رمضان اليمن.. غلاءٌ خانق وأعباءٌ تفوق الاحتمال

- الساحل الغربي، عبدالصمد القاضي:
- 12:15 2025/03/08
دخل اليمنيون شهر رمضان هذا العام كما لم يدخلوه من قبل، وسط أزمات اقتصادية خانقة وارتفاعٍ جنوني للأسعار، جعلت من متطلبات الشهر الفضيل رفاهية بعيدة المنال لكثير من الأسر.
غلاءٌ يفوق القدرة الشرائية
منذ بداية فبراير، شهدت الأسواق اليمنية ارتفاعاً تجاوز 20% في أسعار المواد الغذائية، حيث تضاعفت أسعار بعض السلع الأساسية، ووصل سعر الزبادي إلى 1400 ريال، بينما ارتفعت أسعار السكر والزيت والأرز بشكل أثقل كاهل الأسر المنهكة أصلاً.
يؤكد أستاذ الاقتصاد بجامعة تعز، محمد النظاري، في حديثه لـ"الساحل الغربي"، أن التدهور الحاد للعملة المحلية وانعدام الرقابة جعلا أكثر من 90% من الأسر عاجزة عن شراء مستلزمات رمضان كما في السابق، مما اضطرها إلى تقليص استهلاكها إلى الحد الأدنى.
رمضان.. الامتحان الأصعب
لم تعد الأسواق تعج بالمتسوقين كما كان الحال في الأعوام الماضية، حيث تراجعت القدرة الشرائية إلى أدنى مستوياتها؛ في محافظة الضالع، تقول المعلمة أشواق عبدالرحمن إن راتبها بالكاد يكفي لأسبوع واحد، مضيفةً:
"ذهبت للسوق لشراء الأساسيات، لكنني اضطررت للاستغناء عن الكثير من المنتجات التي اعتدنا عليها في رمضان.. حتى الفاكهة باتت ترفاً".
أما في عدن، فيعيش العمال بالأجر اليومي واقعاً أشد قسوة، إذ يشير فؤاد أنعم، أحد العمال، إلى أن الأجور لم تتغير منذ ثلاث سنوات رغم انهيار الريال اليمني، قائلاً:
"نتقاضى 20 ريالاً سعودياً في اليوم، بينما ارتفعت الأسعار بشكل جنوني.. بالكاد نؤمن وجبة الإفطار، أما السحور فقد يكون رفاهية".
في تعز، يصف بدر الصبري متطلبات رمضان بأنها حلم بعيد المنال، مشيراً إلى أن الأسعار ارتفعت بنسبة 70% عن العام الماضي، وحتى الغاز المنزلي أصبح الحصول عليه معضلة كبرى، مما زاد من معاناة الأسر الفقيرة.
وفي صنعاء، الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي، لا يقتصر الأمر على ارتفاع الأسعار، بل يمتد إلى اختفاء بعض السلع الأساسية بسبب القيود التي تفرضها المليشيا؛ يقول المواطن عبدالله أحمد:
"الأسواق فارغة من العديد من السلع المعتادة في رمضان، والأسعار مرتفعة بشكل يفوق قدرة الناس.. كثيرون يفضلون تجنب الأسواق لأنهم لا يستطيعون الشراء".
حكومة غائبة.. ومعالجات مفقودة
ورغم هذا الواقع القاسي، تغيب الجهات الرسمية عن المشهد، إذ رفض مكتب الصناعة والتجارة في تعز الرد على استفسارات الصحفيين بشأن أسباب ارتفاع الأسعار، في وقتٍ يتفاقم فيه الوضع المعيشي دون أي حلول تلوح في الأفق.
شهر بلا حلول.. ومعاناة بلا نهاية
وسط هذا المشهد القاتم، دخل اليمنيون رمضان محملين بأعباء تفوق قدرتهم على التحمل، بينما يواصل الغلاء نهشه لقوتهم اليومي، في واقع لم يعد يرحم.