطية البائسة التي أفشلت وعطلت الفاعلية الإعلامية وأخلت جبهة الإعلام للعدو المكثر من استخدامها.
 
جمهور مصادر!
 
يتمحور النقاش هنا حول نقطة مركزية: كيف يمكن المراهنة على استجابة وتعاون وتحرُك؛ من قِبل جمهور وشارع يكره الحوثي ويعاديه، ولكنه في الوقت عينه مختطف بيد العدو، ومحاصر ومقموع ومهدد ومضيق عليه في اللقمة والرزق والأمن والسلامة الشخصية، ثم (وهذا الأهم والأخطر) يتلقن خطابه وبرامجه ومقولاته وزوامله ونشراته الموجهة ساعة بساعة ويوماً بيوم؟!
 
*خبير إعلامي